الزواج مطلب فطري... ما هي عقباته؟ ( 4 )
الشيخ عبد الرزاق فرج الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ عبد الرزاق فرج الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ثانيا: هناك من يواجه ما يواجه من عقبات مادية يخلقها المحيط الاجتماعي فيحول بينه وبين تحقيق مطامحه في بناء الأسرة الزوجية، وهذه العقبات المادية في جانب منها يرجع الى العجز الذاتي الذي تمر به طبقة من الناس الذي لا يملكون نفقات مشروع الزواج، وفي جانب منها: يرجع الى التعجيز، مما يرسمه اولياء الأمور أمام الخاطبين من مغالاة في المهور، فيجد الخاطبُ نفسه أمام شبح هائل من المطالب المادية المرهقة، بالرغم من تمكنه من توفير المطالب والنفقات الإعتيادية.
اما ما يرجع الى العجز الذاتي عن الكلفة الإعتيادية للزواج فقد حثت الشريعة اصحاب البر والخير على المساهمة العملية في تسهيل مشاريع الزواج، ودأبت على احياء روح التعاون على تزويج من يريد الزواج.
جاء في باب تزويج المعسر (عن سهل بن سعد الساعدي، قال: جاءت امرأة الى رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله - فقالت له: يا رسول الله، جئت أهبُ لك نفسي، قال: فنظر اليها رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله - فيصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله - رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقضِ فيها شيئا جلست.
فقام رجلٌ من أصحابه فقال: يا رسول الله ان لم يكن لك فيها حاجة فزوجنيها، فقال: وهل عندك شيء؟ قال: لا والله يارسول الله فقال: اذهب الى أهلك فانظر هل تجد شيئا؟ فذهب ثم رجع فقال: لا والله يارسول الله ما وجدت شيئا، فقال رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله -: انظر ولو خاتما من حديد، فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد، ولكن هذا إزاري.
قال سهل: ما له رداء فلها نصفه، فقال رسولُ الله - صلى اللهُ عليه وآله -: ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وان لبسته لم يكن عليك منه شيء، فجلسَ الرجلُ حتى اذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله - موليا فأمر به فدعي فلما جاء قال: فماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا عددها، فقال: تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم قال: اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن. صحيح البخاري 7/7 هذه المحاولة من رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله - تعتبر درسا تربويا للأمة من اجل تيسير وتسهيل هذا المشروع بالمال وغيره من أشكال العون.
(وعن الصادق عليه السلام، قال: قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: أفضلُ الشفاعات أن تشفعَ بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما. وعن ابي عبد الله عليه السلام قال: اربعة ينظر الله اليهم يوم القيامة من أقال نادما، أو أغاث لهفانا، أو أعتق نسمة، أو زوّج عريانا. الوسائل 20/45-46). ومن لفتات هذا الحديث ان سمى الأعزب عريانا والعريان هو من لا لباس له يستره، فيعتبر الزواج لباسا ساترا كما قال تعالى: (هُنَّ لِباسٌ لكُم وَأَنتُم لِباسٌ لهُنَّ..) البقرة/187.
وأما ما يرجع الى ما يضعه اولياء الأمور من عقبات تعجز الخاطب عن تحقيق مطامحه في بناء اسرته الزوجية، رغم تمكنه ذاتا أو اعانة من توفير مطاليب الزواج الاعتيادية، فناهيك عما يضعه المجتمع من طلبات تعجيزية امام الخاطبين.
وهذه الطلبات في جانب منها اجتماعية، إذ ان اول ما يوضع على بساط البحث من السؤال عن اسم الخاطب، وعن اي منصب يشغل من كراسي الادارات الرسمية او غير الرسمية؟ وهل يحمل شهادة معينة ومن أية جامعة؟ وكم يبلغ من العمر؟ واين موقع سكناه هل الريف ام المدينة؟ وعلى اي طراز بناء بيته؟ وهل يملك سيارة او تليفونا؟ وهل لديه والدان او اخوات ام لا؟ كل هذه الاسئلة او غيرها تطرح من قبل أولياء الأمور، ولم يكن للدين والخلق والسلوك نصيب من هذه الأسئلة.
فاذا ثبت - لا سمح الله - امر يخالف ذوق قرة عيونهم الغالية ساء حظ الخاطب، وتناسوا الحديث الشريف: (اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه ان لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) الوسائل 20/76.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat