(قراءة في خطبة الجمعة لسماحة السيد أحمد الصافي)// 17 ربيع الأول 1441 هـ الموافق 2019 /11/ 15 م
علي حسين الخباز

 من الخصائص التي تميزت بها الرسالة المحمدية بأنها ربانية المصدر، وربانية الغاية، الهدف نيل رضا الله، ومصدرها الوحي فهي كونية تصلح لكل الأزمان، ولا بد للرسول أن يكون مؤهلا لتبليغ الرسالة التي تقتضي الأمانة والحكمة والهداية وتربية المجتمعات على منهج الشريعة. 
بمناسبة ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم نمر على بعض الإرهاصات التي تدل على عظمة وجوده المبارك، ومكانته فقد تساقطت في يوم ولادته الأصنام مع على الكعبة المشرفة، وتكسر إيوان كسرى، وأخمدت نيران فارس التي لم تخمد قبل ذلك بألف عام، جفت بحيرة ساوه، نكست كل العروش، وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة، حجب إبليس عن السماوات السبع.
وهناك شهادات كثيرة عبر التاريخ إلى اليوم حول عظمة شخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، شهادة الأنبياء والسابقين، شهادة أهل البيت عليهم السلام، وشهادة من عاشوا معه، وشهادة الأعداء الذين حاربوه، وشهادة علماء الغرب، وعلماء الأديان، وأعظم الشهادات هي شهادة القران الكريم على شخصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
يرى سماحة السيد أحمد الصافي في خطابه إنه من الواجب على كل مسلم ينتمي لهذه الشخصية لا بد من بيان سماتها، الله سبحانه وتعالى يقول ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ﴾، والجامع المشترك بين الأنبياء إنهم رسل من الله تبارك وتعالى، وجميعهم يدعون إلى الهداية والهدى ضد ظلال، الهدى نور والظلال ظلمة، والهدى بصيرة وبصر والظلال ظلامات وعمى، بعضها يتبع بعضا ويرى أن هداية الناس عند الأنبياء تقوم وفق منهاج رسمه الله تبارك وتعالى لهم.
 بعض الأنبياء قد تعاصروا في زمن واحد، والبعض الآخر يبعث إلى قرى صغيرة أو أمة محددة، وأنبياء ارسلوا إلى أمم، وبعض الأنبياء بشهادة القران الكريم بذلوا جهدا كبيرا في سبيل تبلغ الرسالة.
النبي إبراهيم عليه السلام كان مشروعه أن جعل من ذريته من يسكن عند بيت الله الحرام ليقيموا الصلاة، وهذا المشروع الإبراهيمي الكبير من ثماره ولادة النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله).
والنبي محمد (صلى الله عليه وآله) كان يقول أنا دعوة أبي إبراهيم (عليه السلام)، وتعرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمهمة صعبة وشاقة في سبيل إيصال الرسالة وإرشاد الناس إلى الطريق الصحيح المؤدي إلى الكمال الحقيقي، ودلالة الإنسان للأمور الغيبية الخارج عن دائرة الإدراك المحدود، وليكون قدوة للبشرية ويقود الأمة ماديا وروحيا ودنيويا وأخرويا، حتى يوصلهم إلى شاطئ السعادة الدنيوية والأخروية
يركز سماحة السيد أحمد الصافي على قضية الهداية، الأم النفسي الذي تحمله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن بعض الأمة ليسوا في صدى الهداية أصلا، وإنما هو يتحدث ويدعو، والأخرين لهم حسابهم الخاص، مجتمع فيه المنافقين وفيه الذين يستهزئون، وفيه الذين يعيرون، وكل هذا لم يمنعه صلى الله عليه وآله وسلم من الاستمرار، حتى وصل إلينا هذا الدين الحنيف.
من الطبيعي أن يكون لدينا متسع في الكتابة للشرح والتفصيل، بدلا مرتكزات الخطاب لقراءة المضمون قراءه متأنية، فالكتابة أكثر سعه من المباشرة قال الإمام الصادق (عليه السلام) في شرح آيه ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ﴾، ثم قال ﴿وَدِينِ الْحَقِّ﴾، قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) والله ما نزل تأويلها بعد ولا ينزل تأويلها إلا حين يخرج القائم (عليه السلام) وأكد هذا المعنى معظم الأئمة سلام الله عليهم.
سماحة السيد أحمد الصافي يرى أن إضافة هذا الدين للحق بمعنى إضافة هذا الدين لنفسه، بمعنى أنه دين الحق، ولا يمكن أن يكون دين غير حق، وأديان السماوات جميعها تصب في منهج واحد، هناك ديانات باطلة ولا يمكن أن تنسب إلى السماء، كونها لم تصدر من السماء أصلا.
خلق الله سبحانه الإنسان على الفطرة التي لها الاستعداد الكامل للدين وقيمه، فهناك علاقة وثيقة بين فطرة النفس البشرية وطبيعة هذا الدين. يستطيع الناس بما أوتوا من سلامة الفطرة وموهبة العقول أن يميزوا الأشياء، وتميز النبي عن غيره بدلالة العقول.
يؤكد سماحة السيد أحمد الصافي في خطابه لا بد من وجود عقل سليم حتى يميز أن هذا نبي أو مدعي النبوة، وكثيرا من الأمور تدل على رجاحة عقل الإنسان في أن يميز بين الحق والباطل، والله تبارك وتعالى يحتج علينا بما وهبنا من عقول، يحتج علينا في تميز الحق من الباطل ومعرفة الأمور، ثم اتباع هذه الأمور والعصمة، ليمحصنا من الزلل.
والخطاب فصل لنا قضية مهمة، كون تبليغ الرسالة في حالة من اليقظة والانتباه والأهمية باعتباره ينقل عن السماء مع عصمته، التعب الحقيقي في الأرضية التي تحرك فيها النبي (صلى الله عليه وآله) وهي الناس، وهو يشفق عليهم من أن يبتعدوا عن جادة الصواب، لأنها تتبع غير السبيل الحق.
ولادة النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكرى المبعث النبوي تعطينا محفزا لنكون بالقرب منه، القرب الذي يتحقق بالهداية.

ولادة النبي (صلى الله عليه وآله) حدث تاريخي مهم، به بدأت مرحلة النور والهداية، وانتهت مرحلة الجاهلية والغواية.
ينبهنا الخطاب على معنى الاحتفاء بمولد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الاحتفاء به يعني أن نجدد العهد بالنبي الأعظم ونسير على وفق ما أمرنا به من الالتزام بالحق والتمسك بالدين القويم

الموضوع السابق (حوار مع كاتب وكتاب) (الاجابة المباركة )

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat