صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

(تأملات في كتاب المصابيح لسماحه السيد احمد الصافي) ح47  
علي حسين الخباز

 ينفتح المعنى على العديد من الأساليب التعبيرية، منها ما يبحث في الفكر عبر صياغات ذهنية تفسيرية وتأويلية. 
كم جيل مر على الصحيفة السجادية؟ من الطبيعي أن يكون لكل جيل قراءته، ولكل قراءة مستواها لتتواءم مع الحاجة الاجتماعية النفسية والفنية. 
سماحه السيد أحمد الصافي في كتابه المصابيح، يعرف هذه الأدعية بأنها عبارة عن تربية روحية ونفسية، المجتمع المعاصر وإنسانه اليوم بحاجة إلى تلك التربية الروحية والفكرية، ولمدرسة أهل البيت عليهم السلام. 
أفكار لها خصوصية التعامل مع الأدعية المباركة كونها انطلقت إلى الناس وإلى المجتمعات وإلى التاريخ وجدانيا، لتشد أواصر المنهج التربوي الروحي مع الله سبحانه وتعالى. 
نقرأ جملة (وصلت إلى أبعد ما يمكن أن تصل) بمعنى أن إمكانية الإنسان مهما كان إيمانه قويا لا يستطيع أن يصل إلى ما وصل إليه الإمام السجاد في أدعيته، ونقرأ (ما زلنا نستشعر الحاجة الملحة لأنفسنا عندما نقرا الصحيفة السجادية)  
استطاع الإمام عليه السلام أن يصوغ لنا الدعاء وفق الحاجات الإنسانية النفسية وله القدرة على التواصل مع الإنسان في كل جيل حيث قدم التقاربات العلمية والمعرفية والجواذب النفسية المتعلقة بالدعاء، لإعادة توظيف المعنى من قبل علماء كل جيل بما يخدم المقدرة المعرفية والمعنوية والمقومات الروحية التي تكون بدورها ألفة وجدانية مع المعارف الإلهية وهذا جوهر العشق الإلهي والإمام السجاد عليه السلام أدرك القيم التواصلية فعبد لنا السبيل إلى الله تبارك وتعالى بتلك الأدعية. 
سعى خطاب سماحه السيد أحمد الصافي للبحث في العمق المعرفي، وتجلي عوالم المفردة وطبيعة تأثيرها، في أواصر الدعاء 
 يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾ 
الطيف الأول 
ـــــــــــــــــ لماذا السؤال وهل الله تعالى يحتاج إلى أن يستفهم وهو الذي لا تخفى عليه خافية ولا يوارى عنه شيء حتى يحتاج الى السؤال؟ 
الطيف الثاني  
ـــــــــــــــــ السؤال له عدة مهام في ثنايا الخطاب فهو أداء لوظيفة تواصلية ومسعى جمالي، سؤال عن الولاية وعن العمل وأسئلة عظيمة ترتبط بأصول الدين، كيف خلفتم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم؟ 
 كيف تركتم الأئمة عليهم السلام، كيف تعاملتم في زمن الغيبة مع الحجة عجل الله فرجه الشريف؟ 
 كيف أديتم الطاعات؟ وهل تجنبتم المحرمات؟ وأسئلة حياتية ترصدت كل شاردة وواردة في الحياة. 
الطيف الثالث 
ـــــــــــــــــ هذه المواضيع شديدة الخصوبة كونها تعبر عن الحياة الفكرية، والوجدانية وتعبر عن أهمية سؤال العبد لربه من باب الدعاء، الوعي من باب الدعاء 
(الوعي الاول) 
ـــــــــــــــــ إدراك معنى فرصة أن يسأل العبد خالقه وهو واقف بين يديه القادرة على كل شيء 
(الوعي الثاني) 
ـــــــــــــــــ أن يكون السؤال منسجما مع عظمه الخالق سبحانه وتعالى 
 الوعي الثالث 
ـــــــــــــــــ وعي السؤال، طلب التوفيق من الله (وَاسْتَفْرِغْ أَيَّامِي فِيمَا خَلَقْتَنِي لَهُ) والله سبحانه وتعالى يقول ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾ 
 الوعي الرابع  
ـــــــــــــــــ معايير السؤال توافق بين معاني الطلب وعبودية العبد لربه، لنلاحظ دقة مفردة (اسْتَفْرِغْ) تعني، لا تجعل يامي فيها شيء خارج العبادة، أعني ليكون كل شيء في حياتي مخلصا لطاعتك 
الوعي الخامس  
ـــــــــــــــــ توجه الاهتمام بالتفاعل المباشر عبر مفهوم النصيحة، لا تكن كريما في وقتك فهذا من الرذائل، الكرم من هذا النوع غفلة والإمام يدعو الله سبحانه وتعالى ألا يجعله كريما بوقته، والإسراف في الوقت رذيلة، ولا بد من الانتباه إلى المورد القرآني وتحليل مفرداته 
 يقول الله تعالى ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾ وأشار البحث إلى كتاب علل الشرائع، عن الصادق عليه السلام خاطب الحسين بن علي عليهم السلام أصحابه فقال: (اَيُّهَا النّاسُ! اِنَّ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ ما خَلَقَ الْعِبادَ اِلاّ لِيَعْرِفُوهُ، فَإِذا عَرَفُوهُ عَبَدُوهُ، فَإِذا عَبَدُوهُ اسْتَغْنُوا بِعِبادَتِهِ عَنْ عِبادَةِ ما سِواهُ). فَقالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ بِأَبي أَنْتَ وَاُمّي فَما مَعْرِفَةُ اللهِ؟ قالَ: «مَعْرِفَةُ أَهْلِ كُلِّ زَمانٍ إِمامَهُمْ اَلَّذي يَجِبُ عَلَيْهِمْ طاعَتُهُ.» 
 والعبادة في اللغة هي الذلة لله سبحانه تعالى، وفي الاصطلاح يعبدون يعني يفكرون والعبادة تعني الأنس بذكر الله تبارك وتعالى، غالبا ما يصف الأئمة عليهم السلام الليل بأنه راحة للنفس يناجي العبد ربه ولا يشغله شاغل، الليل عندنا فيه وحشة وعند الإمام عليه السلام منتهى اللذة لا بد من استثمار الوقت للعبادة 
هناك مسعى جمالي في عملية الحث على الدعاء ليخلق جاذبا من الجواذب النفسية التي تقرب المتلقي
للدعاء العامل المحرك في كتاب المصابيح هو البعد الفكري لأهميته في حياة الإنسان، خطاب فكري يعتمد على طرح الرؤى الروحية عبر ترسيخ المواقف الوجدانية، ولا تتم تلك المواقف إلا بالوعي، وعي الانسان لعبوديته وفهم معنى الطاعة لله، وليقدم لنا النموذج الإنساني الأمثل هو الإمام علي عليه السلام. 
 ركز سماحة السيد أحمد الصافي على أبعاد العبادة (العلم والوعي) يصور لنا أن العلم والطاعة، أن فقدهما الإنسان لضاع 
نحن بحاجة إلى هذين المرتكزين، لتكون الطاعة مرتكزا للعبادة. 
 نتيجة هذا البحث هو مسعى وجداني عندما يسألنا الله سبحانه وتعالى يوم القيامة سيحتاج الجواب منا إلى أن نتعاون كمجتمع ليكون جوابنا فيه رضا الله. 
عندما يدرك المجتمع عظمة المسؤولية يتواصى ويتعاضد ليصوغ من حياته الجواب ولدينا نحن نموذج الوعي والموعظة، هو الحسين عليه السلام لننتفع من بركات وجوده، ما دمنا على قيد الحياة، وهذا هو التوفيق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/01/26



كتابة تعليق لموضوع : (تأملات في كتاب المصابيح لسماحه السيد احمد الصافي) ح47  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net