صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

(تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي) 43 // دراسة القيم الاجتماعية والأخلاقية في دعاء مكارم الأخلاق  
علي حسين الخباز

أحتلت القيم مكانا واسعا في مذهب أهل البيت عليهم السلام، مذهب إلهي إنساني يرتكز على الخير والأخلاق، وأعد سماحة السيد أحمد الصافي تلك الأدعية منهلا من المناهل المعرفية. 
وقفة متأملة متفكرة عبر المفهوم الحياتي في المعاش اليومي (مسألة الرزق) في آفاق المستورد المعرفي اليوم، ظاهرة ربط القيم الاخلاقية بالشبع وبحالات الترف، بمعنى أن هناك توجه للعامل الغريزي في حياة الإنسان، الإمام عليه السلام ركز على الحصانة الأخلاقية وتحصين المعاش، أعد الإسلام الحنيف لهذا التحصين مجموعة من الضوابط، والحفاظ على حدود تلك الضوابط بين الجواز والعدم. 
 ولد (فقه المعاملات) ليبعدَ المجتمع عن متاهات الفوضى. 
تكفلت الرسائل العملية رسم الحدود الفقهية في العبادات أوفي المعاملات، وهي من أحكام القيم والأخلاق، وقاعدة من قواعد العلم تسعى لخلق القيم، وترسيخ المعايير الاخلاقية يعتبرها سماحة السيد الصافي 
 (أولا) دستورا مصغرا لمعالجة بعض المشاكل التي يمر بها الفرد 
(ثانيا) حلولا وقائية قبل أن تقع المشكلة  
(ثالثا) يجب ألا يخلوَ أي بيت وأي مكان من أمورنا الحياتية من الرسالة العلمية للفقيه الذي ترجع إليه في التقليد. 
(رابعا) الرسالة العملية قضية ضرورية، وللبحث عن أسباب تلك الضرورة، نجدها تتعلق في سلوكية التفاعل مع ذلك الدستور، بمعنى التلاؤم البصير كون الرسالة العملية ليست كتاب قصة. 
 ينظر سماحة السيد أحمد الصافي إلى قضية تكييف النشأ مع القرآن الكريم والرسالة العملية، وخلق الوعي في التفاعل مع علمية تطبيق الرسالة العملية 
ويرى علماء الاجتماع أن القيم الأخلاقية تنشأ نتيجة المواقف التي يقفها الإنسان من المستقبل، الخير عندهم تخليص الإنسان ورطته وإنقاذه من موقف مربك، وسماحة السيد الصافي ينظر إلى وجود جانب مهم وهو الجانب الأخلاقي والتربوي من قضية الأرزاق، ومعالجة الأمور نفسيا، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (حب الدنيا راس كل خطيئة) هذه القاعدة تكشف لنا أمورا كثيرة، كثير من الأفعال عن أمور حلال، لكن عندما ينساق الإنسان معها توجد مساحات فيها حب الدنيا، سيأخذ المال حيزا كبيرا في مسألة التقييم، هذا التشخيص المهم يجعلنا نؤمن أن العقل أداة الرقي في الحياة، والقناعة برزق الله هو وعي يبعد الإنسان عن سوء الظن بالله تعالى 
وبهذا يصل سماحة السيد الصافي إلى قضية مهمة تربك النشاط الفكري التنظيري فهو يرى أن مسألة الرزق وتحصيل المال، تجعل الإنسان قلقا يحمل الهلع وعدم الاستقرار والرسالة العملية تحدد كيف يكون هذا الفعل، وأعطانا مثلا بين الربا والمضاربة ليكون فارق الفهم حدا بين الجنة والنار، ومن طريف البحث أنه يأخذنا إلى ما وراء السطور، دغدغة مشاعر وتنبيها إلى أشياء أخرى 
الأئمة الأطهار عليهم السلام هم مقام النصح لوجود الحكمة، معناها من يسعى لطلب الرزق كأنه جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هذا الأمر يحفز الدور التربوي لاستجابة مفهوم الرزق عند الناس، فهناك مواطن تحصيل الرزق بغير الاكتساب، البخل حالة من حالات عشق المال، يمنع المعروف، وبهذا يهمل الجانب التربوي ونفقد إنسانيته، وتحدث مشاكل أسرية قد يكون البخل هو السبب 
يرى ان البخل لا يتعارض مع بعض المسائل الشرعية لكن يفتح أبوابا كثيرة لمشاكل أخرى، الأئمة عليهم السلام يقدمون النصيحة بعنوان الدعاء وخاصة عند الإمام السجاد ومساعيها الاجتماعية، لخلق روابط أسرية جيدة، وتنمي المودة والالفة، وذكر عليه السلام الكثير من المعالجات الاجتماعية بصيغة الدعاء، يرى علماء الاجتماع أن التربية هي عملية  تطبيع اجتماعي، الإنسان ابن المجتمع والنظام التربوي يرتبط  بالنظم الاجتماعية بعلاقة التأثير، والأئمة عليهم السلام يمتلكون مقومات التأثير  بالمجتمع، بين السعي للرزق والتخلي عن الماديات السقيمة. 
القضية التربوية تحتاج إلى ترويض وتمرين، ولا تحتاج إلى الموعظة السهلة العابرة التي تفقد فعلها التأثيري، إلا أن يتعامل معها تعاملا حسيا. 
 يرى سماحة السيد الصافي هناك مجموعة من المواعظ والنصائح ومجموعة من الأمور التي تحصن الإنسان كي لا يقع في أحضان الحرام، لأن الحرام يعيق الإصلاح، ويعيق العلائق الاجتماعية ويسبب خلخلة بالعلاقات الإنسانية في المجتمع. 
الأدعية المباركة تعالج الأساليب التربوية التي مهمتها معالجة المشاكل، عندما تتمحص مجموعة من المشاكل، ستجد هناك مشكلة رئيسية البخل فيها عامل مشترك بين جميع المشاكل.
وبطبيعة الأمر أن تشخيص الإمام المعصوم أكبر من قدراتنا لتشخيص المشاكل، هناك الكثير ممن يريد أن يعيق حركة الإصلاح الاجتماعي لأن الإصلاح يحرمهم من العبث بقدرات الناس، وظيفتنا الأساسية في الحياة العبادة، الخطر يكمن في الذي يستلذ بالأموال التي ستكون وبالا عليه، وندعو الله تعالى أن لا يخرجنا


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/27



كتابة تعليق لموضوع : (تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي) 43 // دراسة القيم الاجتماعية والأخلاقية في دعاء مكارم الأخلاق  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net