مع الإخوان 
صالح احمد الورداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عاصرت جماعة الاخوان في مصر وفي الكويت وكنت على صلة بالعديد من قيادات الجماعة  القديمة ورموزها في فترة السبعينيات..

وقد انتدبوني مرات عديدة لخطبة الجمعة في المساجد التابعة لهم في القاهرة..
وعملوا على استقطابي..
عند الاخوان الولاء للجماعة مقدم على كل شئ حتى الدين..
وهو ما دفع بهم الى التحالف مع الطغاة والعملاء من أجل الحفاظ على الجماعة..
والتحالف مع الأحزاب العلمانية مثل حزب العمل وحزب الوفد في عهد اللامبارك..
وقد ألقوا بأنفسهم في أحضان آل سعود وحكام الخليج بعد أن ضربهم عبد الناصر ..
وألقوا بأنفسهم في أحضان  ملوك الاردن العملاء..
وألقوا بأنفسهم في أحضان صدام حسين بعد أن ضربهم حافظ الأسد في سوريا..
وألقوا بأنفسهم في أحضان البشير المخلوع في السودان.. 
وألقوا بأنفسهم في أحضان عميل آل سعود عبد ربه مقهور ووقفوا  معه ضد الحوثيين.. 
ثم ألقوا بأنفسهم مؤخرا في أحضان اردوغان بعد أن ضربهم السيسي..
وكل ذلك من أجل مصلحة الجماعة لا مصلحة الدين..
الا انهم لم يستفيدوا من دروس الماضي.. 
وقد قرر الاتراك طردهم اليوم كما طردوا من قبل من مواطن كثيرة.. 
وكان القطبيون اذكى منهم بلجوءهم لدول اوربا منذ البداية.. 
وقد شارك الاخوان في الحملة الضارية ضد الشيعة أثناء الحرب العراقية الايرانية..
وعلى الرغم من تأريخهم الأسود احتضنتهم الجمهورية الإسلامية..
وهى لا تزال تحترمهم وتقدسهم ..
وهو موقف حزب الله اللبنانى بالتبعية أيضاً..
وتلك هى مقتضيات السياسة التي تقوم على المصالح وتدوس القيم..
ويمكن القول أن الإخوان مروا بثلاث مراحل :
الأولى هى المرحلة الملكية.. 
والثانية هى المرحلة الجمهورية..
والثالثة هى المرحلة النفطية..
أما المرحلة الملكية فهى مرحلة حسن البنا المؤسس الذي بدأ دعوته عام 1928م في مدينة الإسماعيلية  -نسبة للخديوي اسماعيل -مقر إدارة قناة السويس ومعقل الانجليز..
وتلقى حسن البنا أول دعم لجماعته من قائد الانجليز في الإسماعيلية وهو مبلغ خمسمائة جنيه..
وهو مبلغ كبير في تلك الفترة..
وكان الإخوان في هذه المرحلة في حالة تحالف مع القصر..
وفي مناسبة عيد ميلاد الملك فؤاد كان البنا يخرج مع الاخوان وهم  يهتفون : نحن جنودك يامولاي..
والبنا مع كبار الإخوان يذهبون في كل عام لقصر عابدين ليوقعوا في دفتر التشريفات..
وأسس البنا ما سمى بالتنظيم السري الذي قام أحد عناصره باغتيال النقراشي باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية في 1948/12/28م ..
واغتيل البنا بعدها في عام 1949م..
وصدر بعدها قرار بحل جماعة الإخوان..
وفي عام 1951م جاء حزب الوفد للحكم  وكان على صلة بالإخوان..
وانتهز الإخوان الفرصة وطلبوا من الوفديين التوسط لهم لدى الملك فاروق من أجل عودة الإخوان ورفع الحظر عن الجماعة..
ووافق فاروق على شرط أن يختار المرشد بنفسه..
وقدم الإخوان للملك مجموعة من الأسماء المرشحة لمنصب المرشد..
واختار الملك من بينهم حسن الهضيبي..
ولم يكن الهضيبي له تأريخ مع الاخوان وكان من عائلة ارستقراطية..
وهنا بدأ الشقاق وانقسم الإخوان الى قسمين :
قسم مع الهضيبي..
وقسم ضده..
وبهذا انتهت المرحلة الملكية..
وبدأت المرحلة الجمهورية  وظهر عبد الناصر والإخوان على هذا الحال من الشقاق والخلاف..
واستغل عبد الناصر حالة الإخوان وتمكن من استمالة عدد من قيادات مكتب الإرشاد..
وكان على رأس هذه القيادات عدد من رجال الأزهر منهم الشيخ محمد حسن الباقوري والشيخ محمد الغزالي والشيخ السيد سابق بالإضافة الى عبد العزيز كامل و عبد الرحمن السندي رئيس التنظيم السري للإخوان..
ودخل عبد الناصر في صدام مع مجموعة الهضيبي..
وانتهى هذا الصدام بتصفية جماعة الإخوان وتقديم الهضيبي ومجموعته لمحكمة الشعب التى كان يرأسها جمال سالم وانور السادات وحسين الشافعي..
وفر من فر منهم فيما بعد نحو الخارج..
وكان فرار عناصر الهضيبي نحو السعودية ودول الخليج..
وكان فرار أتباع سيد قطب نحو اوربا سيراً مع المعتقد القطبي الذي لا يجيز التعامل مع الحكومات الكافرة..
وكانت المحكمة العسكرية قد اصدرت حكمها بالإعدام على الهضيبي والمستشار عبد القادر عوده وكيل الجماعة ويوسف  طلعت الذي ترأس التنظيم السري بعد السندي ومحمود عبد اللطيف الذي اتهم بلإطلاق النار على عبد الناصر  وهو يخطب في ميدان المنشية بالاسكندرية في 26/10/1954
وغيرهم..
وتم استثناء الهضيبي من حكم الإعدام ليتحول للسجن المؤيد..
وحكم بالسجن على بقيتهم وعلى رأسهم سيد قطب..
وفي داخل السجن بدأت أفكار سيد قطب في البروز..
ومال إليها شباب الاخوان..
وهو ما شكل إزعاجاً كبيراً للهضيبي وكبار الاخوان..
إلا أن عبد الناصر قرر الإفراج عن الهضيبي ومجموعته في أواخر الخمسينيات ومعهم سيد قطب..
وعاد الإخوان للنشاط مرة أخرى ولكن هذه المرة بزعامة سيد قطب..
 وتم القبض على الإخوان من جديد عام 1965م وقدموا للمحاكمة العسكرية التي أصدرت حكمها بالإعدام على سيد قطب وتسعة من رفاقه..
وتقدم ثمانية من المحكوم عليهم بالإعدام بالتماس لعبد الناصر للعفو عنهم بينما رفض قطب وزميله الشيخ فرغلي تقديم هذا الالتماس..
ونفذ حكم الإعدام في قطب وفرغلي وتحول حكم الإعدام على الثمانية الآخرين للسجن المؤيد..
وروى لى أحد عناصر الإخوان أن الإخوان كانوا يطلون من نوافذ الزنازين  على قطب وهو مساق لتنفيذ حكم الإعدام هاتفين : الى الجحيم ياقطب..
أما ما نشره الإخوان فيما بعد عن قصص التعذيب في السجون على يد رجال عبد الناصر ففيه مبالغة وتهويل..
والطريف أن الإخوان لم يمكثوا في السجن سوى  سنوات قليلة حتى جاء السادات فأطلق سراحهم..
ودخل الإخوان في تحالف مع السادات ضد خصومه من الناصريين واليساريين وغيرهم..
إلا أن هذا التحالف انتهى في النصف الثاني من السبعينيات خاصة بعد ظهور الجماعت الإسلامية الجهادية والسلفية والتكفيرية واتجاهه للصلح مع الكيان الصهيوني..
واصطدم السادات بالإخوان وتيارات المعارضة وقرر تصفية الجميع في ايلول من عام 1981م وتم اغتياله في الشهر التالي من قبل عناصر الجهاد..
و كنت من بين المعتقلين مع الاخوان في تلك الفترة التي سبقت اغتيال السادات..
ومع السادات واللامبارك دخل الإخوان المرحلة النفطية حيث تواترت عليهم الأموال وأقاموا العديد من المؤسسات وأصبحوا من القوى المؤثرة اقتصاديا..
وتضخموا في عهد اللامبارك تضخماً كبيراً..
وأسهم ذلك في تمكنهم وانتشارهم بين المصريين..
وكان هناك تحالف خفي بين الاخوان واللامبارك..
إلا أنهم ارتكبوا الخطأ الأكبر بدخولهم في لعبة الربيع العربي.. 
وركوب الموجة التي أوصلتهم للحكم وفي النهاية أهلكتهم..

* للتوسع في امر الاخوان انظر كتابنا : السيف والطاغوت مصر بين الاخوان والسلفية..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح احمد الورداني

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/03/27



كتابة تعليق لموضوع : مع الإخوان 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : نجاح العطية الربيعي ، في 2021/03/27 .

الى الكاتب صالح الورداني اتق الله فيما تكتب ولا تبخس الناس اشياءهم

الاخ الكاتب صالح الورداني السلام عليكم اود التنبيه الى ان ما ذكرته في مقالك السردي ومقتطفات من تاريخ الاخوان المسلمين هو تاريخ سلط عليه الضوء الكثير من الكتاب والباحثين والمحللين لكنني احب التنبيه الى ان ماذكرته عن العلاقة الحميمة بين الاخوان والجمهورية الاسلامية ليس صحيحا وقد جاء في مقالك هذا النص
(وعلى الرغم من تأريخهم الأسود احتضنتهم الجمهورية الإسلامية..
وهى لا تزال تحترمهم وتقدسهم ..
وهو موقف حزب الله اللبنانى بالتبعية أيضاً..
وتلك هى مقتضيات السياسة التي تقوم على المصالح وتدوس القيم)!!!!؟؟؟
ان هذا الكلام يجافي الحقائق على الارض ومردود عليك فكن امينا وانت تكتب فانت مسؤول عن كل حرف تقوله يوم القيامة فكن منصفا فيما تقول (وقفوهم انهم مسؤولون) صدق الله العلي العظيم فالجمهورية الاسلامية لم تداهن الاخوان المسلمين في اخطاءهم الجسيمة ولا بررت لهم انحراف حركتهم بل انها سعت الى توثيق علاقتها ببعض الشخصيات التي خرجت من صفوف حركة الاخوان الذين قطعوا علاقتهم بالحركة بعد ان فضحوا انحرافاتها واخطاءها وتوجهاتها وعلاقتها المشبوهة بامريكا وال سعود وحتى ان حزب الله حين ابقى على علاقته بحركة حماس المحسوبة على الاخوان انما فعل ذلك من اجل ديمومة مقاومة العدو الصهيوني الغاصب ومن اجل استمرار حركات المقاومة في تصديها للكيان الغاصب رغم انه قد صارح وحذر حركة حماس باخطاءها واستنكر سلوكياتها المنحرفة حين وقفت مع الجماعات التكفيرية الداعشية المسلحة في سوريا ابان تصدير الفوضى والخريف العربي الى سوريا وجمد علاقته بالكثير من قياداتها وحذرها من مغبة الاندماج في هذا المشروع الارهابي الغربي الكبير لحرف اتجاه البوصلة وقلبها الى سوريا بدلا من الاتجاه الصحيح نحو القدس وفلسطين وقد استمرت بعدها العلاقات مع حماس بعد رجوعها عن انحرافها فعن اي تقديس من قبل ايران لحركة الاخوان المجرمين تتحدث وهل ان مصلحة الاسلام العليا في نظرك تحولت الى مصالح سياسية تعلو فوق التوجهات الشرعية وايران وحزب الله وكما يعرف الصديق والعدو تعمل على جمع كلمة المسلمين والعرب وتحارب زرع الفتنة بينهم لا سيما حركات المقاومة الاسلامية في فلسطين وانت تعرف جيدا مدى حرص الجمهورية الاسلامية على الثوابت الاسلامية وبعدها وحرصها الشديد عن الدخول في تيار المصالح السياسية الضيقة وانه لا شيء يعلو عند ايران الاسلام والعزة والكرامة فوق مصلحة الاسلام والشعوب العربية والاسلامية بل وكل الشعوب الحرة في العالم ووفق تجاه البوصلة الصحيح نحو تحرير فلسطين والقدس ووحدة كلمة العرب والمسلمين وان اتهامك لايران بانها تقدس الاخوان المجرمين وتحتضنهم وترعاهم فيه تزييف وتحريف للواقع الميداني والتاريخي (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) فاطلب منك توخي الدقة فيما تكتب لان الله والرسول والتاريخ عليك رقيب واياك ان تشوه الوجه الناصع لسياسة الجمهورية الاسلامية فهي دولة تديرها المؤسسات التي تتحكم فيها عقول الفقهاء والباحثين والمتخصصين وليست خاضعة لاهواء وشهوات النفوس المريضة والجاهلة والسطحية وكذلك حزب الله الذي يدافع بكل قوته عن الوجود العربي والاسلامي في منطقتنا وهو كما يعرف الجميع يشكل رأس الحربة في الدفاع عن مظلومية شعوبنا العربية والاسلامية ويدفع الاثمان في خطه الثابت وتمسكه باتجاه البوصلة الصحيح وسعيه السديد لعزة العرب والمسلمين فاتق الله فيما تكتبه عن الجمهورية الاسلامية الايرانية وحزب الله تاج راس المقاومة وفارسها الاشم في العالم اجمع اللهم اني بلغت اللهم اشهد واتمنى ان يقوي الله بصيرتك وان يجعلك من الذين لا يخسرون الميزان (واقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) صدق الله العلي العظيم والسلام عليكم

الباحث نجاح العطية الربيعي




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net