صفحة الكاتب : الشيخ طارق البغدادي

معنى (أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)
الشيخ طارق البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 - اليوم (أتممت عليكم نعمتي) بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام 

- ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه نعمة كبرى

- ما هي النعمة؟


✍️ (النعمة) هي كل ما يستفيده الإنسان من المنافع الملائمة لطبعه وتلبي لديه حاجة من حوائجه، فيحصل عنده حالة من المتعة واللذة، سواء كانت النعم مادية أو معنوية، دنيوية او اخروية، تكوينية او تشريعية، كما قال تعالى (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) اي متنوعة، وهذه النعم كثيرة جدا تملأ جميع جهات الوجود الإنساني حيث يغفل الإنسان عن ملاحظة الكثير منها كما قال (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا).

✍️ الا انه سبحانه وتعالى وصف بعض النعم بأنها لهو ولعب (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)، بل وصف بعضها بالشر والخسة كما قال (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ).

✍️ أما النعم المحمودة الممدوحة وهي التي تنسب إلى الله تعالى، فإنها نعم حقيقية لانها توافق الغرض الإلهي من وجودها لأجل الإنسان، وهذه النعم هي في الحقيقة عبارة عن نوع من الإمداد السماوي للانسان، وخلقت لأجل مساعدة الإنسان في مسيرته التكاملية وصعوده  في مدارج الفضائل وتعتبر نوعا من الدعم له لكي يتصرف بها في سبيل سعادته الحقيقية، وهي التقرب من المولى عز وجل بالعبودية والخضوع للربوبية، وحينئذ يتحقق الغرض الإلهي من خلق الإنسان كما قال جل شأنه (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

فكل ما يتصرف فيه الإنسان في رحلته ومسيرته إلى حضرة القرب من الله وابتغاء مرضاته فهو (نعمة)، وإذا انعكس الأمر صار نقمة.

هذه هي (النعمة) حقيقة.

✍️ أما ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه فهي النعمة الكبرى والعظمى لأن (الولاية) هي نوع تدبير لشؤون العبد من الله تعالى في سبيل تحقيق الغرض الإلهي من خلق الإنسان وسوق الإنسان إلى الكمال وإلى السعادة الحقيقية من اقرب الطرق إلى الله تعالى. (وسيرنا في اقرب الطرق للوفود عليك) ولا شك أن الإمام أمير المؤمنين والأئمة من ولده صلوات الله عليهم أجمعين يعملون على تدبير شؤون العباد وقيادتهم في ظل أجواء الصراع والابتلاء والظروف القاسية التي يعيشها الإنسان في الحياة الدنيا، ولا يملك أي أحد غيرهم القدرة على أن يسير بالسفن في بحر متلاطم الأمواج خطير الهيجان ويوصلها إلى بر الأمان من خلال أفضل الطرق وأقصرها وأقلها كلفة وخطرا.
لا أحد سوى من اصطفاه الله تبارك وتعالى.

✍️ أن ولاية أمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم مشتقة من ولاية النبي الاعظم صلى الله عليه وآله لأنه هو المبلغ لها (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)، وداخلة تحت ولاية الله لانه هو الذي اختار واصطفى (من ربك)، وهو نوع تدبير من الله تعالى خالق العباد في كيفية تسيير شؤونهم وتدبير أمورهم من خلال ولاية أمير المؤمنين والأئمة من ولده صلوات الله عليهم أجمعين.

✍️ ومن جهة أخرى فإنه في هذا اليوم وبهذه الولاية العلوية يتحقق قوله تعالى (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) حيث أكملت لكم مجموع المعارف الدينية التي أنزلتها إليكم بفرض الولاية، وأتممت عليكم نعمتي وهى الولاية التي هي إدارة أمور الدين وتدبيرها تدبيرا إلهيا، فإنها كانت إلى اليوم ولاية الله ورسوله، وهى إنما تكفى ما دام الوحي ينزل، ولا تكفى لما بعد ذلك من زمان انقطاع الوحي، ولا رسول بين الناس يحمى دين الله ويذب عنه، بل من الواجب أن ينصب من يقوم بذلك، وهو ولى الامر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، القيم على أمور الدين والأمة، فالولاية مشروعة واحدة، كانت ناقصة غير تامة حتى تمت بنصب ولي الامر.

🌹 أيها الموالي العزيز
اذا عرفت ذلك تكون قد وقفت على شيء من عظمة هذا اليوم وشأن هذه النعمة الكبرى، وما خفي كان أعظم.
فهنيئا لكل من تقبل وتشرف بقبول هذه الولاية وهذا العهد والميثاق الإلهي العظيم.

ومن هنا تعرف السر في الكلمة التي صرخ بها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله:
(الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي).
وذلك عندما نزلت عليه آية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).

الله اكبر ...

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ طارق البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/06/24


  أحدث مشاركات الكاتب :



كتابة تعليق لموضوع : معنى (أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net