مشكلة انتشار الاسلحة
شيروان كامل الوائلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الكلمة التي ألقاها السيد النائب في المنتدى البرلمان لمكافحة انتشار الاسلحة الصغيرة والخفيفة الذي انعقد في اربيل
ينعقد مؤتمرنا هذا في خضم تحديات عالمية وأقليمية كبيرة تشهدها المنطقة والعالم ، فحتى انتكاسة الاقتصاد العالمي وتأثيراتها السلبية على مجمل نواحي الحياة وما رافقها من فواجع اجتماعية واقتصادية كثيرة ، لايمكن مقارنتها بخطورة انتشار الاسلحة التقليدية الصغيرة غير المقيد ، ولانبالغ إذا ما قلنا أنها من اكبر المشاكل الكونية التي يواجهها عالمنا المعاصر في وقتنا هذا .
ان تكديس وانتشار الاسلحة الخفيفة يزعزع الامن والاستقرار ويشكل خطر على حياة الناس ويهدد امن المجتمعات والدول , خاصة مع ازدياد التقلبات السياسية والطائفية المتنامية وبشكل يبعث على القلق ، ما يدعونا الى تكثيف الجهود لمكافحتها والحد من انتشارها .
كما تعلمون جميعا ان انتشار الاسلحة الخفيفة وسهولة الحصول عليها ورخص اسعارها في أماكن كثيرة من العالم يشكل تهديدا مباشرا لحياة الكثيرين على هذا الكوكب ، مهددة أمننا الجماعي في الصميم لذا علينا ان نقوم بواجبنا الاخلاقي والانساني والبرلماني في الحد منها ومنع انتشارها عن طريق سن قوانين تكافح هذه الظاهرة الخطيرة وتحد منها أن لم تمنعها كليا.
ولنا , أيها السيدات والسادة , في ما يجري في العراق من ارهاب وقتل يومي, جزء منه, يتم بواسطة هذه الاسلحة لخير مثال على خطورتها , حينما تقع بأيدي المواطنين العابثين والزمر الارهابية .
فبسبب الحروب العبثية للنظام البائد تعرضت مخازن الاسلحة للنهب والسرقة , حينما انهارت المؤسسة العسكرية عام( 1991) مما أدى الى انتشارها في الشارع العراقي , وفي عام( 2003) تعرضت مخازن الاسلحة الى النهب مرة اخرى , حتى وصلت الى ايدي الجماعات الارهابية , فاستخدمتها ضد المواطنين بقساوة ووحشية منقطعة النظير.
ولم تكن حروب النظام البائد هي السبب الوحيد في انتشار وتكديس الاسلحة في الشارع العراقي فقط , بل استطاعت المجاميع الارهابية من فتح قنوات اقليمية ودولية لنقل الاسلحة الى العراق المكتظ بها اصلا , فكانت ومازالت النتائج وخيمة , حيث تفننت هذه المجاميع باستعمال هذه الاسلحة وطورت قسما منها ليصبح كاتم للصوت , يسلب المواطن العراقي روحه خلال ثواني معدودة.
الحقيقة المرة التي يجب علينا مواجهتها هي ان انتشار الاسلحة غير المقيد يوفر ارضا خصبة للأرهاب لزرع وبائه , كما أنها قد تغري الاطفال والمراهقين بحمله واستخدامه , كما حصل قبل ايام قليله في الانبار عندما قام طالب بقتل مدرسه لانه منعه من الغش في الامتحان وقبلها ايضا وفي السليمانية, قام طالب بقتل مدرسه الامريكي الجنسية ثم ادار السلاح على نفسه.
وحتى امريكا لم تسلم من هذه الظاهرة الخطيرة, حيث شهدت عدد من مدارسها وجامعتها عمليات قتل للطلبة والمدرسين , وفاجعة مدرسة كولمباين والتي نفذها مراهقان وراح ضحيتها ثلاثة عشر طالبا عام 1999 في ولاية كولورادو , لم تكن الاولى فقد سبقتها فاجعة متوسطة ويست سايد في ولاية اركنساس وراح ضحيتها اربع طالبات, ومازالت هذه الجرائم تتكرر وللاسف الشديد في اغلب دول العالم .
لهذا كان لنا موقف متشدد من تعديل قانون رقم (13)لسنة (1992) العراقي الخاص بحيازة وحمل الأسلحة , فقد عملنا على تضييق مساحة منح رخص حمل السلاح وحصرها بأيدي رجال الامن فقط , بل وذهبنا الى ماهو ابعد من ذلك حينما طالبنا رجل الامن ان يحمل السلاح اثناء مهمته الرسمية فقط وان يتركه في محل عمله ولايأخذه معه للبيت , فقد اثبت التحقيق في البعض من الجرائم الارهابية انها نفذت بأسلحة الدولة , وتطرقنا ايضا الى طرق الردع في هذا القانون , متأملين الخروج بقانون يتقيد بمعايير حضارية منضبطة, فهدفنا هو بناء مجتمع مدني يلجأ للقانون في حال النزاعات لا لفوهات البنادق والمسدسات .
ايماني الراسخ ان حماية المواطن يجب ان تقع على عاتق الدولة وحدها , وهي مهمتها التي يجب ان تقوم بها على أكمل وجه , ولا يمكن القبول بتسليم هذه المهمة للمواطن نفسه , كما قامت وزارة الداخلية العراقية قبل ايام قليلة بأصدار قرار يسمح لكل عائلة بحيازة قطعة سلاح واحدة , في رسالة واضحة تنص على ان المواطن هو الذي يجب ان يدافع عن نفسه وبيته وعائلته وليس الاجهزة الامنية.
هذا القرار انتج ردة فعل عنيفة في الشارع العراقي , شاركت فيها المرجعيات الدينية ومنظمات المجتمع المدني وبعض الفعاليات السياسية , وأصدرنا بيان اوضحنا فيه عواقب هذا القرار والذي سيحول المدن والقرى الى ترسانات من الاسلحة ويشجع تداوله والمتاجره به ,ما جعل وزارة الداخلية تتراجع عنه , معللتا السبب في السماح لمواطني المناطق الساخنة فقط ومن ثم سحب الاسلحة منهم حال استتباب الامن .
ان تغير طبيعة وانماط الحروب ,من حروب تخوضها جيوش نظامية ,الى حروب داخل الدول نفسها , تشنها قوات غير نظامية , اجرامية , وارهابية , تختلط عادة بالسكان المدنيين ,ادى الى انتشار وانتعاش التجارة غير الشرعية لهذه الاسلحة , وتكديسها داخل المجتمعات, فهذه الاسلحة سهلة الاستخدام حتى للشخص الغير مدرب , ويمكن حملها واخفاءها بسهولة ,حتى صارت هذه الاسلحة هي السبب الاساسي للموت في الصراعات المسلحة ,وحسب احصائيات اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي , فأن هذه الاسلحة مسوؤلة عن تسعين بالمئة من اصابات النزاعات والحروب الداخلية.
وفي اخر احصائية لوزارة الداخلية العراقية بلغ عدد الجرائم التي استعملت فيها الاسلحة الخفيفة اكثر من1438 جريمة بين سطو مسلح ,تسليب, قتل ولعل من ابرز الظواهر الخطرة اليوم هي حمايات المسوؤلين والتي لم ترتبط بأي منظومة امنية مسيطر عليها حيث في بغداد وحدها مايقارب 20 الف عنصر مع اسلحتهم وهايتهم الرسمية وعتادهم وسياراتهم ويكسرون القوانين في الكثير من الحالات .
ولهذا على الدولة ان تقوم بسحب الاسلحة بالطرق التالية
1- دفع مبلغ اكبر من قيمة السلاح الحقيقية لكل سلاح يسلمه المواطن للدولة.
2- على الاجهزة الامنية ان تثبت قدرتها على حماية المواطنين وممتلكاتهم ليطمأن المواطن ويسلم اسلحته.
3- أشاعة روح الثقة والتعاون بين المواطنين والاجهزة الامنية .
4- تأمين الطرق الداخلية والخارجية .
5- أقامة دور استراحة على طول الطرق الخارجية ومراعاة المسافات الفاصلة بينها لأشاعة الامن لدى المواطنين.
6- ضبط الحدود مع الدول المجاورة لمنع تسرب الاسلحة للداخل .
7- توزيع استمارات جرد على كافة المواطنين مع التأكيد عليهم ان اخفاء المعلومات يعرضهم للمسائلة.
8- فرض رقابة صارمة على البضائع المستوردة للتأكد من عدم تهريب الاسلحة بواسطتها.
9- الحد من ظاهرة حماية المسؤولين وتقليل عدد سيارات المواكب الرسمية .
10- التقليل من منح رخص حمل السلاح الى حد أدنى ممكن ,وحصرها بسنة واحدة فقط .
11- حصر منح اجازات حمل السلاح للمدنين بوزارة الداخلية فقط .
ختاما , اتمنى لمؤتمرنا هذا النجاح والخروج بتوصيات تصب في مصلحة الهدف الذي أقيم لأجله .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
شيروان كامل الوائلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat