صلح الامام الحسن عليه السلام مع معاوية
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بايع المسلمون الامام الحسن عليه السلام بالخلافة بعد استشهاد ابيه في الكوفة عام 41 هجرية. ولكن معاوية نكث البيعة فألتفت عليه السلام الى معاوية قائلا له (وان ادري لعله فتنة لكم ومتاع الى حين) كما ذكرته المصادر المختلفة، وهذا ما حصل له ولابنائه وخلفاء بني امية. وقد اشترط الامام على معاوية ان يكون اخوه الحسين خليفة بعده، وعدم الاساءة امير المؤمنين، وان يعطي حقوق الناس، ولكن معاوية اخلف كل شروط الصلح.
لم يبايع الامام الحسن عليه السلام معاوية بل عمل معه صلحا كما حصل سابقا ان عمل جده صلح الحديبية مع كفار قريش "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ" (الفتح 10). وقال الامام عليه السلام (انما هادنت حقنا للدماء). وقد ذكرت المصادر التأريخية كلمة صلح وليس بيعة.
والخلافة الدنيوية تختلف عن الامامة الالهية " إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا" (البقرة 124). وان الصلح والتنازل عن الخلافة الدنيوية جاء بالاضطرار وليس بالاختيار "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا" (البقرة 286) و " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" (الحج 78). وجاء في الحديث الشريف (رفع عن امتي ما اكرهوا عليه وما اضطروا اليه).
الدلائل التأريخية تؤكد ان الامام الحسن عليه السلام بعث قيادات اكثر من مرة مع الاف الجنود لمقاتلة معاوية ولكنهم انغروا بالاموال والمناصب التي غرهم بها معاوية، بل اغرى معاوية كذلك اهل الكوفة بالاموال فبعثوا الى المعاوية قائلين: انا معك، وان شئت اخذنا الحسن وبعثناه اليك. وهكذا قال له رؤوساء القبائل.
فمعاوية مثل السامري عندما فتن القوم "قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ" (طه 85) ولكن هارون عليه السلام قام بواجبه، كما فعل الحسن عليه السلام مع قومه، عندما نهاهم عن عبادة العجل "وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي" (طه 90). وهؤلاء الفاسقون نفسهم اذوا موسى عليه السلام حتى قال عنهم "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" (الصف 5) فكان جوابهم " فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ" (المائدة 24).
وقد حذر القرآن الكريم من المنافقين اعداء الله "هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" (المنافقون 4) و "إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا" (النساء 107). وجاء في الحديث النبوي (ولا تخن من خانك) و (قال الله تعالى: ثلاثة انا خصمهم يوم القيامة: رجل اعطى بي ثم غدر).
ان قوم الحسن عليه السلام ذلوا من قبل بني امية كما اذل الله تعالى قوم موسى عليه السلام "ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" (ال عمران 112). وجاء في الحديث الشريف (اشد الناس عذابا يوم القيامة، رجل قتل نبيا او قتله نبي).
وذكرت المصادر الاسلامية ان الامام مات مسموما بعد 10 سنوات من استشهاد والده امير المؤمنين عليه السلام على يد زوجته جعدة بنت الاشعث بوشاية معاوية بن ابي سفيان كما فعلتا زوجتا نوح ولوط عليهما السلام بخيانتهما وذلك بتعاونهما مع الاعداء "فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ" (التحريم 10).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat