(إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة)
كنت كلما مررتُ بهذه الآية استوقفتني كلمة التابوت.
أتذكر عندما كنت طالبة في الصف السادس الإعدادي، كنا ندرس القرآن الكريم وكان من ضمن منهجنا سورة البقرة، ولما وصلنا إلى هذه الآية تدبرتها وفكرتُ بها ملياً، ودارت في رأسي تساؤلات كثير... ما التابوت؟ ولماذا جعله الله آية على صدق ملك طالوت؟ وفي زمن أي نبي؟
قررت أن أسأل الاستاذ سالم محمد مدرس القرآن.
انتظرت حصة القرآن وبعد أن أكمل الأستاذ قراءة الآيات وبدأ بالشرح ... سألته
-استاذ ما أصل التابوت في ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ﴾.
- هو التابوت الذي أنزله الله على موسى فوضعته فيه أمه وألقته في اليم، فكان في بني إسرائيل يتبركون به، فهو رمز لهم، ولما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيه، فلم يزل بنو إسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم، ولما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت، وأصبح صبيانهم يلعبون به في الطرقات رفعه الله عنهم.
إن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله وعتوا عن أمر ربهم، فسلط الله عليهم جالوت وهو من القبط، فأذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأخذ أموالهم واستعبد نساءهم، ففزعوا إلى نبيهم وقالوا: سل الله أن يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله
بعث الله إليهم طالوت ملكا يقاتل معهم ﴿إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا﴾ فغضبوا من ذلك وقالوا:
﴿أنّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنا...﴾ وكان طالوت من ولد بنيامين أخي يوسف لأمه، لم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة. فقال لهم نبيهم ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾. وكان طالوت أعظمهم جسما شجاعا قويا، وكان أعلمهم، إلا أنه كان فقيرا فعابوه بالفقر فقالوا: ﴿وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ﴾. جعل الله التابوت آية على صدق نبيهم، وعلام’ على صحة ملك طالوت لأن التابوت رفعة الله إلى السماء ولا أحد يستطيع أن يأتي به إلا بقدرة الله، فأتت به الملائكة إلى طالوت نهارا بين السماء والأرض والناس ينظرون، فأقروا بملكه ساخطين، وخرجوا معه للقتال كارهين.
كما ذكر في كتب التفسير أن التابوت سبب في نصرة بني إسرائيل على عدوهم ذكر عن الرضا (عليه السلام) في تفسير (فيه سكينة): السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الإنسان، فكان إذا وضع التابوت بين يدي المسلمين والكفار، فإن تقدم التابوت رجل لا يرجع حتى يقتل أو يغلب، ومن رجع عن التابوت كفر.
-من هو نبيهم استاذ؟
-اختلف المفسرون في ذلك النبي، فقيل:
اسمه... شمعون بن صفية من ولد لاوي بن يعقوب. وقيل: هو يوشع بن" نون بن افراثيم بن يوسف بن يعقوب.
وقيل: هو إشمويل، وهو بالعربية إسماعيل وهذا مروي عن أكثر المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام)
-شكرا أستاذ اتضح لي أن التابوت أصله سماوي، رفعة الله عن بني إسرائيل بعد ما عصوا، تم رده عليهم ليكون آية على ملك طالوت وكان سبب في غلبتهم على جالوت وجنوده.
رفعت طالبة يدها تسأل أستاذ كم نبي اسمه إسماعيل.
وقبل أن يجيب على سؤالها سمعنا صوت الجرس فخرج أستاذ سالم ووعدها الإجابة في الدرس القادم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat