رسالة الحقوق للامام زين العابدين عليه السلام
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حق الصلاة
تتمة كيفية تحصيل الخشوع ...
2 ـ الإلتزام بالآداب الجوارحية للصلاة :
حرص الشارع الأقدس على سن آداب خاصة للجوارح لتجعل المصلي في جو أكثر إقبالا على الصلاة و أكثر تأملا فيما يقول كما يكون بالالتزام بها أبعد ما يمكن عن تشتت الفكر و شرود الذهن فيما لو حافظ عليها .
بل إن الالتزام بهذه الآداب هي الخشوع الظاهري ، قال الطبرسي (رحمه الله) في ذيل قوله تعالى " والذين هم في صلاتهم خاشعون" أي خاضعون متواضعون متذللون، لا يرفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم، ولا يلتفتون يمينا ولا شمالا " (1) " .
فمن آداب العين النظر الى موضع السجود إذا كان المصلي في حال الوقوف كما تقدم .
والنظر الى الحجر في حال التشهد
وبين السجدتين كما روي عن الامام الرضا ( عليه السلام ) : " ويكون نظرك في وقت السجود الى الأنف
وبين السجدتين في حجرك وكذلك وقت التشهد " (2) .
ومن آداب اليد : استحباب وضع اليدين على الفخذين قبال الركبتين اليمنى على اليمنى و اليسرى على اليسرى حال القيام ووضعهما على الفخذين حال الجلوس ، وترك فرقعة الأصابع .
ومن آداب الفم واللسان الترتيل أي القراءة بتأني وتبيين الحروف بصورة واضحة في كل كلمة و كراهة التثاؤب .
هذه بعض الآداب الجوارحية وللمزيد من التفصيل مراجعة الكتب الفقهية .. والالتزام بهذه الاداب تحقق درجة من الحضور القلبي .
3 ـ التأمل في أفعال الصلاة وأقوالها :
ما من فعل أو قول في الصلاة بل
وما من حركة وسكنة فيها إلا و لها فلسفة خاصة .
ولكي يكون المصلي خاشعا لا بد من أن يطلع على فلسفة ما يقوم به من حركات و يتأمل في معاني ما يتلفظ به من كلمات .
ولأن المقام لا يناسب التفصيل في كل ذلك سنقتصر على ذكر بعض ما ورد في السجود .
لا بد أن يكون السجود بإطمئنان وتمكين للجبهة والراحتين والركبتين والإبهامين, ثم يبدأ بالذكر الواجب والمستحب "فما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجداً, لأنَّه أُمر بالسجود فعصى و هذا أمر بالسجود فأطاع فنجا "(3). وفي النبويّ الباقري (عليه السلام) قال: " لمن خفّف سجوده، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): نقر كنقر الغراب، لو مات على هذا مات على غير دين محمّد " (4) .
ولا يكون السجود إلا بأكرم ما عند المصلي و هوالجبهة التي هي عند أعلى صفحة وجهه على التراب الذي يداس بالأقدام . فأكرم ما عند الإنسان رأسه, وأكرم ما فيه الجبهة وهذا منتهى التذلل لله و التقرب اليه ( عز وجل) . و على المصلي أيضا أن يستحضر عند سجوده أنَّه خُلق من التراب, فإذا رفع رأسه منه, من الأرض لسان حاله يقول : أخرجتني, وفي السجدة الثانية, إلى الأرض تخرجني مرَّة أخرى. قال الله تعالى: " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أُخرى " (5) .
وأما عن فلسفة كون السجود في الصلاة مرتين والركوع مرة واحدة فقد روي إن أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) سئل عن ذلك فقال: إذا سألت عن شيء ففرغ قلبك لتفهم .
أن أول صلاة صلاها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك و تعالى قدام عرشه جل جلاله. و ذلك أنه لما أسري به و صار عند عرشه تبارك و تعالى ..
الى أن قال ( الله ) : اركع يا محمد لربك فركع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له و هو راكع: قل سبحان ربي العظيم و بحمده ففعل ذلك ثلاثا، ثم قال: ارفع رأسك يا محمد ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقام منتصبا بين يدي الله فقال: اسجد يا محمد لربك فخر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ساجدا فقال: قل: سبحان ربي الأعلى و بحمده ففعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثا فقال: استو جالسا يا محمد ففعل فلما استوى جالسا ذكر جلال ربه جل جلاله فخر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمره ربه عز و جل فسبح أيضا ثلاثا فقال: انتصب قائما ...الى نهاية الرواية " (5)
مما تقدم يفهم قوله صلى الله عليه و آله : "إن الرجلين من امتي يقومان في الصلاة ، و ركوعهما وسجودهما واحد ، و إن ما بين صلاتيهما مثل ما بين السماء و الأرض" .(6)
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat