صفحة الكاتب : محمد علي مزهر شعبان

زينب عليها السلام .. تسقط الاعمدة واركان الحكم على رؤوس الادعياء ... ج 2
محمد علي مزهر شعبان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يتوقف الصحفي البريطاني " إدوارد مونتاغيوا" مذهولا ماخوذا بالمقارنه، لامراءة قرأت مستقبل أعتى رجل دموية، في خطبة تفلق الحجر لبلاغتها، وتهدد عرشا تحرسه جيوش جراره، وأمارات تخضع وتخنع لسلطته وسطوته، اصطبغوا بسجيته، ومارسوا أبشع ما ملكت نفس من حب للدماء، عنجهية طغت، وطغموية ابادة كل نأمة او حركة قصادها .

يقارن هذا الكاتب زينب بالعذراء مريم، ولكن المقارنة تختلف ما بين ثائرة ومسالمه . بإن السيدة العذراء عندنا لم تتحدى الأمبراطور الكبير، و لا زعيم كهنة الكنيسة، وبناءا على هذه المقارنة . يقول : حقيقة نعترف فيما بيننا أن هذه المرأة تشكل خطراً كبيراً يهدد ليس فقط عرش يزيد، بل كل عرش مثل عرش يزيد . إذن زينب تهددنا نحن .

يا سيدي هذه بنت علي ع وحينما يتأصل ويمتد الصلب، وتتناسل المواقف، وتلغى الرهبة من كيانات على مستوى الجيوش وامراءها، فهي ليست بالغريبه على بنت من وقف قصاد من أرعب الفرسان " عمر بن ود " وليست بالعجيبه لاخت من حارب بالسبعين، سبعون ألف . هذا الامتداد، لم يستوقف امراءة فقدت كل ما حواليها من حماة، فاحتمت بقوة الارادة . تلك هي زينب الخطر الذي يداهم الامبراطوريات، واستعماريات الشعوب، وحكم الطغاة، وقطع نحور الاحرار . هكذا سجلها التاريخي، لم تمر عابرة، بل أسست للارادة المواصلة والمثابرة، فأقلقت القريب والبعيد.

ان تفسيرك فيه من الابعاد، من الضرورة ان يكترث به امثالك لما للخطاب من قوة تاثير عبر الازمان، وللارادة الديمومة في تواصل لم تنفك عراه، حين يكون القوة الدافقة لكل الاحرار. وليس من الغرابة قولك : لكن ما هي القوة التي كانت تهدد بها مملكة يزيد ؟

هذا ما يدفعكم للتأمل و التخوف . وقولك إن زينب هذه يجب أن تموت، و يجب أن لا تأتي زينبات أخريات، وإلا هلكت عروشنا . يجب أن نقتل كل زينب. و لذا يتحتم علينا معرفة كل ما تحمل من زينب من مبدأ أو قيم أو خلق ام فكرأو سياسة فنضع لها كمينا نسحقها حتى نقلل من شأنها، علينا أن نؤسس ثقافة تطارد زينب و تحطمها فلا تجد لها من يقتدي بها فيموت أثرها شيئا فشيئا فتخلو لنا عروشنا.

ايها السيد على درب زينب تناسلت الثائرات، مهما اختلفت الاثنيات، لان طريق الاحرار ترسمه نماذج مضيئه، وعلى هذا الضوء المنير، سارت خطى مناضلات في مفهوم التحرر " جميله بو حيرد" " سناء محيدلي " " جان دارك " ودلال المغربي وليلى خالد ، واميه الجبوري والعراقية التي اعطت ست من ابناءها في الانتفاضه الشعبانيه . وصبر العراقيات وهذا ما يقلقكم . ولهذا لك العذر حين تقول :نحن نقدس السيدة العذراء و لكن لم نحسب لها اي حساب سياسي، أما هذه الزينب فحسابنا السياسي لها يفوق كل حساب آخر.

هنا قوة زينب، في شخصية نادرة الوجود، لم تبك الا في خلوتها في أناء الليل والبكاء ثابت في لوح الذات ودافع دافق، ولم تتهاوى او تهن، شامخة وهي تعصف بالرؤوس الخاوية والخائنه، ولم ينل منها الخوف قيد انمله . تناولت القضية كتسليم من قائد لقائده، ومن خطاب الاحرار الثوار في ساحة الوغى، الى من اقلقت الارض وهزت العروش . صلبة وهي تضع الحقائق السماوية وشريعة الاحرار اذ تخاطب بكل ازدراء طاغية عصره : لقد جئتم بها صَلعاء عَنقاء سَوداء فَقماء ، خَرقاء شَوهاء كطِلاع الأرض وملء السماء. أفعجبتم أن مطرت السماء دماً، ولعذاب الآخرة أخزى، وأنتم لا تُنصَرون . فلا يَستَخفّنكم المُهَل ، فإنّه لا يَحفِزُه البِدار، ولا يَخافُ فَوتَ الثار، وإنّ ربّكم لبالمرصاد .

أي شخصية تلك السيدة، وهي تسقط الاعمدة واركان الحكم على رؤوس الادعياء، حين تنبري بكل كبرياء، في مجلس كهربت اوصاله وتجمدت اوداجه، اذ ضربت خياشيم وعنفوان القتلة اذ تقول : مع اني والله يا عدو الله وابن عدوه استصغر قدرك واستعظم تقريعك، غير ان العيون عبرى والصدور حرى وما يجزى ذلك او يغني وقد قتل الحسين عليه‌السلام . فلئن اتخذتنا مغنماً، لتجدنا مغرماً حين لا تجد إلا ما قدمت يداك.

اذن فعقيلة الهاشمين ليست تلك البكاءة النواحة المنهارة . نعم الحزن لهيب يعتمر في صدرها، نعم الاسى مزق نياط جنانها، وهي تنتقل بين جثة اخ حبيب واخر كفيل وابن اخ في عز الفتوة وفتية في غرة الكينونة . نعم كل هذا قائم ومتحرك في خوالج صدرها، ولكن القيادة تحتاج ارادة صلبة يختفي بين ثناياها حزن عميق في لوح الذات. امراءة فاقت قدرات الصبر، حين تنهال المصائب، فأدت المهمة وحفظت النساء والاطفال، وانتصر شموخها على كبرياء الطغاة، فثارت الكوفة بتوابيها ألوفا ، واهتزت الكنانة غضبا، واعلنت الحجاز ثورة، وتواصل التاريخ عنوانه اللعنة على الطغاة . فزينب ليس مجلس عزاء ورثاء فحسب بل هي مفخرة الثوار وطريق الاحرار وسيدة العصور قصاد الظلم . وعز القائل :

ولو ان النساء كمثل هذي ...... لفضلت النساء على الرجال


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد علي مزهر شعبان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/12



كتابة تعليق لموضوع : زينب عليها السلام .. تسقط الاعمدة واركان الحكم على رؤوس الادعياء ... ج 2
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net