هل نحتاج الى بيان رقم واحد؟
حيدر عباس الطاهر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حيدر عباس الطاهر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قالوا قديماً ان "اخر الدواء الكي" كثيرا ما ارتبط بيان رقم واحد مع انطلاق الثورات والاطاحة بالانظمة الاستبدادية ، ويكون بمثابة الإعلان عن حقبة جديدة تحمل تطلعات الشعوب المستضعفة المترقبة لتغير واقعها المظلم والتخلص من سنين الظلم والاستبداد . لكن سرعان ما تتحول الانقلابات الى نسخة محدثة من الحكم الدكتاتوري الذي سبقه وتتلاشى كل الشعارات والاهداف بين جدران القصور الفارهة والمناصب الساحرة ويكون هم قادتها الوحيد، كيفية الحفاظ على الكرسي وقمع كل ما من شأنه ان يهدد نظامهم العتيد . كم تمنينا كمثقفين وناشطين ان تهب علينا رياح التغيير في بلداننا العربية متأثرين بالتجارب الديمقراطية التي حدثت في اوربا وامريكا. وسلاسة التداول السلمي للسلطة وحكم الشعب لنفسه والتأسيس لدولة المؤسسات والتخلص من تراكمات الحكم الفاسد . وبعد ان تحقق الحلم بسقوط صنم الاستبداد في 4/9 /2003 والايذان بعصر جديد لحكم الشعب لنفسه وتطبيق كل النظريات العريقة في الديمقراطية والمساواة وقبول الاخر لمجتمع قابل للتغيير الايجابي ,,,وطي صفحة مظلمة من تاريخ دموي يعج بالانقلابات العسكرية وهيمنة البندقية على المشهد السياسي. لكن في واقع الحال اثبت للجميع ان لا تشابه للايديولجية العربية مع مثيلاتها من الافكار والقيم في بلدان العالم الاخرى اي بعبارة ادق انها غير قابلة للتغيير وتبني نهج ديمقراطي يقبل بمبدأ المشاركة في بناء الدولة والحكم الرشيد وقبول الرأي والرأي الاخر . من باب ان العقلية العربية وما تتبناه ليس وليدة الصدفة او انها اتت من فراغ، مستندة لتاريخ عريق ورسالة سماوية ختم الله بها الرسالات وتعاليم الدين الحنيف وحباها الله بقائد اسمه محمد (ص) اسس لبناء دولة المؤسسات قبل 1400 عام لعل المقام لا يسع للخوض في سرد الكثير من الدلائل للحضارة الاسلامية العريقة التي بنيت على فكر وعقيدة قادرة على التعايش في كل الازمان والامكنة . وبعد ان تحقق ما كنا نصبوا له وصار زمام الامر بيد الشعب وطويت نظرية الانقلابات . برزت حقائق اخفتها الظروف التي مرت بها المجتمعات العربية بأنه لا يمكن للعقلية العربية بشكل عام و َالعراقية بشكل خاص ان تغادر تراكمات ارث طويل يمتد مع امتداد الصحراء استمد افكاره من واقع فرض نفسه بقوة في التركيبة السيكولوجية المكونة للعقلية العربية المؤمنة بنظرية القبيلة والقائد والزعيم والامام والشيخ والامير . وهذا سبب فشل كل النظريات التحررية وتجارب الامم الحديثة في حكمها لنفسها . وخير مثال الفوضى العارمة التي يعيشها العراق منذ سقوط الدكتاتور وهبوب رياح التغيير التي طالت العراق وعددمن البلدان العربية والنتيجة ؟ ازدادت الامور تعقيداً وسارت من سيء الى اسوأ وتلاشت الآمال للوصول لذلك الضوء في نهاية النفق . ولسان حال الواقع يخبرنا ان علينا الرضوخ لسماع بيان رقم واحد والقبول مرغمين ببيت الطاعة والارتماء بأحضان العسكر وقواعد الدولة العميقة و التهيؤ لحزم حقائبنا والعودة من نزهتنا الحمراء. لنغفو من جديد على امل ان تحيا شعوبنا بلا جلاد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat