صفحة الكاتب : د . رعد هادي جبارة

خصوصية المفردة القرآنية وفَضْل قراءة القرآن_ج11
د . رعد هادي جبارة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما نمعن النظر في القرآن الكريم نجده يصف التالين له بالإيمان،حيث وردت الكثير من الآيات التي تدلّ على فَضْل قراءة القرآن الكريم، ومنها قَوْل الله -تعالى-: 
*(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)* 
[البقرة - الآية 121]
وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يفعل ذلك؛ حيث ورد عن حذيفة بن اليمان أنّه قال: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه "وآله" وسلَّمَ كان إذا مَرَّ بآيةِ خَوفٍ تَعوَّذَ، وإذا مَرَّ بآيةِ رَحْمةٍ سَأَلَ،و إذا مرَّ بآيةٍ فيها تَنزيهُ اللهِ سبَّحَ.)[ مسند أحمد ].
 وورد عن الحسن أنّه قال عن عمن يقرأون القرآن حق تلاوته: "هُمُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ، وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِهِ، وَيَكِلُونَ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ إِلَى عَالِمِهِ"
وقيل : يقرءونه حق قراءته .
قلت : وهذا فيه بُعد ، إلا أن يكون المعنى: يرتلون ألفاظه ، ويفهمون معانيه ، فإن بفهم المعاني يكون الاتّباع لمن وُفِّق. [انظر:تفسيرالقرطبي] 
  ومن الآيات التي تدلّ على فَضْل قراءة القرآن الكريم أيضاً قَوْل الله تعالى: 
*(وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً)*
[سورةالإسراء - 45]. 
 وقد فسّر القشيريّ الآية بحِفظ الله -تعالى- لقارئ القرآن الكريم في الدنيا و الآخرة، وتولّيه؛ بمنع الأيادي الخاطئة من الوصول إليه.
   فقد أخْرَجَ أبُو يَعْلى، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ و صَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، و أبُو نُعَيْمٍ،والبيهقي معا في الدلائل عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما نزلت "تبت يدا أبي لهب " أقبلت العوراء أم جميل أروى ولها ولولة وفي يدها فهر و رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس و أبو بكر إلى جنبه فقال أبو بكر: لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك. فقال ص: (إنها لن تراني) وقرأ قرآنا اعتصم به، كما قال تعالى: " وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا " فجاءت حتى قامت على أبي بكر فلم تر النبي صلى الله عليه وآله وسلم....
[الدر المنثور للسيوطي، والميزان للطباطبائي: ج١٣ ص١٢٤]
     وقد تحدّث مجموعة من المفسّرين مثل الطبرسي في «مجمع البيان» و الفخر الرازي في «التّفسير الكبير» و آخرون، في شأن نزول هذه الآيات، فقالوا: إنّها نزلت في مجموعة من المشركين كانوا يؤذون النّبي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم بالليل إذا تلا القرآن و صلّی عند الكعبة، و كانوا يرمونه بالحجارة و يمنعونه عن دعوة الناس إلی الدين، فحال اللّه سبحانه بينه و بينهم حتی لا يؤذوه. و قد احتمل الطبرسي أن يكون اللّه منع المشركين عن رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و سلّم عن طريق إلقاء الخوف و الرعب في قلوبهم [أنظر:مجمع البيان ج٣ص٤١٨].

  ‏أمّا الرازي فيقول في ذلك: «إنّ هذه الآية نزلت في قوم كانوا يؤذون رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و سلّم إذا قرأ القرآن علی الناس.إذ ‏روي‌ أنّه عليه الصلاة و السّلام كان كلّما قرأ القرآن قام عن يمينه رجلان و عن يساره آخران من ولد قصي يصفقون و يصفرون و يخلطون عليه بالأشعار».
[الأمثل:مكارم الشيرازي]

 ومن فضائل قراءة القرآن الكريم نَيْل ما وعد الله <تعالى> به عباده من الأجر و الثواب ونعيم الجنّة، لقَوْله تعالى: *(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَ يَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)* [سورة فاطر].
    وقد فسّر البغويّ الآية الكريمة بأنّ قارئ القرآن الكريم يرجو تجارةً لن تفسد، وهي وعدٌ من الله -تعالى- له بالأجر و الثواب، وذهب ابن عباس -ره- إلى أنّ الزيادة في الفَضْل تعني: "سِوَى الثَّوَابِ مِمَّا لَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ".

  وقد ورد فَضْل قراءة القرآن والأدلّة عليه في الأحاديث النبويّة التي تُبيّن عِظَم فَضْل قراءة القرآن الكريم، ويُمكن بيان بعضها فيما يأتي:
   فقد ثبت أنّ الله <تعالى> يُضاعف أجر قارئ القرآن الكريم؛ لما ورد عن عبدالله بن مسعود  عن رسول الله -ص- أنّه قال: [مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِنْ (ألِفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ].
[بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين؛ لسليم الهلالي، وكذلك سنن الترمذي].
وقارئ القرآن ينال مرتبة السَّفرة الكرام البَرَرة [صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 798]  .
   ومن الاحاديث النبويّة الشريفة التي تدلّ على ذلك ما ورد عن رسول الله <صلّى الله عليه وآله وسلّم> أنّه قال: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة،  والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ و يَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجرانِ).
[شرح أصول الكافي - المولى محمد صالح المازندراني ج ١١ص٢٤].

  نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لنكون من قرّاء كتاب الله كما هو حقه ، و أن ينفعنا في الدنيا و الآخرة بتطبيق تعاليمه و اجتناب نواهيه، كي ننال شفاعته يوم القيامة،وما ذلك على الله بعزيز.
#يتبع*


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رعد هادي جبارة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/06/14



كتابة تعليق لموضوع : خصوصية المفردة القرآنية وفَضْل قراءة القرآن_ج11
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net