البعد الروحي للطواف ح (12 )
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فبالجمع بين هذه النصوص الشريفة يتبن ان العرش هو الاحاطة العلمية بكل ماهو موجود، وان المحاط الاول للعرش هو المادة الاولى للوجود التي عبر عنها القران الكريم بالماء ﴿وكان عرشه على الماء﴾ فلما قضت الارادة الالهية ايجاد الكون خلق الله تعالى الريح وامرها ان تضرب الماء، فعصفت به حتى ازبد، ثم اجتمع الزبد في مكان واحد هو موضع الكعبة المشرفة، ومن موضع الكعبة دحى الله الارض كما هو الوارد عن الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام)، وبحسب النص الوارد في نهج البلاغة كان موضع الكعبة المشرفة المحل الذي خلق الله من الكون، السماوات والارضين والافلاك والشمس والقمر.
فعلى رواية الصادقين (عليهما السلام) تكون الكعبة المشرفة مركز الارض وعلى رواية النهج الشريف تكون الارض مركز الكون وجميع العالم الامكاني، ولعل هذا يوضحه لنا الترتيب الوارد في الايات الشريفة التي تحدثت عن الترتيب في الخلق، حيث ورد في سورة فصلت التي تناولت اياتها خلق الارض ثم الاستواء الى السماء وهي دخان، وفي سورة الانبياء تحدثت الايات عن فتق السماء والارض وان السماء جعلت سقفا محفوظا، نعم قد يستفاد من سورة النازعات سبق خلق السماء على خلق الارض لقوله تعالى ﴿والارض بعد ذلك دحاها﴾ التي جاءت بعد الحديث عن خلق السماء، والا اذا فسرت ﴿بعد ذلك﴾ بانها استدامة للحديث عن الاعجاز في الخلق ولا يراد منها الاخبار عن الترتيب، فلا تكون دالة على تقدم خلق السماء على الارض.
ومع ملاحظة ان الارض كروية وانها جميعا محاطة بالسماء وليست الاحاطة من جهة واحدة اي ان السماء لها كامل الاحاطة بالارض فتكون الارض محاط والسماء المحيط مما يسهم في احتمالية مركزية الارض في الكون الواسع.
وحيث ان جملة من الدراسات الجغرافية ومسألة النسبة الذهبية تقرب صورة كون الكعبة المشرفة هي مركز الارض الجغرافي فليس من المستبعد مع التطور العلمي والاكتشافات الكونية - التي لا تزال في بداية سيرها - ان تكون الارض مركز الكون الواسع فتكون بذلك الكعبة المشرفة مركزا لعالم الخلق.
ويمكن القول ان الخصوصية التي تحتلها الكعبة الشريفة في بعدها التكويني جاءت من الاختصاص الالهي لها بان جعلها المركز الذي انطلق منه وجود الكون الواسع بما فيه من سماوات وفلك وخلق غير متناه لم يدرك الانسان كنهه الى اليوم، ولم يتمكن من ادراك صورته الا على اساس بعض المعلومات الحسابية والخيال الفني لبعض علماء الفلك، فكما كان قدماء البشر يعتقد بعضهم ان الارض مربعة وظن اخرون انها مستطيلة وذهب بعضهم الى انها مدروة وبرهن بعضهم انها بيضوية، جاءت الصور المنقولة عبر الاقمار الصناعية اليوم لتبثت كروية الارض وانها الى الشكل البيضوي اقرب، فاليوم حسابات الفلكيين ترسم صورة مخروطية للكون ولكنها تجهل مركز ذلك الكون، فانه ربما ياتي اليوم الذي تكون صورة الكون واضحة على وجه الحقيقة ويحدد مركزها بشكل دقيق.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat