إمامٌ.. في بطن أمّه.. سنوات!!
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
 
احتجّ سماحة المرجع الشيخ الوحيد الخراساني في آخر ما نشرنا من أبحاثه على المخالفين بروايةٍ عندهم استفادوا منها أنّ مدة الحمل قد تصل إلى سنتين.
 
وسماحة الشيخ كسائر علماء الشيعة جميعاً لا يقرّون بهذا القول، فقد اتّفقت كلمتهم قاطبة على بطلانه!
 
قال الشهيد الثاني رحمه الله عن أقصى مدة الحمل: أطبق أصحابنا على أنها‌ لا تزيد عن سنة (مسالك الأفهام ج‌8 ص374).
 
وفي الخبر عندنا أنّه لما سئل إمامنا الباقر عليه السلام: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ رُبَّمَا بَقِيَ فِي بَطْنِهَا سِنِينَ؟
فَقَالَ: كَذَبُوا (الكافي ج6 ص52)
 
وإنّما لم ينبّه سماحة الشيخ الوحيد على ذلك، ولم نُشِر إليه فيما نشرنا، لأنّنا لا نعمل بهذا الأخبار التي رووها، ومدة الحمل لا يمكن أن تكون سنتين أبداً عندنا.
 
والرواية التي ذكرها سماحته مرويةٌ في كتب العامة لا في كتبنا.. وإنما نستشهد بها في مقام الإحتجاج عليهم بما رووا حول مقدار علم خليفتهم الثاني.
 
وقد رواها البيهقي والدارقطني والقرطبي والشنقيطي وابن عساكر وغيرهم..
 
وقد التزموا فعلاً بمفادها! وذهبوا إلى أنّ أقصى مدة الحمل قد تكون سنتين! بل ثلاثة! بل أربعة! بل ذهب بعضهم أن ليس هناك مِن حَدٍّ لأقصى مدة الحمل!
 
وذكروا في مناقب أئمة مذاهبهم أن منهم من وُلِدَ لسنتين أو ثلاثة! كمالك!
 
وأنّ من الأطفال من يولد لأربع سنوات! ويكون شعره قد نما! وأسنانه قد ظهرت! بل بعضهم ولد متكلماً لطول الأمد في بطن أمه!
 
وهذه نماذج كلماتهم في ذلك:
 
قال البيهقي بعد ذكر الخبر:
 
وهذا ان ثبت ففيه دلالةٌ على أن الحمل يبقى أكثر من سنتين.
وقول عمر رضي الله عنه في امرأة المفقود تربص أربع سنين يشبه أن يكون إنما قاله لبقاء الحمل أربع سنين - والله أعلم - (السنن الكبرى ج7  ص443)
 
وقال القرطبي بعد ذكره للخبر:
 
قال الضحاك : وضعتني أمي وقد حملت بي في بطنها سنتين ، فولدتني وقد خرجت سني.
 
ويذكر عن مالك أنه حمل به في بطن أمه سنتين، وقيل: ثلاث سنين.
 
ويقال: إن محمد بن عجلان مكث في بطن أمه ثلاث سنين..
 
وقال حماد بن سلمة: إنما سمي هرم بن حيان هرماً لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين.
 
وذكر الغزنوي أنّ الضحاك ولد لسنتين، وقد طلعت سنه فسمي ضحاكا.
عباد بن العوام: ولدت جارة لنا لأربع سنين غلاما شعره إلى منكبيه، فمر به طير فقال: كش . (الجامع لأحكام القرآن - تفسير القرطبي ج9 ص288)
 
وقال الشنقيطي بعد ذكر الخبر:
 
أظهر الأقوال دليلاً أنه لا حد لأكثر أمد الحمل وهو الرواية الثالثة عن مالك كما نقله عنه القرطبي لأن كل تحديد بزمن معين لا أصل له ولا دليل عليه، وتحديد زمن بلا مستند صحيح لا يخفى سقوطه والعلم عند الله تعالى . (أضواء البيان ج2  ص228)
 
وكلماتهم في هذا المعنى أكثر من أن تُحصى، وإنما ذكرنا ما عقبوا به على الرواية محل الشاهد.
 
فليتأمّل متأمِّلٌ في ما يحتمله هذا القول عندهم:
 
- إما جهلٌ لا حدَّ له كحال خليفتهم الثاني! وابتداعٌ في أمور الدين!
 
- وإمّا تغطيةٌ على حال أمّهات أئمتهم ورموزهم! واعتبارُ السَّقطات كرامات!
 
نستجير بالله من سوء العاقبة.
 
والحمد لله رب العالمين

الموضوع السابق العولمة والعالمية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat