صفحة الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

فلسفةُ الصلاةِ على محمدٍ وآلِ محمدٍ ، والتسليمِ: تحقيقٌ وحقيقةٌ متروكةٌ:
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نُطالِعُ بين حينٍ وآخرَ منشوراتٍ تدعو إِلى (الصلاةِ على محمدٍ) ، أَو إِلى (الصلاةِ على محمدٍ وآلِ محمدٍ) وهو شرفٌ للناطقِ بها ولكاتبِها العاملِ بها ، ولكنَّ الناشرَ يجعلُها ثمنًا لأَجرٍ مُنتظَرٍ بحصولِ بشارةٍ قريبةٍ مقابلَ نُطقِها ، أَو كتابتِها !

فمِن أَينَ تحصَّل له من عِلْمِ الغَيبِ أَنَّ مُنشِئَها سينالُ (تلكَ البِشارةَ) ؟ ولماذا نَجعلُ إِنشاءَها مرهونًا بأَجرِها وانتظارِ بشارةٍ عنها ؟!

نحن (نقولُها ، ونكتبُها) ولا ننتظِرُ بشارةً ؛ فبشارتُها الكُبرىٰ رضا اللٰهِ تعالى ؛ وهل تجِدُنا نَتوقفُ عنها إِذا لم تأتِنا بشارةٌ معيَّنةٌ ننتظرُها أَو لا نحتسبُها ؟!

إِنَّ الصلاةَ على محمدٍ وآلِ محمدٍ فلسفةُ وجودٍ ، وأَمرٌ إِلٰهيٌّ لازمٌ بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ اللٰهَ وملائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبيِّ يا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا صَلُّوا عليهِ وسلِّموا تَسليمًا﴾ [الأحزاب/٥٦].

وهي لا تُقامُ بالنطقِ أَوِ الكتابةِ فحسبُ ، بل هي ولاءٌ دِينيٌّ من عقْدِ الصلةِ الولائيةِ بالنبيِّ محمدٍ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) وبآلِ بيتِه (عليهِمُ السلامُ) بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّما ولِيُّكُمُ اللٰهُ ورسولُهُ والَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ ويُؤتونَ الزَّكاةَ وهُم راكِعونَ﴾ [المائدة/٥٥] ، وقولِه تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَطيعُوا اللٰهَ وأَطيعُوا الرَّسولَ وأُولِي الأَمرِ منكُم فإِن تَنازَعتُم في شيءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللٰهِ والرَّسولِ إِنْ كُنتُم تُؤمِنونَ بِاللٰهِ واليَومِ الآخِرِ ذلكَ خيرٌ وأَحسنُ تأويلًا﴾ [النساء/٥٩] ، ومِن التسليمِ والقَبولِ والطاعةِ والتنفيذِ.

إِنَّها - إِذًا - مرحلتان متلازمتانِ هما:

١- عقْدُ الصلةِ الولائيةِ الحقِّ بالنبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) منَّ كلِّ مؤمنٍ.

٢- التسليمُ المطلَقُ بما جاء به النبيُّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ، وطاعتُه ، وتنفيذُه ، وتطبيقُه واقعًا بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿...وما آتاكُمُ الرَّسولُ فخُذوهُ وما نَهاكُم عنهُ فانتَهوا واتَّقُوا اللٰهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ [الحشر/٧] ، وقولِه تعالى: ﴿فلا وربِّكَ لا يُؤمِنونَ حتَّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بينَهُم ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمَّا قَضَيتَ ويُسَلِّموا تَسليمًا﴾ [النساء/٦٥].

فليس المقصودُ بـ﴿ويُسَلِّموا تَسليمًا﴾ السلامَ أَوِ التحيةَ كما في قولِه تعالى: ﴿...فإِذا دَخلتُم بُيوتًا فسَلِّموا على أَنفُسِكُم تحيَّةً مِن عِندِ اللٰهِ مُباركةً طيِّبةً ...﴾ [النور/٦١] ، وقولِه تعالى: ﴿وإِذا جاءَكَ الَّذينَ يُؤمنونَ بِآياتِنا فقُل سَلامٌ علَيكُم...﴾ [الأنعام/٥٤] بما يرىٰ تفسيرَها السطحيَّ مَن يراه ؛ فاللٰهُ تعالى لم يقُل: (ويُسلِّمُوا سلامًا) ، وإِنْ كانتِ التحيةُ تُشرِّفُ صاحبَها ، ولكنها لا تعني ولاءً وتنفيذًا ؛ فكثيرٌ من الذين يُسلِّمون على النبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) بتحيةٍ ولٰكنَّهم على عِصيانٍ علنيٍّ ومخالفةٍ علنيةٍ له ؛ فلا هم يرَونَه وليَّهم بعد اللٰهِ ، ولا هم يأخذُون بما أَتىٰ به ولا ينتَهون عمَّا نهىٰ عنه ، ولا هم يُحكِّمونَه بقرآنِه وسُنَّـتِه فيما شجرَ بينهم ، ولا هم واثقون بقضائِه ، ولا هم يُسلِّمون له (خاضعين ، راضين ، منفِّذين) تسليمًا.

صِلتي ، وهُوِيَّـتي وفلسفةُ حياتي بأَنْ أُصلِّيَ عليكَ سيدي يا رسولَ اللٰـهِ ، وأُسلِّمَ لكَ تسليمًا وولاءً وخضوعًا آخذًا بما أَتيتَ به مُنتهيًا عمَّا نَهَيتَ عنه.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/22



كتابة تعليق لموضوع : فلسفةُ الصلاةِ على محمدٍ وآلِ محمدٍ ، والتسليمِ: تحقيقٌ وحقيقةٌ متروكةٌ:
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net