لا يعرف العلم تحديدًا متى بدأ الإنسان معرفة الأعداد إلا إن التأمل والتفكر ودراسة ما جاء به القرآن الكريم يؤكد إن آدم أول البشر ، عرف الإعداد وتعلم الحساب و يقينًا بما علمه الله من أسماء ، فالأعداد ومسمياتها والأرقام ومدلولاتها إنما هي من علم الأسماء ، حيث علم الله سبحانه وتعالى آدم الأسماء كلها.الإعداد تبدأ من واحد وتنتهي بالعشرة وكل ما فوقها إنما يتركب منها هي لا غير. الأرقام تتغير بتغير أوضاعها وتختلف اعدادها ، ولكنها كلها من واحد إلى عشرة، إن الله سبحانه وتعالى خلق هذا العدد للانسان في الإنسان وجعله في يديه وأمام ناظريه فاصبح يعد عليها وبها الإعداد من واحد الى عشرة.
ذكرت الأعداد في القرآن الكريم في مواضع كثيرة لأغـراض متباينـة ، ومن هذه الأعداد العدد (اثنا عشر )وهو من الأعداد المركبة يتكون من جزئين الجزء الأول ورد بلفظ اثنا أو اثني للمذكر واثنتا أو اثنتي للمؤنث ، ويعرب بالألف رفعًا وبالياء نصبًا وجرًا لأنه ملحق بالمثنى وحذفت نونه للاضافة، والعدد اثنان يطابق المعدود من حيث التذكير والتأنيث، أما الجزء الثاني العشرة أيضًا تطابق المعدود، وسأعرض الآيات الكريمة التي ورد فيها العدد (اثنا عشر) في القرآن ،ذكر الله عدد شهور السنة«إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثنا عَشَرَ شَهْرًا» (التوبة:٣٦) عن أبي عبد الله عليه السلام الشهور في الآية قال: المحرم وصفر وربيع الأول وربيع الآخر وجماد الأولى وجمادى الآخرة ورجب وشعبان وشهر رمضان وشوال وذو القعدة وذو الحجة.(١) أي أشهر السنة القمرية (الهجرية)وقد تكرر ذكر كلمة شهر في القرآن الكريم اثنتا عشرة مرة.
كما جاء العدد ( اثنتا عشرة ) بصيغة المؤنت في قوله تعالى«وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا
عَشْرَةَ عيْنًا»(البقرة:٦٠) والمعنى واذكروا يا بني إسرائيل إذ استسقى موسى لقومه، أي طلب لهم السقيا ، لما لحقهم العطش في التيه، وضجوا بالبكاء إلى موسى، وقالوا: أهلكنا العطش.فقال موسى: اللهم بحق محمد سيد الأنبياء، وبحق علي سيد الأوصياء وبحق فاطمة سيدة النساء، وبحق الحسن سيد الأولياء، وبحق الحسين سيد الشهداء وبحق عترتهم وخلفائهم سادة الأزكياء لما سقيت عبادك هؤلاء.(٢) فستجاب الله وفجر له اثنتا عشرة عينًا.
ذكر العدد في موضع آخر بنفس الصيغة المؤنثة ( اثنتا عشرة ) في« فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم » (الأعراف:١٦٠) . إن العيون كانت بعدد الأسباط وإن كل سبط اختصوا بعين من العيون، وإن ذلك كان عن مشاجرة بينهم ومنافسة،وهذا يؤيد ما في الروايات من قصتهم.(٣)
كما ورد العدد (اثني عشر )في قوله تعالى «واخذنا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا »(المائدة:١٢)والآية تشير إلى عهد أخذه الله من بني إسرائيل على أن يعملوا بأحكامه، وإرساله إليهم بعد هذا العهد اثني عشر زعميًا أو قائدًا ليكون كل واحد منهم زعيمًا لطائفة واحدة من طوائف بني إسرائيل .والأصل في كلمة " نقيب " إنها تعني الثقب الكبير الواسع، وتطلق بالأخص على الطرق المحفورة تحت الأرض، وسبب استخدام كلمة نقيب للدلالة على الزعامة، لأن زعيم كل جماعة يكون عليمًا بأسرار قومه، وكأنه قد صنع ثقبًا كبيرًا يطّلع من خلاله على أسرارهم، كما تطلق كلمة نقيب أحيانا على الشخص الذي يكون بمثابة المعرف للجماعة، وحين تطلق كلمة " مناقب " على الفضائل والمآثر، يكون ذلك لأن الفضائل لا تعرف إلا عن طريق البحث والتنقيب في آثار الشخص.(٤) ونقيب جمعه نقباء.والله سبحانه يقص على المؤمنين من هذه الأمة ما جرى على بني إسرائيل من إحكام دينهم وتثبيت أمرهم بأخذ الميثاق، وبعث النقباء، وإبلاغ البيان، وإتمام ما قابلوه به من نقض الميثاق، وما قابلهم به الله سبحانه من اللعن وتقسية القلوب (٥).
عن أبي حمزة قال: إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لما قرأ (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون)قال ( هذه لكم )، وقد أعطى الله قوم موسى مثلها «وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا»(الاعراف:١٦٠).(٦) ومعنى السبط بحسب اللغة ولد الولد أو ولد البنت. والجمع أسباط(٧) ومعنى الآية وفرقنا بني إسرائيل اثنتي عشرة فرقة أسباطا، يعني أولاد يعقوب عليهم السلام، فإنهم كانوا اثني عشر، وكان لكل واحد منهم أولاد ونسل، فصار كل فرقة منهم سبطا وأمة، وإنما جعلهم سبحانه أمما ليتميزوا في مشربهم ومطعمهم، ويرجع كل أمة منهم إلى رئيسهم، فيخف الأمر على موسى عليه السلام، ولا يقع بينهم اختلاف، وتباغض( ٨)
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat