صفحة الكاتب : سلمان عبد الاعلى

الدموع التي يحبها الحسين (ع)
سلمان عبد الاعلى

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  في البداية عزمت على كتابة مقالة بعنوان: دموع لا يحبها الحسين(ع)، غير أنني تراجعت عن هذا العنوان السلبي لأتجه نحو عنوان آخر يدور حول نفس الموضوع ويؤدي نفس الغرض، ولكن تحت مسمى آخر يحمل روحاً إيجابية، ولهذا قررت أخيراً أن أكتب هذا الموضوع الذي نحن بصدده الآن، لأن المضمون سيبقى تقريباً واحداً وإن اختلف العنوان من دموعٌ لا يحبها الحسين (ع) إلى الدموع التي يحبها الحسين (ع).
          لقد اعتاد الشيعة على البكاء على الإمام الحسين (ع) منذ أمد طويل، وبالخصوص في العشر الأوائل من شهر محرم من كل عام، وهذا البكاء لم يأتي اعتباطاً وإنما هناك الكثير من النصوص الدينية التي يستندون إليها، منها ما روي عن الإمام الصادق(ع): ((إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي (ع)، فإنه فيه مأجور)).
          ولكن ثمة تساؤل يطرح نفسه هنا: هل أراد الأئمة عليهم السلام أن يكون البكاء على الحسين (ع) بالشكل الذي نجده الآن أم أنهم أرادوه بشكل آخر؟ وهل أرادوا من هذا البكاء الذي أكدوا عليه مراراً وتكراراً أن يكون هو الغاية في حد ذاته أم أنهم أرادوا من وراءه أمراً آخر واتخذوا  من البكاء وسيلةً للوصول لهذه الغاية؟!
          إنني أعتقد بأن الحث والتأكيد على البكاء من قبل المعصومين عليهم السلام، ما هو إلا وسيلة لربط الناس بالإمام الحسين(ع) وبنهضته وبأهدافه التي استشهد من أجلها، أي أن البكاء وإن حثوا عليه فإنهم لم يحثوا عليه لأجل ذاته (البكاء للبكاء) وإنما هو وسيلةً لضمان تفاعل الأمة وارتباطها مع قضية الحسين (ع)، والتي لها أبعاد أكبر بكثير مما يظهر في البكاء. 
          ولكن ما نشاهده من البعض، وأقول هنا البعض وليس الكل، أنهم يبكون الحسين (ع) دون أن يؤثر هذا البكاء على سلوكياتهم وأفكارهم بالشكل المطلوب، ومن المفترض أن يكون لهذا البكاء انعكاساته الواضحة على حياة الإنسان المؤمن بالحسين (ع) وبأهدافه وبمبادئه، فالحسين (ع) لم يضحي بحياته فقط من أجل أن نطلق عليه الزفرات والدموع، بل لكي نصلح من أنفسنا وواقعنا، لأن الدموع التي تؤثر في أرواحنا وأفكارنا وسلوكياتنا هي الدموع التي يحبها الحسين(ع)، وذلك لأنها تتماشى مع أهداف نهضته. 
          وقد يقول قائل: بأن الحسين عبرة (بكسر العين) وعبرة (بفتح العين)، وهذا صحيح ولا يتنافى مع ما ذكرناه، فنحن لم نقل بأن البكاء ليس له أهمية تذكر، وإنما كان كلامنا حول الدور الإيجابي الذي من الممكن أن يلعبه البكاء للوصول للغاية الأسمى، وهي الارتباط والتفاعل مع الحسين(ع) والتأثر بنهضته وبأهدافه الرسالية، أي نريد أن ينعكس هذا الارتباط على حياتنا وواقعنا، لا أن تكون دموعنا فقط من أجل العبرة (بفتح العين)، بل نريدها من أجل العبرة (بفتح العين)، لأن الأولى ترجعنا وتهدمنا أما الثانية فهي تهذبنا وتبنينا. 
    

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سلمان عبد الاعلى
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/19



كتابة تعليق لموضوع : الدموع التي يحبها الحسين (ع)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net