الإمامة.. وتقديم المفضول!
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
يُدركُ أولوا الألباب أنَّ العالم لا يستوي مع الجاهل بِحال: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الالبابِ﴾ (الزمر9).
ويعلمون أنَّ أحوال العالم مع الجاهل قد تكون على صُوَرٍ ثلاثة:
أوَّلها: أن يتقدَّمَ العالم ويتأخر الجاهل، وهو الخيار القويم.
ثانيها: أن يتساوى العالم والجاهل.. وهو خلاف العدل والكمال، لأنَّ اتِّصَافَ العالم بما افتقده الجاهل يقتضي تقدُّمَ العالم، فكيف تَسَاوَيَا؟
ثالثها: أن يتقدم الجاهل ويتأخر العالم! وهو ظُلمٌ فاحشٌ، وخطأٌ فظيع!
ولمّا كانت الصورة الأولى هي المتناسبة مع حكم العقل، استنكرت الآية المباركة الصورة الثانية، التي يتساوى فيها العالم والجاهل، واحتجت على الناس بالعقل ﴿إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الالبابِ﴾، فالوجه في عدم قبول ذلك هو حكم العقل ببطلانه، اذ لا يمكن بحكم العقل أن يتساوى العالم والجاهل.
لكنَّ الآية لم تتعرض صريحاً للصورة الثالثة، ذلك أنّه لا يحتمل بحكم العقل المصير إليها والتسليم بها، فَدَلَّت الآية على ذلك بالأولوية القطعية، بمعنى أنَّ من حكم ببطلان الثانية حكم ببطلان الثالثة جزماً لأنَّها أسوأ منها.
فمَن أنكَرَ التساوي بين العالم والجاهل أنكَرَ تقدُّم الجاهل على العالم، كما في قوله تعالى ﴿فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ﴾، الذي يدلّ بالأولوية القطعية على قُبحِ الصراخ على الوالدين، وشتمهم وضربهم، والإتيان بأيِّ نوعٍ من أنواع الإساءة، وقد ذُكِرَت ﴿ أُفٍّ﴾ لصِغَر شأنها عند الناس، فكلُّ ما كان أعظم منها كان محرماً بالأولويّة القطعية.
بهذا يتبيَّن أنّ مَن ساوى بين العالم والجاهل قد دخل في المرحلة الأولى من مراحل الإنحدار.. على مستوى الفرد أو الأمَّة.
أمّا مَن قدَّمَ الجاهل على العالم، فقد بلغ منتهى الإنحدار وأسوأ صوره!
الشيعة أولو الالباب!
إذا أردنا أن نتعرَّف على موقف الشيعة وفهمهم لهذه الآية، نظرنا إلى ما نقلوه عن أئمتهم الأطهار عليهم السلام.
فقد سئل الإمام الصادق عليه السلام عن هذه الآية فقال:
1. نَحْنُ ﴿الَّذِينَ يَعْلَمُونَ﴾.
2. وَعَدُوُّنَا ﴿الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾.
3. وَشِيعَتُنَا ﴿أُولُوا الالبابِ﴾ (المحاسن ج1 ص169).
الأئمة هم أهل العلم، وأعداؤهم هم أهل الجهل، والعقل يحكم بأنَّهما لا يستويان، فمَن لَم يؤمن بذلك لم يكن من ذوي العقول والألباب!
ولقد صار الشيعة هم أصحاب العقول، ذلك أنَّهم قد حَكَّموها فَعَرَفُوا بها أنّ الفئتان لا تستويان، فقدَّموا العالم على الجاهل.
يقول الصادق عليه السلام: أَنْتُمْ ﴿أُولُو الالبَابِ﴾ فِي كِتَابِ الله قَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:﴿ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الالبابِ﴾.
فَأَبْشِرُوا، فَأَنْتُمْ عَلَى إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ مِنَ الله:
1. أَمَا إِنَّكُمْ إِنْ بَقِيتُمْ حَتَّى تَرَوْا مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ رِقَابَكُمْ، شَفَى الله صُدُورَكُمْ، وَأَذْهَبَ غَيْظَ قُلُوبِكُمْ، وَأَدَالَكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ، وَهُوَ قَوْلُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾.
2. وَإِنْ مَضَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَرَوْا ذَلِكَ مَضَيْتُمْ عَلَى دِينِ الله الَّذِي رَضِيَهُ لِنَبِيِّهِ وَبَعَثَهُ عَلَيْهِ (المحاسن ج1 ص170).
هذا هو منشأ قول الشيعة حينما رفضوا المساواة بين العالم والجاهل، كما رفضوا تقديم الجاهل على العالم، وقالوا بلزوم تقديم العالم على الجاهل، امتثالاً لحكم العقل القطعيّ، ولأمر السماء.
لكن ماذا فعلت الأمة؟ وما كان موقف عموم الناس، الذين قال تعالى عن أكثرهم أنَّهم لا يعقلون؟!
الأمّة وتقديم المفضول!
يُلَخِّصُ فِعلَ الأمَّةِ عالمٌ كبيرٌ من علمائها، أقَرَّ بأفضليَّة أمير المؤمنين عليه السلام على من عداه، لا في العلم فقط، بل في كل خصال الحمد، فإذا كانت أشرف هذه الخصال عنده، هل يفضله أحدٌ في صفةٍ من صفات الكمال؟!
لقد أقرَّ ابن أبي الحديد كجملةٍ من علماء المخالفين بأفضلية أمير المؤمنين، لكنه ذهب مذهباً بعيداً حينما قال في مطلع شرحه لنهج البلاغة:
الحمد لله الذي تَفَرَّدَ بالكمال، فكلُّ كاملٍ سواه منقوص، واستوعب عموم المحامد والممادح، فكل ذي عمومٍ عداه مخصوص.. وقَدَّمَ المفضول على الأفضل لمصلحةٍ اقتضاها التكليف (شرح نهج البلاغة ج1 ص3).
هذا الرَّجُلُ يصفُ الله تعالى بالكمال، وقد أنزل هذا الإله الكامل كتاباً كاملاً على نبيِّه الكامل صلى الله عليه وآله، بَيَّنَ فيه أنَّ أولي الألباب لا يقولون بالتساوي بين العالم والجاهل.
لكن الله الكامل عند ابن ابي الحديد قد (قَدَّمَ المفضول على الأفضل)!
عليٌ عليه السلام هو الأفضل، لكنَّ الله قَدَّمَ الأول والثاني والثالث عليه!
كيف يتقدم المفضول على الأفضل وأولوا الألباب يرون هذا نقصاً وعيباً يا ابن ابي الحديد؟!
يقول: (لمصلحةٍ اقتضاها التكليف)؟!
إذاً صارت الآية المباركة غير ذي أهمية! بل صارت عبثيَّة! إذ أنَّها تكشفُ عن قاعدةٍ عقليَّة، والقاعدة العقلية التي لا تختلف ولا تتخلف، لكنَّها هنا سَقَطَت! وتخلَّفَت! بدعوى موافقة ذلك (للمصلحة)!
أي مصلحة هذه يا تُرى؟
أهي مصلحة الأمة في أن يتقدم جُهَّالُها ويتأخر علماؤها؟!
أهي مصلحة الأمة في أن يتقدم حُسَّادُها ومنافقوها؟
أهي مصلحة الأمة في أن ترجع إلى سَفال؟!
أي مصلحةٍ لهذه الأمة في مخالفة العقل والنقل؟
ثمَّ مِن أين عَلِمنَا أنَّ الله تعالى قدم المفضول؟! والمفضول قد تَقَدَّمَ بالقوة والمكر والخديعة؟
هل نَصَبَهُ الله تعالى إماماً فقدَّمَهُ بذلك؟ أم اختاره بعض مَن في هذه الأمة المنكوسة الذين لا يعقلون؟
أليس هذا الفكر هو الذي بَرَّرَ قَتلَ الحسين عليه السلام حينما قيل: قَتَلَ الله حسيناً؟!
ألا يستلزم ذلك الجبر، ليكون كلُّ فعلٍ قبيحٍ قد فعله الله تعالى؟!
أين العقل من ذلك؟!
يحاول ابن ابي الحديد أن يعطي صبغةً عقليَّةً لتقديم المفضول، بحجة المصلحة!
أي أنَّ الفعل القبيح يصيرُ حَسَناً إذا رأى هؤلاء أنَّ فيه مصلحة!
هذا المنهج هو نفسه منهج معاوية بن أبي سفيان.. على ما فيه من شيطنةٍ ومَكرٍ وخديعة.. فليس هو العقلُ بحال..
لقد سئل الإمام الصادق عليه السلام في حديثٍ مشهور: مَا العَقْلُ؟
قَالَ: مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمَنُ وَاكْتُسِبَ بِهِ الجِنَانُ!
فسئل عن الذي كان في معاوية فقال:
تِلْكَ النَّكْرَاءُ! وَتِلْكَ الشَّيْطَنَةُ! وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالعَقْلِ! وَلَيْسَتْ بِعَقْلٍ! (المحاسن ج1 ص195).
في محاولة ابن ابي الحديد هذه تحريفٌ للحقائق وتحويرٌ لها، وتحويلٌ أامر الله باتباع عليٍّ عليه السلام الى وجوب اتِّباع من لم تجعل السماء له نصيباً في ذلك..
هل تُكتَسَبُ الجنان بعقلٍ كعقل ابن ابي الحديد؟ وهل يُعبَد به الرحمن؟ أم يُعبَدُ به رَبٌّ يقدم المفضول على الأفضل؟ وآيات الله تنفي ذلك!
إذا كان العقل هو دليل الشيعة الأول على لزوم اتِّبَاع أمير المؤمنين عليه السلام، لكونه الأفضل بإقرار المؤالف والمخالف.
وإذا كان القران الكريم دلَّ على ذلك أيضاً.
وإذا كانت الشيطنة تشبه العقل، ألا ينبغي ان يكون هناك علامةٌ يُمَيَّزُ بها كلٌّ منهما؟
لقد كشفت الأحاديث الشريفة أنَّ الله تعالى أمَرَ (الدِّين والحياء) أن يكونا مع العقل حيث كان، فمَن فَقَدَ الدين أو الحياء فَقَدَ العقل!
فأيُّ حياءٍ يتَّصفُ به من يزعم أنّ الله أمر بتقديم المفضول؟!
أي عقلٍ هذا الذي يحتج به ابن ابي الحديد وأيُّ مصلحة هذه؟ أيخالف العقل الدين؟
أيأمر الله تعالى بطاعة الإمام المعصوم وينهى عن التسوية بينه وبين غيره.. ثم يأمر بطاعة الجهال وتقديمهم عليه؟
إنَّ من آثار هذه العقيدة فساد الأمة وفساد العقل ونسبة النقص لله تعالى..
أولاً: فساد الأمة
إنَّ في تقديم المفضول الجاهل فسادُ الأمة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
مَنْ عَمِلَ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ كَانَ مَا يُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ (المحاسن ج1 ص198).
إنَّ مَن تقدَّم على أمير المؤمنين كان عاملاً بغير علم بإقراره، فكان ما أفسده في هذه الأمة أكثر بكثير مما أصلح.
لقد ترك النبي صلى الله عليه وآله الأمة بعد ما بين لها أحكام دينها، فهل أوضح المتقدِّمون على عليٍّ عليه السلام للناس ما خفيَ عنهم؟ أم تَفَنَّنوا في الكذب على رسول الله، وفي تحريف أحكام الله تعالى؟!
قال الإمام الصادق عليه السلام: العَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ، لَا يَزِيدُهُ سُرْعَةُ السَّيْرِ إِلَّا بُعْداً!
وفي الحديث:
مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ أَمْرَهَا رَجُلًا وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالًا حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى مَا تَرَكُوا (الأمالي للطوسي ص560).
ثانياً: فساد العقل
إنَّ البشرية اليوم بأنظمتها وقوانينها، بكافة مؤسساتها ومراكزها العلمية، في مختلف الدوائر ومراكز القرار، وفي شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والدينية وغيرها، كلُّها ترى أنّه لا بُدَّ من اعتماد مبدأ الكفاءة، وان خالفته أحياناً، فإنَّها عندما تخالفه تقلِّلُ من فرص التقدُّم والازدهار.
إنَّ من سبل تَرَقِّي الناس والدول والشعوب في مدارج الكمال وضع الشخص المناسب في مكانه المناسب، وتقديم الأعلم على العالم، والعالم على الجاهل.
فهل هناك طريق يسلكه العقلاء غير تقديم الأعلم والأقدر على تنظيم الأمور وضبطها وإصلاح أمرها؟!
إنَّ البشرية لا تزال تجاهد للوصول الى أفضل قانونٍ، ولا يزال المستقيمون فيها يكافحون، لا يزال من لم يكن له مأربٌ خاصٌ يسعى لإيصال الشخص القدير الى سدة الحكم، الى حيث ينبغي أن يكون، وما هذا إلا لأنّ طريق التقدم موقوفٌ على تقديم الأفضل، وأوَّل علاماته أنه الأعلم، مع اجتماع سائر العلامات.
فأيُّ عقلٍ بشريٍّ يرفض قاعدة تقديم الأفضل؟
لقد جرى على لسان بعض من تقدَّم على عليٍّ عليه السلام إقرارٌ بتقديم عليٍّ عليه..
لكنَّ السؤال له ولأمثاله وأتباعه:
كيف تتصدى لهذا المنصب ولستَ بخيرهم؟!
أنت بنفسك تقرّ وتعترف بأنك لست الأفضل، وحينما صدرت كلمة الحق على لسانك طلبت منهم أن يقيلوك، وقد تقاسَمتَهَا مع صاحبك وأنت تعلم أنَّ مَحَلَّ عليٍّ منها محلَّ القطب من الرحى!
ثالثاً: نسبة النقص لله تعالى
قال الله عزَّ وجلّ: ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ (يونس : 35).
فمن هو المصداق الأوّل لها؟!
روي عن الباقر عليه السلام:
فَأَمَّا مَنْ يَهْدِي إِلَى الحَقِّ فَهُمْ مُحَمَّدٌ وَآلُ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْدِهِ.
وَأَمَّا مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَهُوَ مَنْ خَالَفَ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ أَهْلَ بَيْتِهِ مِنْ بَعْدِه (تفسير القمي ج1 ص312).
لقد قرَّعَ الله تعالى الذين لم يوجبوا اتِّباع الأفضل الذي يهدي إلى الحق وقال: ﴿فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾، ثمَّ يزعم هؤلاء أنَّ الله تعالى أمر باتِّباع المفضول!
ومَن نَسَبَ ذلك لله تعالى نفى حكمته وعدله..
فلا يخلو الحال من أن يكون العقل دالاً على لزوم اتباع الأفضل، أو لا يكون كذلك.
فإن قلنا أنه لا يدل على لزوم اتباع الأفضل، ويمكن أن يأمر الله باتِّباع الجاهل، نَسَبنا النَّقص لكتاب الله وأبطلنا آياته، حينما قَرَنَ بين العقل وبين تقديم العالم ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الالبابِ﴾.
وإن قلنا أنّ العقل يدل على لزوم اتباع العالم الأفضل.. ثمَّ قلنا أنه تعالى أمر باتباع الجاهل، أثبتنا النقص في الله تعالى من جهة أمره بلزوم اتباع المفضول، مع كون العقل الذي جعله حجةً على الناس يأمرهم بلزوم اتباع الأفضل.
فيلزم اختلال الحكمة الإلهية، لأنه أمرٌ بالشيء ونقيضه!
ويلزم سقوط الحجة الإلهية، وهي العقل القطعي!
ويلزم سقوط العدل الإلهي، إذ عقاب العامل بعقله القطعي الذي هو حجة الله قبيح!
وهكذا كلما قَلَّبتَ المسألة ظهراً على بطنٍ وجدتها لا تستقيم، ولا يقبلها العقل بوجهٍ من الوجوه، بل تتضمن نسبة النقص لله تعالى.. حاشى ربنا عز وجل أن يكون كذلك..
وقد قال الشاعر:
قد خان من قدم المفضولَ خالقَه * * * وللإله فبالمفضول لم أخن
وقال الشاعر:
وقالوا رسول الله ما اختار بعده * * * إماماً ولكنا لأنفسنا اخترنا
أقمنا إماما أن أقام على الهدى * * * أطعنا وإن ضلّ الهداية قومنا
فقلنا إذاً أنتم إِمَامُ إمامكم * * * بحمدٍ من الرحمن تهتم ولا تهنا
في هذه الابيات إشارة مهمّة: (فقلنا إذاً أنتم إِمَامُ إمامكم)!
لقد كانت وظيفة الإمام أن يقوِّم الأمة، ولكنه عندهم قد يزيغُ فتقوِّمُه الأمة، فيكون مأموماً وهم الأئمة!
وقد قالها قائلهم: إن زغت فقوموني!
فيصير الإمامُ مأموماً لأمّةٍ تحتاجه ليقوِّمها! ويحتاجُها لتقوِّمَه!
فيا لله وللألباب!
بهذا يظهر أن الشيعة قد انفردوا بحكمٍ يوافق العقل.. وهو لزوم العصمة في الإمام، ووجوب تفضيله على جميع الأمة، وإلا نسبنا النَّقص لمن جعله إماماً.. جلَّ ربنا عن ذلك..
لكنَّ للقوم ربّاً آخر.. ربا مُجَسَّمَاً يرسل نبياً غير معصوم في كلّ أحواله، رَبَّاً يُقدِّمُ المفضول على الأفضل! والجاهل على العالم!
إنَّها الشيطنة، كشيطنة معاوية، يتنبه لها العقلاء، أولوا الألباب، شيعة الأطهار، وقد فهموا كلام أئمتهم عليهم السلام:
إِنَّ الإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً وَأَعْظَمُ شَأْناً وَأَعْلَى مَكَاناً وَأَمْنَعُ جَانِباً وَأَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ، أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ، أَوْ يُقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ!
إِنَّ الإِمَامَةَ هِيَ مَنْزِلَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِرْثُ الأَوْصِيَاءِ.
لكنَّهم رغبوا عن اختيار الله الى اختيارهم.. فَضَلُّوا ضلالاً بعيداً..
اللهم إنا نعوذ بك منهم..
والحمد لله رب العالمين
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat