كلمات مختارة من القرآن الكريم (العقاب) (ح 1)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قال الله جلاله عن العقاب "وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ" ﴿الرعد 32﴾ وإذا كانوا قد سخروا من دعوتك -أيها الرسول- فلقد سَخِرَتْ أمم من قبلك برسلهم، فلا تحزن فقد أمهلتُ الذين كفروا، ثم أخذتُهم بعقابي، وكان عقابًا شديدًا، و "إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ" ﴿ص 14﴾ فَحَقَّ عِقَابِ: وجبت عقوبتي، هؤلاء الجند المكذِّبون جند مهزومون، كما هُزم غيرهم من الأحزاب قبلهم، كذَّبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون صاحب القوة العظيمة، وثمود وقوم لوط وأصحاب الأشجار والبساتين وهم قوم شعيب. أولئك الأمم الذين تحزَّبوا على الكفر والتكذيب واجتمعوا عليه. إنْ كلٌّ مِن هؤلاء إلا كذَّب الرسل، فاستحقوا عذاب الله، وحلَّ بهم عقابه، و "كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ ۖ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ۖ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ" ﴿غافر 5﴾ كذَّبت قبل هؤلاء الكفار قومُ نوح ومَن تلاهم من الأمم التي أعلنت حربها على الرسل كعاد وثمود، حيث عزموا على إيذائهم وتجمَّعوا عليهم بالتعذيب أو القتل، وهمَّت كل أمة من هذه الأمم المكذبة برسولهم ليقتلوه، وخاصموا بالباطل؛ ليبطلوا بجدالهم الحق فعاقَبْتُهم، فكيف كان عقابي إياهم عبرة للخلق، وعظة لمن يأتي بعدهم؟ و "مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ" ﴿فصلت 43﴾ عقاب اسم، ما يقول لك هؤلاء المشركون أيها الرسول إلا ما قد قاله مَن قبلهم مِنَ الأمم لرسلهم، فاصبر على ما ينالك في سبيل الدعوة إلى الله. إن ربك لذو مغفرة لذنوب التائبين، وذو عقاب لمن أصرَّ على كفره وتكذيبه، و "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" ﴿البقرة 196﴾ الْعِقَابِ: الْ اداة تعريف، عِقَابِ اسم، خافوا الله تعالى وحافظوا على امتثال أوامره واجتناب نواهيه، واعلموا أن الله شديد العقاب لمن خالف أمره، وارتكب ما عنه زجر، و "سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ۗ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" ﴿البقرة 211﴾ سل أيها الرسول بني إسرائيل المعاندين لك: كم أعطيناهم من آيات واضحات في كتبهم تهديهم إلى الحق، فكفروا بها كلها، وأعرضوا عنها، وحَرَّفوها عن مواضعها. ومن يبدل نعمة الله وهي دينه ويكفر بها من بعد معرفتها، وقيام الحجة عليه بها، فإن الله تعالى شديد العقاب له، و "كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ" ﴿آل عمران 11﴾ شَديدُ العِقابِ: شديد الأخذ أليم العذاب، شأن الكافرين في تكذيبهم وما ينزل بهم، شأن آل فرعون والذين من قبلهم من الكافرين، أنكروا آيات الله الواضحة، فعاجلهم بالعقوبة بسبب تكذيبهم وعنادهم، والله شديد العقاب لمن كفر به وكذَّب رسله، و "وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" ﴿المائدة 2﴾ احذروا مخالفة أمر الله فإنه شديد العقاب، و "اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" ﴿المائدة 98﴾ اعلموا أيها الناس أن الله جل وعلا شديد العقاب لمن عصاه، وأن الله غفور رحيم لمن تاب وأناب.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ" (غافر 3) صفات "غافر الذنب" و "قابل التوب" و "شديد العقاب" و "ذي الطول" فهي بمثابة المقدمات اللازمة لتربية النفوس و تطويعها لعبادة الواحدة الأحد. نقرأ في حديث عن ابن عباس أنّه تعالى: "غافِرِ الذَّنْبِ" للشخص الذي يقول: لا إله إلّا اللّه و هو تعالى: "قابِلِ التَّوْبِ" للذي يقرّ بالعبودية و يقول: لا إله إلّا اللّه. و هو "شَدِيدِ الْعِقابِ" للذي لا يقرّ و لا يقول: لا إله إلا اللّه. و هو "ذِي الطَّوْلِ" و غني عن الشخص الذي لا يقول: لا إله إلا اللّه. قوله تعالى "ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ" (الانفال 13) "من" شرطية و جزاؤها محذوف و تقديره: و من يشاقق الله يعاقبه فإن الله شديد العقاب. و التعبير ب "شَدِيدُ الْعِقابِ" لا يتنافى مع كون اللّه "أرحم الراحمين" لأنّه في موضع العفو و الرحمة فاللّه أرحم الراحمين، و في موضع العقاب و العذاب فإنّ اللّه هو أشدّ المعاقبين، كما جاء ذلك في دعاء (و أيقنت أنّك أرحم الراحمين في موضع العفو و الرحمة، و أشدّ المعاقبين في موضع النكال و النقمة). قوله تعالى "اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (المائدة 98) و لعل تقديم شَدِيدُ الْعِقابِ على غَفُورٌ رَحِيمٌ إشارة إلى أنّ عقاب اللّه الشديد يمكن إطفاؤه بماء التوبة و الدخول في رحمة اللّه و غفرانه. قوله تعالى "وَ مَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ" (البقرة 211) المراد من تبديل النعمة هو استخدام الإمكانات و الطّاقات و المصادر الماديّة و المعنويّة الموهوبة على طريق تخريبي انحرافي و ممارسة الظلم و الطغيان، فقد وهب اللّه سبحانه و تعالى مواهب كثيرة لبني إسرائيل من قبيل الأنبياء و القادة الشجعان و الإمكانات الماديّة الكثيرة، و لكنّهم لم ينتفعوا من أنبياءهم الإلهيّين، و لا استفادوا من المواهب الماديّة استفادة صحيحة، و بهذا ارتكبوا معصية تبديل النّعمة ممّا سبّب لهم أنواع العذاب الدنيوي، كالتيه في الصحراء و كذلك العذاب الاخروي الأليم.
جاء في ميزان الحكمة لمحمد الريشهري: العقاب الكتاب "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم" (فصلت 43)، و "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم" (الاعراف 167)، و "إعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم" (المائدة 98). الإمام علي عليه السلام في صفة الله سبحانه (ولا يشغله غضب عن رحمة، ولا تولهه رحمة عن عقاب). عنه عليه السلام: (إن الله سبحانه وضع الثواب على طاعته، والعقاب على معصيته، ذيادة لعباده عن نقمته، وحياشة لهم إلى جنته). عنه عليه السلام: (إن الله سبحانه قد وضع العقاب على معاصيه زيادة لعباده عن نقمته). عنه عليه السلام في صفة الدنيا (ما أصف من دار أولها عناء، وآخرها فناء! في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب). عنه عليه السلام أيضا (تغر وتضر وتمر، إن الله تعالى لم يرضها ثوابا لأوليائه، ولا عقابا لأعدائه). عنه عليه السلام: (ألا إن الله تعالى قد كشف الخلق كشفة، لا أنه جهل ما أخفوه من مصون أسرارهم ومكنون ضمائرهم، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا، فيكون الثواب جزاء، والعقاب بواء). عنه عليه السلام: (إنه ليس شئ بشر من الشر إلا عقابه، وليس شئ بخير من الخير إلا ثوابه). عنه عليه السلام: (ثم أداء الأمانة، فقد خاب من ليس من أهلها، إنها عرضت على السماوات المبنية، والأرضين المدحوة، والجبال ذات الطول المنصوبة ولكن أشفقن من العقوبة).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat