صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي)49
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

البحث الفكري في الموروث الدعائي يكشف لنا عمق المعاني الدلالية المتجسدة في الدعاء، ركز سماحة السيد أحمد الصافي على متابعة كل فقرة من فقرات الدعاء بما يكتنز النص من سياقات بمعاني مختلفة ومنها أساليب التقابل ليعبر من خلالها عن مضمون الموازنة النفسية، التزام حالة الموازنة بين العزة وعدم الوقوع في التكبر، وحالتي الإيمان والعجب  
(ولا تبتليني بالكبر) 
 (ولا تفسد عبادتي بالعجب) 
ليكشف لنا خصوصية العلاقة بين دواخل الإنسان وارتباطاتها بالله سبحانه. 
ويرى أن بإمكانية الإنسان تقييم نفسه وتشخيص حالته، أثر قراءة سلوكه الشخصي وانفعالاته ونواياه. 
بحث هذا الارتباط بعده أوجه من الرؤى النفسية التي حركها السؤال 
 س: ـ هل أنا من طرف الفضيلة أم من طرف الرذيلة؟ 
 س: ـ هل العبادة مكنتني من التواضع أم ورطتني بالعجب والغرور وجعلتني أرى نفسي أعلى من الناس؟ 
ومثل هذه الأسئلة تأخذنا إلى نشاط إنساني فاعل يستطيع أن يحول موضوع إصلاح النفس إلى معنى إصلاح الأسرة والمجتمع. 
التأمل الفكري في المبنى الدلالي للدعاء يمثل مقدرته على بناء الإنسان ثم تحصينه من التكبر أو الرياء والتعامل مع الناس تعاملا وفقا لموازين أخلاقية وقيم تربوية. 
نظرة الدعاء إلى الواقع الإنساني تكمن في تكوين الإنسان بما يحمل من فضائل وأخلاق تقربه لمعناه، ومعنى الدين حب الخير للناس، المعنى  الكلي للفضائل والأخلاق الكريمة التي تقودنا لنفهم الرسالة النبوية، ومنهج أهل البيت عليهم السلام ليكون من ضمن السجايا النفسية، أن لا يتعامل مع الخيرات على نحو الاستئثار الشخصي، ومن يتتبع تاريخ الأئمة عليهم السلام يرى أنهم سعوا وبقوة لإخراج الإنسان من بؤر الأنانية إلى حب الخير للناس، وهذه في الحقيقة هي فلسفة الدين، وتشييد حالة النقاء الروحي وتهيئة الدوافع النفسية لتحصين الذات، والحرص على إخراج النفس من دائرة الاهتمام الفردي، والانتقال إلى الناس، إلى المجتمع. 
ويكون ضمن طموح الإنسان الحقيقي خدمة المجتمع ودعم الخير ومشاركة الناس وإشراكهم في محبة المعروف، الإمام زين العابدين عليه السلام يدعو الله سبحانه (واجر للناس على يدي الخير) وفي دعاء آخر (وأثري من الخيرات متبوعا) لو تأملنا المؤثرات النفسية، والنفاذ إلى القيم الروحية ومعرفة بناء النفس ودرجات نضوجها لأدركنا حالات التدرج التي يتبعها الإمام عليه السلام في بناء النفس. 
 الحالة الاولى 
ــــــــــــــــــــــــ ترك حالة الأنانية ومحاولة إدخال الآخرين في حساباته، ومشاركتهم بما يمتلك 
الحالة الثانية 
ــــــــــــــــــــــــ يعطي الآخر ويمنع نفسه  
الحالة الثالثة 
ــــــــــــــــــــــــ يمنع نفسه مواساة للآخر كونه لا يمتلك شيئا ليعطيه فيحرم نفسه المواساة له. 
 هذه مراتب من الفضائل والأخلاق. 
الإيثار من خلق المؤمن، إحدى فقرات قراءة سماحة السيد أحمد الصافي لموضوع الإيثار، تستجلي كيفية ولادة الإيثار عند المؤمن، الإيثار أعلى درجات السخاء وأكمل أنواع الجود ولا يكون إلا بقوة الإيمان، والوعي المعرفي من قوانين المنزلة التي منحها الله لأهل الأثرة. 
 ويستشهد سماحة السيد أحمد الصافي بحالة أبي الفضل العباس عليه السلام في قضية الماء عندما منع نفسه الشريفة عن الماء مواساة للإمام الحسين عليه السلام، وتجد الكثير من الخصائص الإنسانية التي يركز عليها الدعاء ليجعل العالم أكثر جمالا والإنسان أكثر نضجا لما يمتلك من الخلق الرفيع، وحرص الإمام عليه السلام على بث مبدأ (الوقاية) ليثمر الحرص كي لا يضيع من الإنسان الخير. 
 إن يقع باطل يذهب الخير كله، قال الإمام عليه السلام (ولا تمحقه بالمن) والمن هو دلالة من دلالات التكبر والعجب بالنفس ومرض من الأمراض النفسية، وماحق بالخير 
 الدرس الثقافي الذي ركز عليه الإمام عليه السلام هو السعي لعصمة الإنسان من الغرور والتكبر والفخر المتعالي على الناس، هذه العصمة هي (معالي الأخلاق) عنوانا من عناوين القراءة، تحت ظل معاني الأخلاق، يومض لنا سماحة السيد أحمد الصافي بمعلومة لها نداوتها، جاء فيها أن كربلاء كانت تسمى في المدونات (كربلاء المعلى) أي ذات الشرف والرفعة ومن رفعة الأفق السلوكي عند الأئمة عليهم السلام، إذا صافحهم أحد لا يسحب الإمام يده قبل المصافح، ويبدأ بالسلام. 
اعتمدت ثقافة الدعاء عند الإمام السجاد عليه السلام على سمات وأبعاد معرفية ومناجاة الله سبحانه وتعالى، لها حضور زمكاني مؤثر، وتضمن دعاء لإمام الحسين في عرفة أكثر المعارف العالية والمضامين التي تجعلنا أمام مسؤولية الاعتناء بدعاء الأئمة عليهم السلام.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/01/29



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي)49
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net