صفحة الكاتب : نبيل القصاب

من هم وراء تصعيد المواجهات من قبل PKK
نبيل القصاب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من حق شعوب العالم الوقوف في وجه الظلم والأضطهاد , أو القمع القسري لمبدأ الديمقراطية والحرية للشعوب . التحول الحاصل في العالم وتثبيت حقوق المواطنة والتوسع في الاهتمام الجاد من قبل المنظمات الدولية من أجل القضاء على العنصرية والتفرقة بين الشعوب , كذلك محاولات منظمات المجتمع المدني , الوقوف الى جانب الفقر و الاقتصاد المتدني ومحاولة القضاء على الفساد والروتين .

 

الى جانب كل هذا قامت الثورات في انحاء المعمورة من قبل الشعوب من أجل الحصول الى الحقوق القومية والوطنية وتحقيق مكتسبات ذو فائدة لهم , لكن في العقود الأخيرة هناك ترجيح للتحاور السلمي والجلوس الى طاولة المفاوضات بين الثوار والحكومات  , على خيار حمل السلاح والمعارك . من أجل التوصل الى أتفاقيات أقليمية ودولية دون  سفك الدماء . لكن أحيانا ً تتصدى الحكومات الدكتاتورية لهذا النوع من الاختيار ويفضل القتال وقتل الابرياء .

 

لو أطلعنا على التاريخ القديم والحديث نجد قيام العشرات من الثورات الكوردية في المنطقة بعد تقسيم كوردستان الكبرى بين دول المنطقة , العراق وسوريا وايران وتركيا , وتشتت مجموعات اخرى في لبنان وروسيا واذربيجان . ولو أخرجنا شعب أقليم كوردستان في العراق الذي حصل على مكتسبات جيدة بعد الانتفاضة عام 1991 واستقروا في الأمان , فأن الشعوب الكوردية في باقي الدول مضطهدين الى حد ما لحد الأن , والثورات مستمرة في أيران وتركيا , والوضع غير مستقر أصلا في سوريا .

 

بعد ثورة  عبدالله أوجلان في تركيا منتصف الثمانينيات , وتنقل معسكراتهم بين دول المنطقة وبدعم من دول أقليمية , وعالمية أحيانا . أستقر مقاتلي حزب العمال الكوردستاني PKK في جبال كوردستان العراق المحاذي للحدود مع تركيا وأغلب مقراتهم المحصنة في جنال قنديل داخل أقليم كوردستان , ومن هناك دعم لوجستي للثوار داخل مدن تركيا , وقواعد انطلاق لمجموعات الثوار للقيام بالعمليات ضد العسكر في الداخل , ورغم قصف الطائرات والمقاتلات التركية لمئات المرات طوال السنوات الماضية إلا ان القيادة في قمم جبال قنديل صامدة وغير مؤثرة .

 

القاء القبض على قائد الثورة عبدالله اوجلان ( ئابو ) و تدهور الاوضاع تقريبا  لفترة من الزمن , سرعان ما اعادوا تنظيم صفوفهم ومعاودة القتال , هذا القتال كان ولايزال متذبذبا ً في فترة من الزمن نجد الأستقرار وسكوت فوهات البنادق وهدير الدبابات هنا وهناك , ومفاوضات متقطعة وزيارات متبادلة بوساطة الأطراف الأقليمية وبالأخص حكومة أقليم كوردستان وشخص رئيس الأقليم السيد مسعود بارزاني , لكن في فترة أخرى نجد هناك تصعيد في وتيرة المقاومة والحرب على مدن وعسكر تركيا ! فأين الخلل ؟ وماأسباب حصول هذا التناقض ؟

 

السبب الرئيسي أن الحكومة التركية غير مستقره داخليا ً ,  وهناك صراع بين العسكر والحكومة وأعتقالات لجنرالات أتهموا بقمع الشعب التركي قبل الشعب الكوردي , وهؤلاء أحدثوا زعزعة في عدم استقرار الأناضول أصلا ً , بالاضافة الى محاكمة قادة ثورة انقلاب كنعان أفرين والذين اعدموا ( أنينونى ) ورفاقه أنذاك , وفي الفترة الأخيرة بدء أردوغان بتصفية  محاكمة القوميين الترك , ومن بعد ذلك فصل الجنرالات القوميين واحالتهم على التقاعد , وقيام أردوغان بتصفية ونقل القضاة في المحاكم . ومع أستمرار أنتخاب حزب العدالة  AKP بقيادة أردوغان من جديد تدهور الآوضاع السياسية أكثر فأكثر بين الحزب والحكومة من جانب والاحزاب المعارضة من جانب أخر. كذلك دخول النواب الكورد الى مجلس البرلمان التركي , ومطالبتهم بالحقوق القومية ووقوفهم كمعارضين , وميلان الاخير الى حزب العمال الكوردستاني PKK أثر كثيرا ً في مواقف أردوغان .

 

رغم محاولات أردوغان تهدئة الاوضاع في الاناضول للتفرغ الى مواجهة المعارضة , وأيجاد الحلول الجذرية للمسألة الكوردية , إلا أن البعض من الأطراف الداخلية لهم أيادي خفية من أجل عدم تحقيق تلك المكاسب , وإلا فأن أردوغان لهم النيه والتخطيط للسلام وحقوق الكورد قبل كل شيء  . ويحاول المعارضة في الداخل تأجيج الصراع بكل قوة من أجل عدم أستقرار حكومة أردوغان , أضافة الى عمليات التخريب الداخلية بدفع بعض المأجورين للقيام بعمليات تخريبية في مدن تركيا وأخرها عمليات الحرائق داخل السجون التركية في مدينة شانلي ئورفا . ومن جهة أخرى هناك مصالح للعسكر والجنرالات في الأناضول في مواجهة حزب العمال الكوردستاني PKK ويستفيدون كثيرا من خلال التجارة  ومكتسبات من خلال التهريب ونقل المخدرات بين الأطراف وتجارة السلاح ومكتسابتهم من المافيا الدولية من تلك العمليات  . ولهذا من الطبيعي أن يتم قصف مناطق مؤهلة بالسكان المدنيين وممرات وعرة بين جبال كوردستان وتركيا من قبل المقاتلات التركية بأوامر من الجنرالات دون أخذ  موافقة أردوغان من أجل تدهور الآوضاع ومصالحهم الشخصية .

 

الأوضاع الأقليمية ومعارك سوريا لها تأثير كبير على تدهور الآوضاع بين حزب العمال الكوردستاني PKK وحكومة تركيا , والحكومة السورية كانت ولاتزال لها الدعم بكل قوة لهم , ولاننسى أنهم فسحوا المجال لسنوات طويلة بأقامة معسكرات التدريب في داخل أراضي سوريا وسهل البقاع  , واليوم حكومة تركيا لديها علاقات متوترة ومواجهات مع الحكومة السورية وهناك دعم كبير للثوار في سوريا , وهناك عشرات الألوف من اللاجئين السوريين في اراضي تركيا . فبكل تأكيد هناك رد بالمثل , والحكومة البعثية بمساعدة أيران تساندان حزب العمال الكوردستاني PKK من أجل أستمرار المعارك والتأثير على أردوغان , أي أن PKK  مجرد أداة وورقة ضغط لسوريا وأيران ضد تركيا وحتى ضد حكومة أقليم كوردستان .

 

حاولت حكومة أقليم كوردستان مرارا ً عدم أنجرار حزب العمال الكوردستاني PKK في تلك المواجهات والتعلم من دروس التأريخ والجلوس الى طاولة المفاوضات وتحقيق المكاسب القومية بالحوار والنضال السلمي دون أستخدام القوة والسلاح وسفك الدماء , لكن لم يستمعوا الى النصائح ويحاولون أنجرار حكومة وشعب الأقليم في تلك المشاكل , وفي الأخير تأثير ذلك على العلاقات الجيدة بين تركيا والأقليم , وأيقاف العمران والتطور في كوردستان , لمصلحة من كل هذه التصرفات من قبل حزب العمال الكوردستاني PKK .. ؟ لماذا يحاولون القضاء على مكتسبات شعب كوردستان العراق وتورطهم في معارك مع دول الجوار بلا سبب ؟ ألا تكفي حكومة كوردستان المشاكل مع الحكومة المركزية ؟ والتوتر بين الحين والاخر مع أيران ؟

 

حكومة وشعب ورئيس أقليم كوردستان , كانوا سباقين في التنديد بسفك دماء الابرياء في المواجهات بين الطرفين  , وطالبوا بأستمرار وقف نزيف الدم , وعدم الآنجرار خلف المخططات الاقليمية والدولية , لهذا على قيادة حزب العمال الكوردستاني PKK الأنصياع الى تلك النداءات , وإلا فأن المواجهة مع قوات البيشمه ركه ليست في مصالحهم , وقطع الطرق بشكل نهائي الى قنديل ومحاصرتهم , خطر على أستمرار تلك العمليات والمفاوضات  , لآن  حكومة وشعب ورئيس أقليم كوردستان لايريدون أصلا ً مواجهة الكورد مع الكورد . لكن لو أضطروا فأن ذلك من أجل الحفاظ على أمان وسلامة أقليم كوردستان وشعب كوردستان  , والمحافظة على مكتسبات سنوات طويلة , وعدم تدهور أستقرار الاوضاع في الأقليم , وعدم توقف النهضة والعمران والتقدم في الأقليم .

 

على قيادة حزب العمال الكوردستاني PKK إعادة النظر في المخططات والمواجهات , وعدم الانجرار على المخططات الاقليمية من قبل البعض من اجل مواقفهم ومصالحهم ويكونوا مجرد ورقة ضغط ولعبة في ايادي اعداء القضية الكوردية . على القيادة المشاركة في الحفاظ على مكتسبات شعب اقليم كوردستان العراق من اجل ان تكون لهم قاعدة اساسية وتجربة فريدة في المنطقة لمستقبل شعب كوردستان في تركيا وباقي دول المنطقة . لآن بقاء اردوغان في الحكم أستمرار لمحاولات منح الشعب الكوردي الحقوق القومية والقضاء على حكم وقوة العسكر في تركيا . وليعلم قيادة حزب العمال الكوردستاني PKK انهم مهما استمرت ثورتهم عليهم التفاوض والجلوس الى لغة الحوار  اليوم قبل غد , ولايمكن لعسكر دول وجيوش العالم القضاء على الكورد لو استمرت الحروب مئات السنين .. لكن السلام ثم السلام .. والحوار ثم الحوار .. اساس التفاهم بين الاطراف . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل القصاب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/20



كتابة تعليق لموضوع : من هم وراء تصعيد المواجهات من قبل PKK
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net