صفحة الكاتب : الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

على ضفاف الانتظار (1)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هل تعي دورك في الانتظار؟
ما الذي يُنتِجُه الانتظار؟

قد يحلو للبعضِ أنْ يراه عمليةَ (تخدير) مؤقتة، يعبرُ بها الفردُ فترةً صعبةً جراء ضغطِ الظروفِ أو السلطاتِ الظالمة، ليتمثّل أمامَه الانتظارُ بأنّه (أفيون الشعوب)، وقد يتطوّر هذا التصويرُ للقولِ: إن الانتظار ما هو إلا حيلةٌ ابتدعها الطغاةُ؛ ليجعلوا المُستضعفين يستمرؤون الخنوعَ تحتَ سلطانهم؛ أملًا في المخلّص الموهوم! وكأنّ الانتظارَ هو مصلُ تخديرٍ لإرادةِ الفرد، فالشعب، فالأمة!
ومن هُنا سنفهمُ بعضَ الكلماتِ التي أطلقها بعضُ الفلاسفةِ حولَ الدول، فهذا ماركس يقول: الدينُ أفيونُ الشعوب. وقالَ جماعةٌ من فلاسفةِ العصورِ الوسطى: يجبُ فصلُ الحقِّ عن الدين، وتجريدُه من كُلِّ سلطان؛ ليستمدَّ الحقُّ سلطانَه من الطبيعةِ وحدها، ويتخلّص من سلطانِ الدينِ الذي اتخذتْ منه الطبقةُ المتسلطةُ طغيانَهم وإنفاذ حكمِهم، زاعمين أنّه مُستمدٌّ من عندِ الله).
والحقُّ: أنّ الانتظارَ هو عملٌ مستمرٌ نحوَ التمهيدِ لظهورِ المولى المُخلِّص.
وهذا ما يستدعي من المُنتظِر أنْ يكونَ عنصرًا مؤثرًا في أيّ وسطٍ يكونُ فيه، حتى لو كانَ وسطًا فاسدًا.
إنّه يعني: الوقوفَ بصلابةٍ ضدَّ تحشّدِ الظروفِ المختلفة، والتي تسعى لإسقاطه أرضًا.
إنّه يعني: أنَّ المُنتظِرَ المُمهِّدَ، يتمثّلُ نفسَه يقاتلُ بينَ يدي القائد، أو حتى رسول اللهِ (صلى الله عليه وآله).
فرغم ضخامةِ العدو، إلا أنّ الشحنَ المعنويَ الذي يحصلُ عليه من شعورِه بأنّه ليسَ وحده، وأنّ الإمامَ يراقبُه من وراءِ سترِ الغيب، يجعلُ منه قويًا كأقوى ما يكونُ الرجل.
إنّه وعندَ اشتباكِ الرماح –فكريةً كانتْ أو في ساحةِ حرب- يستشعرُ إمامَه وهو يقولُ له: (إنّا غيرُ مُهملين لمُراعاتكم، ولا ناسين لذكركم...)
وهذا الشعورُ يجعلُ الفردَ يعي موقعَه من الانتظارِ والتمهيد، إنّه يعلمُ علمَ اليقينِ بأنّ عليه أنْ يضعَ بصمتَه في طريقِ التمهيد، من موقعِه هو، وفيما يُحسِنُه هو.
فكما نصرتِ السيدةُ خديجةُ (عليها السلام) الإسلامَ بمالِها، وكما نصره أميرُ المؤمنين (عليه السلام) بسيفه، وأبو طالب بحمايتِه وجاهه، كذلك هو عليه أنْ يضعَ نُصرتَه قيدَ التنفيذِ من موقعِه وممّا يُحسِنُه، فكرًا، أو عملًا ميدانيًا، أو جهادًا ضد العدو، أو محاسبةً لنفسِه الأمّارة، أو حتى دعاءً في ظهر الغيب، أو همًّا في القلب.
فليسَ المهمُ هو كمَّ العمل التمهيدي، بل المهمُ هو أنْ يبذلَ الفردُ منّا كُلَّ ما يُمكِنُه من أجلِ التمهيدِ لظهورِ الغائبِ الحاضر.
فهل عرفتَ موقعكَ من التمهيد؟
وهل أنتَ على وعيٍ بذلك؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/17



كتابة تعليق لموضوع : على ضفاف الانتظار (1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net