الشهادة الثالثة و مفردات من القرآن الكريم (ولي الله) (ح 3)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كل مجموعة من حلقات هذه السلسلة تنشر في أحد المواقع
جاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قال الله تعالى عن ولي الله "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" ﴿المائدة 55﴾ خاشعون أو يصلون صلاة التطوع. قال الله سبحانه "إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ" ﴿الأعراف 196﴾ "إن وليي الله" متولي أموري، "الذي نزَّل الكتاب" القرآن، "وهو يتولى الصالحين" بحفظه. قال الله عز وجل "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" ﴿يونس 62﴾ في الآخرة.
عن تفسير التبيان للشيخ الطوسي: قوله تعالى "إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ" ﴿الأعراف 196﴾ روي إبن خنيس عن السوسي "ان ولي الله" بياء مشددة مفتوحة. الباقون بثلاث ياءات الأولي ساكنة و الثانية مكسورة و الثالثة مفتوحة- علي الاضافة و من قرأ مشدداً حذف الوسطي و ادغم الاولي في الثالثة. و لا يجوز إدغام الثانية في الثالثة، لأنها متحركة و قبلها ساكن لا يمكن الأدغام. امر اللّه تعالي نبيه صلي الله عليه و آله و سلّم ان يقول للمشركين "إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي" يحفظني و ينصرني و يحوطني و يدفع شرككم عني هو اللّه ألذي خلقني و إياكم جميعاً و يملكني و يملككم ألذي نزل القرآن، و هو ينصر الصالحين الّذين يطيعونه و يجتنبون معاصيه تارة بالحجة و اخري بالدفع عنهم. قال الله عز وجل "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" ﴿يونس 62﴾ بين اللّه تعالي في هذه الاية أن أولياءه لا خوف عليهم يوم القيامة من العقاب "وَ لا هُم يَحزَنُونَ" اي و لا يخافون. و قال إبن عباس و سعيد بن جبير: هم قوم ذكرهم اللّه بما هم عليه من سيماء الخير و الإخبات. و قال إبن زيد: هم الّذين آمنوا و كانوا يتقون. و قد بينهم في الاية بعدها. و قال قوم: هم المتحابون في اللّه ذكر ذلک في خبر مرفوع. و الأولياء جمع ولي و هو ألذي يستحق من اللّه ان يوليه ثوابه و كرامته، و هو المطيع للّه ألذي يتولي إجلاله و إعظامه. و قيل: الولي النصير و لا يسمي المتولي الانعام علي غيره انه وليه، لأنه قد يتولي الانعام عليه للمظاهرة بالجميل في أمره و استصلاحه ألذي يصرف عن القبيح، و ان کان عدوه. و لا يجتمع الولاية و العداوة. و الخوف انزعاج القلب لما يتوقع من المكروه. و الخوف و الفزع و الجزع نظائر، و ضده الأمن. و الحزن غلظ الهّم مأخوذ من الحزن، و هي الإرض الغليظة، و ضده السرور. قال الجبائي: هذه الآية تدل علي ان المؤمنين المستحقين للثواب لا يخافون يوم القيامة أصلا بخلاف ما يقول قوم انهم يخافون الي ان يجوزوا الصراط. و قال البلخي: ليس يمتنع ان يخافوا من اهوال يوم القيامة و ان علموا ان مصيرهم الي الجنة و الثواب. و علي ما نذهب اليه من انه يجوز ان يعاقب اللّه بعض الفساق ثم يردهم الي الثواب ينبغي ان تكون الآية مخصوصة بمن لا يستحق العقاب أصلا. او نقول المراد بذلك لا خوف عليهم و لا هم يحزنون لذلك. و روي عن الحسين عليه السلام انهم الّذين ادّوا فرائض اللّه و أخذوا بسنن رسول اللّه و تورعوا عن محارم اللّه و زهدوا في عاجل زهرة الدنيا، و رغبوا فيما عند اللّه و اكتسبوا الطيب من رزق اللّه لمعايشهم لا يريدون به التفاخر و التكاثر. ثم أنفقوه فيما يلزمهم من حقوق واجبة، فأولئك الّذين يبارك اللّه لهم فيما اكتسبوا و يثابون علي ما قدموا منه لآخرتهم.
تكملة للحلقتين السابقتين جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ" ﴿المائدة 55-56﴾ على أن الروايات متكاثرة من طرق الشيعة وأهل السنة على أن الآيتين نازلتان في أمير المؤمنين علي عليه السلام لما تصدق بخاتمه وهو في الصلاة، فالآيتان خاصتان غير عامتين، وسيجيء نقل جل ما ورد من الروايات في ذلك في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى. ولو صح الإعراض في تفسير آية بالأسباب المأثورة عن مثل هذه الروايات على تكاثرها وتراكمها لم يصح الركون إلى شيء من أسباب النزول المأثورة في شيء من آيات القرآن وهو ظاهر، فلا وجه لحمل الآيتين على إرادة ولاية المؤمنين بعضهم لبعض بجعلها عامة. نعم استشكلوا في الروايات ـ ولم يكن ينبغي أن يستشكل فيها مع ما فيها من الكثرة البالغة أولا: بأنها تنافي سياق الآيات الظاهر في ولاية النصرة كما تقدمت الإشارة إليه ؛ وثانيا: أن لازمها إطلاق الجمع وإرادة الواحد فإن المراد بالذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة (إلخ)، على هذا التقدير هو علي ولا يساعده اللغة، وثالثا: أن لازمها كون المراد بالزكاة هو التصدق بالخاتم، ولا يسمى ذلك زكاة. قالوا: فالمتعين أن تؤخذ الآية عامة، وتكون مسوقة لمثل قصر القلب أو الإفراد فقد كان المنافقون يسارعون إلى ولاية أهل الكتاب ويؤكدونها، فنهى الله عن ذلك وذكر أن أولياءهم إنما هم الله ورسوله والمؤمنون حقا دون أهل الكتاب والمنافقين. ولا يبقى إلا مخالفة هذا المعنى لظاهر قوله: "وَهُمْ راكِعُونَ" ويندفع بحمل الركوع على معناه المجازي، وهو الخضوع لله أو الفقر ورثاثة الحال، هذا ما استشكلوه. لكن التدبر في الآية وما يناظرها من الآيات يوجب سقوط الوجوه المذكورة جميعا: أما وقوع الآية في سياق ولاية النصرة، ولزوم حملها على إرادة ذلك فقد عرفت أن الآيات غير مسوقة لهذا الغرض أصلا، ولو فرض سرد الآيات السابقة على هذه الآية لبيان أمر ولاية النصرة لم تشاركها الآية في هذا الغرض. وأما حديث لزوم إطلاق الجمع وإرادة الواحد في قوله: "وَالَّذِينَ آمَنُوا" إلخ، فقد عرفت في الكلام على آية المباهلة في الجزء الثالث من هذا الكتاب تفصيل الجواب عنه، وأنه فرق بين إطلاق لفظ الجمع وإرادة الواحد واستعماله فيه، وبين إعطاء حكم كلي أو الإخبار بمعرف جمعي في لفظ الجمع لينطبق على من يصح أن ينطبق عليه، ثم لا يكون المصداق الذي يصح أن ينطبق عليه إلا واحدا فردا واللغة تأبى عن قبول الأول دون الثاني على شيوعه في الاستعمالات. وليت شعري ما ذا يقولون في مثل قوله تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ـ إلى أن قال: "تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ" (الممتحنة 1)، وقد صح أن المراد به حاطب بن أبي بلتعة في مكاتبته قريشا؟ وقوله تعالى: "يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ" (المنافقون 8)، وقد صح أن القائل به عبد الله بن أبي بن سلول؟ وقوله تعالى: "يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ" (البقرة 215) والسائل عنه واحد؟، وقوله تعالى: "الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً" (البقرة 274) وقد ورد أن المنفق كان عليا أو أبا بكر ؟ إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة. وأعجب من الجميع قوله تعالى: "يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ" والقائل هو عبد الله بن أبي، على ما رووا في سبب نزوله وتلقوه بالقبول، والآية واقعة بين الآيات المبحوث عنها نفسها. فإن قيل: إن هذه الموارد لا تخلو عن أناس كانوا يرون رأيهم أو يرضون بفعالهم فعبر الله تعالى عنهم وعمن يلحق بهم بصيغة الجمع. قيل: إن محصله جواز ذلك في اللغة لنكتة مجوزة فليجر الآية أعني قوله: "وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ" هذا المجرى، ولتكن النكتة هي الإشارة إلى أن أنواع الكرامات الدينية ـ ومنها الولاية المذكورة في الآية ـ ليست موقوفة على بعض المؤمنين دون بعض وقفا جزافيا وإنما يتبع التقدم في الإخلاص والعمل لا غير. على أن جل الناقلين لهذه الأخبار هم صحابة النبي صلى الله عليه وآله والتابعون المتصلون بهم زمانا وهم من زمرة العرب العرباء الذين لم تفسد لغتهم ولم تختلط ألسنتهم ولو كان هذا النحو من الاستعمال لا تبيحه اللغة ولا يعهده أهلها لم تقبله طباعهم، ولكانوا أحق باستشكاله والاعتراض عليه، ولم يؤثر من أحد منهم ذلك.
جاء عن مركز الابحاث العقائدية: السؤال: من هو أول من قال أشهد أن عليا ولي الله؟ هل يمكن ان تدكرو لي الروايات؟ هل توجد في كتب أهل الجماعة؟ الجواب: في كتاب الشهادة الثالثة للشيخ محمد السند قال: المحطة الأولى: إن من اقدم الشهادات التاريخية على السيرة في ذكر الشهادة الثالثة هي ما ذكره العامة في كتب التراجم في ترجمة كدير الضبي وهو احد صحابة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأنه ذكرها في تشهد الصلاة حيث صلى على النبي وعلى الوصي بلفظ الوصي وهو ينبئ عن السيرة الموجودة لدى صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ممن كان يتشيع لأمير المؤمنين عليه السلام ويظهر من التراجم المشار اليها معروفية تضعيفه لاجل ذلك. وروى محمد بن سليمان الكوفي القاضي المتوفى بعد الثلاثمائة هجري قمري في كتابه مناقب أمير المؤمنين قال: (حدثنا محمد بن منصور عن عثمان بن ابي شيبة عن جرير عن المغيرة عن سماك بن سلمة قال: دخلت على كدير الضبي حين صليت الغداة فقالت لي امرأته: ادنو منه فإنه يصلي فسمعته يقول: سلام على النبي والوصي فقلت لا والله لا يراني عائد اليك). بل ان هناك روايات اخرى تعد اقدم من ذلك عن جماعة كثيرة من الصحابة وهي ما روي عن ابن عباس في عدة روايات بسند متصل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيأتي ذكرها في الفصل الثاني في الطوائف الروائية العامة كالطائفة الاولى حيث قرن فيها الشهادات الثلاث وقريب منه ما رواه الصدوق عن ابن عباس بسند متصل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن الاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام والاصبغ من أوائل التابعين - وهذه يدلل على ان السيرة متقادمة في الصحابة والتابعين وكذلك ما رواه الفضل بن شاذان عن الأعمش عن جابر عن مجاهد عن عبد الله بن العباس وسنأتي في الفصل الثاني في الطائفة الاولى من طوائف روايات العامة وكذلك ما رواه الفضل بن شاذان عن عبد الله بن مسعود وكذلك روى عنه الفضل بن شاذان حديث المعراج من اقتران الشهادات الثلاث. اقول: فيظهر من هذه الروايات وغيرها ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرض على اقتران الشهادات الثلاث في عدة مواطن لدفع المسلمين على الاعتياد على ذكر الشهادة الثالثة كلما ذكروا الشهادتين وجعلها شعارا لهم في كل المواطن والشعائر العبادية ومنها الاذان وقد روى الصدوق بإسناده في كمال الدين عن ابي الطفيل عامر بن واثلة اقتران الشهادات الثلاث وهناك روايات اخرى في الفصل الثاني رواها الطبراني والحافظ ابن عساكر والسيوطي وابن عدي وغيرهم عن انس بن مالك وجابر بن عبد الله الانصاري وأبي الحمراء خادم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم من الصحابة في اقتران الشهادات الثلاث وكلها من كتب ومصادر العامة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat