صفحة الكاتب : صالح الطائي

مشيخة العهر القطرية واللعب على حبال الطائفية
صالح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا ينكر أن إمارة أو مشيخة أو قطر تمكنت في الآونة الأخيرة وبجهود قوى خارجية متمكنة وفاعلة من التسلل إلى مفاصل المجتمع العربي المهزوز لتسهم في تمرير طبخات تلك القوى من خلال التعامل مع فوضوية ما يعرف بالربيع العربي بما يخدم تلك القوى ومشاريعها. هذا الاختيار لم يأت بسبب منزلة هذه المشيخة أو مكانتها العالمية فهي لا تملك من أسباب القوة والتمكين شيئا باستثناء كتلة المال التي يوفرها لها البترول، وكثرة الانبطاح المخزي الذي تقدمه للكبار.
لقد لمسنا تأثير الحراك القطري على الساحة العراقية قبل وأثناء وبعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003 ويخطيء كثيرا من يقلل من أهمية هذا الدور التخريبي الذي لا يقل تدميرا عن الغزو العسكري نفسه بما وضعها في خانة أعداء العراق لأنها أسهمت فعليا في الغزو وفي مد قوى الإرهاب بالمال والسلاح والدعم اللوجستي والإعلامي وحتى الغطاء الديني بالرغم من كونها برجالها ونظامها وأسلوب حياتها وعلاقاتها من أبعد خلق الله عن الدين والتدين. وعليه تبدو الحكومة العراقية غبية وغير وطنية ولا حريصة على العراق إذا لم تجاهر بإدانة تلك المواقف والتعامل مع القطريين كأعداء حقيقيين، وعدم التهاون معهم بهذا الشأن لأي سبب كان.
ثم لمسنا تأثير حراك المشيخة على ساحة بلدان الربيع العربي بقسميها الخليجي والشمال أفريقي وصولا إلى الحالة السورية، فبجهودها وئدت الثورة البحرينية بعد أن ألبستها ثوب الطائفية، وحرفت الثورة اليمنية دفاعا عن مصالحها الطائفية، وأجهضت الثورة الليبية بعد أن نقلت آلاف الأطنان من الأسلحة وألقت بها بين أيدي الشباب في المدن الليبية، ونشبت أظفارها في الثورة التونسية، ولونت الثورة المصرية بالألوان التي تخدمها وتخدم أسيادها بما يجعل أرض الكنانة مهيأة للانفجار في أي لحظة. وتعمل اليوم جاهدة لتحويل الأرض السورية إلى دولة (السفياني الموعود) الذي يحمل على عاتقه مشروع تخريب الأمة المسلمة بكل حدودها الجغرافية.
المدهش أن المشيخة لا تستحي من إعلان مواقفها بصراحة وعلنا بما يدعو إلى الاستغراب، والأكثر دهشة أن الآخرين يسكتون عنها ولا يردون عليها وهم يرونها تنهش أعراضهم وأجسادهم بشماتة ودونية ولئامة سببها الشعور بعقدة النقص، وهي إن تبدو ساكتة عن هذا الوضع أو ذاك فإنها تتعمد الإعلان عن مواقفها الخبيثة تجاه العراق وسوريا، وبما يخص الجانب العراقي نراها تنتقد الحكومة المنتخبة وتتهمها بالطائفية لمجرد أن رئيس الوزراء العراقي شيعي المذهب، في وقت يعلم فيه الجميع أن السنة وباقي مكونات المجتمع العراقي يشتركون في إدارة شؤون العراق بعدد يزيد كثيرا على عدد الشيعة، وفي مناصب يعلو بعضها على مركز رئيس الوزراء كما هو رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية، وكأنها تريد القول أنه لا يجوز للشيعة أن يستلموا منصبا سياديا في العراق لأنهم ليسو عراقيين!
وفي الوقت الذي تحامل فيه بعض العرب على أنفسهم وحضروا مؤتمر القمة، وجاء البعض الآخر فرحا مؤمنا بوجوب المشاركة، وحاول القسم الثالث التقليل من أهمية المؤتمر بتقليل درجة تمثيله، تعمدت المشيخة تجاهل المؤتمر وإهانته ثلاث مرات الأولى: يوم رشحت  ممثلها ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية لتمثيلها فيه. 
الثانية: أن هذا الممثل البسيط هو أسامة ابن الشيخ يوسف القرضاوي المتحامل على الشيعة إلى درجة التكفير.
الثالثة: تعمدها الإشارة إلى هذه الإهانة والتركيز عليها بعد رأت الجانب العراقي ابتلعها مكرها جبرا لخواطر باقي العرب لا جبنا، بأن أعلن وزير خارجيتها المدعو (حمد بن جاسم) يوم الخميس 29 آذار 2012  "أن قطر لم تقاطع القمة العربية في بغداد لكنها حاولت إرسال رسالة للعراقيين، بأنها لا تتفق مع ما يحدث من تجاهل لبعض الفئات في العراق ومنها السنة"
وحينما سكت غالبية العرب عن قضية المتهم طارق الهاشمي وعدوها شأنا داخليا عراقيا، تطوعت المشيخة بكل وقاحة وصلافة وجرأة وقلة أدب لتعلن موقفها المساند له رغم أن وزارة الداخلية العراقية أعلنت في 30 كانون الثاني 2012 عن اعتقال (16) شخصاً من حماية الهاشمي، وأكدت من خلال الاعترافات العلنية المسجلة أن المعتقلين متهمون بتنفيذ عمليات اغتيال ضد ضباط وقضاة ومدراء عامين وموظفين كبار، ومتهمون بتنفيذ عمليات تفجير إرهابية أودت بحياة مئات العراقيين الأبرياء، فضلا عن حصول الوزارة على اعترافات من احد معاوني المتهم الهاشمي أفاد من خلالها بأنه ينشط مع حزب البعث بقيادة الهاشمي. وقد اعترفت مجموعة حمايته بقيامهم بأعمال العنف بأوامر شخصية منه وبتكريم مادي للمنفذين. وتبعا لذلك أعلن مجلس القضاء الأعلى يوم 21 شباط 2012 عن إحالة قضية الهاشمي إلى المحكمة الجنائية المركزية في الكرخ، وتحديد يوم الثالث من أيار المقبل موعداً لمحاكمته غيابياً.
وقد تجاهلت المشيخة الغبية كل هذه الحقائق وتحدت الشعب العراقي والحكومة العراقية وقضاءها وسياستها ورجالها وعلمها ودستورها فقامت بتوجيه دعوة رسمية إلى المتهم الهاشمي لزيارة المشيخة بصفته نائبا لرئيس الجمهورية في نفس الوقت الذي اتهمت فيه الحكومة العراقية بالطائفية، ورفضت المشاركة في مؤتمر القمة بشكل لائق، هذه الدعوة لباها المتهم الهاشمي يوم الأحد 1 نيسان ضاربا بكل الحكومة العراقية وقوانينها عرض الحائط لأنها زيارة تؤسس إلى منهج تآمري جديد يبغي تحويل الهاشمي إلى رمز (سني) يتعرض للاضطهاد من الحكام الشيعة بسبب (سنيته) لا لكونه إرهابيا!!
نحن لا نستغرب التصرفات المنحرفة للحكومة القطرية، ولا تحدي المتهم الهاشمي لها بقدر استغرابنا من سكوتها وسكوت مجلس نوابها والقوائم الانتخابية والمرجعيات السياسية عن هذا الحراك المنحرف وهذه الزيارة المشينة التي لن تتمخض سوى عن مؤامرات جديدة تستهدف الإنسان العراقي وأرضه ومياهه وثروته ووجوده. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/03



كتابة تعليق لموضوع : مشيخة العهر القطرية واللعب على حبال الطائفية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 5)


• (1) - كتب : كامل الجبوري ، في 2012/04/04 .

العملية بالتناضر
اسرائيل عدوة الاسلام والعرب الشرفاء
صديق اسرائيل عدو الاسلام والعرب
قطر تقول ان اسرائيل بلد صديق
قطر تعمل على اسقاط العراق وسوريا
اذن قطر لقيطة بالتناضر مع اسرائيل

• (2) - كتب : صالح الطائي ، في 2012/04/04 .

الأستاذ الفاضل ناصر عباس المحترم
منذ ثمان سنين وأكثر والمواطن المغلوب على امره ينتظر هذا الموقف الحازم حتى نفد صبرنا ووهنت قوتنا
إن في حياتنا مئات المسائل العالقة التي تحتاج إلى موقف حازم
ولكن كما يقول مظفر النواب (منين اجيب زرار للزيجة هدل؟)
شكرا لمرورك ودمت بخير

• (3) - كتب : صالح الطائي ، في 2012/04/04 .

الأستاذ الفاضل عزيز كاظم المحترم
أشكرك واشكر اطرائك على موضوعي
لقد ظلمونا والله منذ ما يزيد على الأربعة عقود وكانوا السبب في كل المصائب التي حلت بنا
ولكن الله سبحانه عادل يمهل ولا يهمل
وبعدله سوف ينتقم لنا ولمن ظلم معنا من هؤلاء المجرمين في الوقت المناسب
وفي المحصلة لا يصح إلا الصحيح
دمت بخير

• (4) - كتب : ناصر عباس ، في 2012/04/04 .

وصول طارق الهاشمي الى قطر جعل المواطن العراقي يعتقد ان الحكومة غير قادرة على القاء القبض على الارهابيين وايضا ان قطر تريد بهذا الاجراء امتصاص نجاح العراق في ادارة القمة العربية ...
ننتظر موقفا حازما من الحكومة العراقية اتجاه امثال هؤلاء فان المواطن سينظر الى المواقف الحكومية ليحدد ما تسفر عليه الانتخابات القادمة التي تحلم كل دول المنطقة بها ....
شكرا استاذنا الرائع صلاح الطائي على هذا التحليل بارك الله فيكم



• (5) - كتب : عزيز كاظم ، في 2012/04/04 .

اجلاف الصحراء دائما ما يحاولون ان يجعلوا العراق مسرحا لعملياتهم حتى يبعدوا الانظار عن فضائهم المخزية ومن هؤولاء امير قطر وزوجته
لقد ابدعت بالتوصيف وشد القاري الى المقال




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net