صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

كتاب الأربعين والمشي الى الحسين للشيخ الصمياني والقرآن الكريم (ح 1)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تتضمن علاقة الكتاب بالقرآن الكريم الفقرات التالية: المقدمة، استحباب الزيارة، العدد أربعين، المشي في القرآن، المشي الممدوح، فوائد الزيارة، الاعتزاز بالانتماء، الوقوف امام الأعداء، تعرف الناس ولقائهم، الفوائد الاقتصادية، التحمل والصبر، العلاج برياضة المشي، تجسيد مبدأ الولاية، التسليم والطاعة لاهل البيت وعصمتهم، تأكيد الهوية، المبايعة خلال الزيارة، المهرجان السنوي، شبهات وردود، آداب الزائر، واقتراحات.

جاء في کتاب الاربعين وفلسفة المشي الى الحسين عليه السلام للشيخ حيدر الصمياني: المقدمة: الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين. قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" (يوسف 111). أما بعد، التاريخ يمثل ذاكرة الأمم وعقلها المتحرك ومن البديهي أن كل أمة لا تستطيع أن تتحرك إلا من خلال عقلها وذاكرتها، من هنا دأب الناس على دراسة التاريخ والتمعن فيه لأخذ العظات والعبر، ومن أجل ذلك تجد أن الأمة التي لا تملك تاريخاً تقف به أمام الأمم الأخرى مفتخرة تحاول جاهدة أن تصنع لنفسها تاريخاً حتى تقف به أمام الآخرين مرفوعة الرأس وحتى تعلم أجيالها أننا أمة نملك ثقلاً في عمق التاريخ، يقول أحمد شوقي: اقرءوا التاريخ إذْ فيه العبرْ * ضلَّ قومٌ ليس يدرون الخبرْ. وما هذه الزيارة المليونية التي يتوجه فيها الناس إلى الحسين عليه السلام يوم الأربعين إلا رسالة يبعثها العاشقون للحسين والمحبون له إلى كل طغاة الأرض في غابرها وحاضرها أنّكم فشلتم في محاربتنا والقضاء علينا وأنّ الحسين عليه السلام قد انتصر منذ اليوم الأول لشهادته والى يومنا هذا حتى صار ملاذاً لكل أحرار العالم من المسلمين وغير المسلمين وأصبح عدوه لعنة وسُبّة في لسان الدهر إلى يوم القيامة.

وعن التفريق بين استحباب زيارة الأربعين ورجوع السبايا يقول الشيخ الصمياني في كتابه: وهذه النقطة مهمة للغاية في الحديث عن كل من هذين الأمرين حيث أن منهج إثبات الحكم الشرعي بأنواعه الخمسة من وجوب وحرمة واستحباب وكراهة وإباحة مختلف بشكل كبير عن منهج إثبات القضايا التاريخية، وذلك لأن البحث في الأحكام الشرعية وأدلتها من الآيات والروايات إنما يراد منها أن تنتهي إلى التعذير أو التنجيز، وبعبارة أخرى أكثر وضوحاً، يراد من البحث الفقهي أن ينتهي إلى أن مثل هذا الأمر، هل هو واجب ملزم أولا؟ وبالتالي تثبت العقوبة بمخالفته أو أنه ليس كذلك. ومن هنا تجد أن الفقهاء يتشددون دائماً في هذا الطريق حتى لا ينسبوا إلى الله جل وعلا ما ليس له وبالتالي يكونون مصداقاً لقول الله تعالى: "قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ" (يونس 59). ومثل هذا التشدد لا يوجد في إثبات القضايا التاريخية، وعليه فإن من الخطأ الفادح أن يأتي البعض ويحاول أن يسأل عن صحة الرواية أو عدم صحتها في المسائل التاريخية، وهذا لاشك لا يعني بالضرورة، أننا نقبل كل ما كتبه المؤرخون ونتساهل في تصحيح الأحداث التاريخية لمجرد ذكرهم لها، وفي عين الوقت لا يعني ذلك أننا نرفض كل هذه الأحداث والمواقف التاريخية لأنها لم تكن روايتها مسندة وصحيحه على وفق المبنى الفقهي في التعامل مع الروايات.

وعن ورود العدد (أربعين) في النصوص الإسلامية عامة والحسينية خاصة يقول الشيخ حيدر الصمياني: لاشك ولا ريب أن هناك مجموعة من الأعداد ورد ذكرها في النصوص الإسلامية أكثر من مرة، كالعدد (100) و(70) و(40) و(33) و(34) ومما لا ريب ولاشك فيه أنّه لم يقل أحد من المسلمين أياً كان مذهبه ومشربه إنّ هذه الأعداد وردت على وجه الصدفة واللاقصد، وبالتالي لابد أن تكون هذه الأعداد تحمل في نفسها أسراراً وخفايا وحكماً قد يتبين لنا منها شيء وتخفى علينا منها أشياء. ومن هذه الأعداد التي تم التأكيد عليها في النصوص الإسلامية قرآناً وسنةً هو العدد (40) حيث تحدث عنه القرآن الكريم في أربعة مواضع وهي: 1. في قوله تعالى: "وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" (البقرة 52). 2. في قوله تعالى: "وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ" (الأعراف 142). 3. في قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ" (الأحقاف 15). 4. في قوله تعالى: "قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ" (المائدة 26). وأما الروايات فقد حفلت كتب السنّة والشيعة بعشرات الروايات وهي تتحدث عن هذا العدد في مختلف المجالات العباديّة وغيرها.

وعن ورود كلمة (أربعين) محلاة بالألف واللام أوضح الشيخ الصمياني في كتابه الاربعين وفلسفة المشي الى الحسين عليه السلام: ولاشك أن المراد من هذه الألف واللام خصوص العهد لا غيرها، ومن المعلوم أن الألف واللام العهدية إذا دخلت على نكرة حوّلتها إلى معرفةٍ مشخصة معروفة عند المخاطب فلا يصح مثلاً أن تطلب من شخصٍ أن يكرم الرجل ويتعاهد زيارته في الليل والنهار وهو لا يعرفه ولا يشخصه في الخارج بل لابد من افتراضه شخصاً معهوداً عند الآمر والمخاطب معاً، وقد ورد نظير هذا الأمر في القرآن الكريم وذلك في قوله تعالى "إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلاً" (المزمل 15-16) فإن ال في (الرسول) للعهد لأنه معهود لدى المخاطب حيث سبق ذكره في الآية التي قبلها ومن هنا قسم النحاة لام العهد إلى ثلاثة أقسام وهي: لام العهد الذهني: وهي التي يكون مصحوبها معلوماً ومعهوداً في الذهن، كقولهم (سيلقي الأستاذ محاضرة في الجامعة) فالمخاطب لابد أن يكون معهوداً في ذهنه عارفاً من هو ولابد أن تكون الجامعة كذلك معهودة في ذهنه عالماً بها. لام العهد الذكري: وهي التي يكون مصحوبها مذكوراً سابقاً فتعرفه فيما بعد، كالآية التي تقدمت في سورة المزمل. لام العهد الحضوري: وهي التي يكون مصحوبها حاضراً، كقوله تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي" (المائدة 3). بعد هذا كله سوف يتضح لنا أن كلمة (أربعين) في الرواية عندما جاءت محلاة بالألف واللام العهدية الذهنية لاشك أنها تريد أن تشير إلى أربعين معينة مشخصة عند المتحدث والمخاطب وهي أربعينية سيد الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام والتي أصبحت بدرجة من الشهرة والتشخيص في الواقع الإسلامي فضلاً عن الشيعي الموالي وبالتالي لا يجد المتلقي لهذا الحديث صعوبة في تطبيقها عليه وهو ما حصل عند كل من سمع بهذا الحديث قديماً وحديثاً.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/09/03



كتابة تعليق لموضوع : كتاب الأربعين والمشي الى الحسين للشيخ الصمياني والقرآن الكريم (ح 1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net