تأملات في كتاب المصابيح سمحت السيد احمد الصافي 54
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز
![](images/40x35xwarning.png.pagespeed.ic.s9TRQSmzfj.png)
شَغَلَ أدب الدعاء حيزا واسعا في التفكير الإنساني وخاصة (الصحيفة السجادية) التي تعتبر وسيلة تربوية، وصورة من النشاط الروحي والاجتماعي، وجانبا مهما من جوانب الحياة الاجتماعية.
شخص لنا سماحة السيد أحمد الصافي لكتابة المصابيح تحت عنوان (إبدال العداوة والخذلان إلى ثقة وولاية)
أن الإمام السجاد عليه السلام أراد في مجموعة من الطلبات أن يبين الجانب الاجتماعي، فالدعاء مرآة صادقة تعكس مفهوم الإنسان وروحيته الاجتماعية في كل زمان ومكان
ويشكل الدعاء خطابا روحيا مع الله سبحانه وتعالى في شتى مجالات الحياة، والبحث في العلاقة الإنسانية لا بد أن توحد وتنضج من العلاقة كما أرادها الإمام عليه السلام، وقبل طلب الموضوع، من خلال موضوع الإبدال إبدال شيء بشيء أفضل منه عندما نأخذ مفهوم الإبدال عند علماء الاجتماع سنجدهم قد ذهبوا مذاهب شتى، واعتبروها بنية الثورات العلمية أي بمعنى تغيير الأعراف الذهنية، هو الالتزامات السلوكية وتبديل الانتماءات، وعدها مجموعة من العلماء إن الإبدال تعني التغيير في الأساليب التفكيرية لجعل الطبيعة قابلة للفهم، يبدو إن العملية ذهبت إلى مسارات أصعب وطلب المعصوم عليه السلام أساسا ولد لحالة التواصل الاجتماعي ليعبر عن الجانب الشعوري الإنساني الجمالي، لا يطلب تغيير الإنسان والناس ليستبدلهم من المبغضين إلى أناس غيرهم من أهل الألفة، هو يريد نفس الناس لكن تغيير صفة البغض والكره إلى محبة.
ويطلب إبدال ومن عداوة الأدنين الولاية، ومن عقوق ذوي الأرحام ـــ المبرة ومن خذلان الأقربين ـــ النصرة، الآراء والأفكار التي يعمل عليها الدعاء تحمل في طياتها على القراءة المتواصلة، الإمام عليه السلام يقول (الأدنين) من يدنو نسبه مني يعني القرابة، يطلبها الإمام عليه السلام لأن لها أهمية كبيرة في حياتنا اليومية ولأنها تترك الأثر النفس الدال بدال أي طرف عدائي إلى ألفة، وهذا تحول عقيم داخل العلاقة، لا نريد تغيير مجتمعات نريد تغيير العوائق الاجتماعية التي تمنع التواصل والألفة، تغير الصفة العامة، إبدال كيفيه إبدال
يعود بنا سماحة السيد الصافي إلى قضية أخرى وإلى نوع هذه العداوة، هل هي عداوة دينية أم عداوة دنيوية، الإنسان الذي يعادي الله لا يمكن إن تتحول هذه العداوة في الله إلى حالة الصداقة وولاية مع بقاء السبب بل ستكون من الذنوب الكبيرة، علينا النظر إلى التصورات التي تخلق عوالم الأذن لها معالجاتها أو معالجه بعض أسبابها، لا بد من إيجاد حلول للمعالجة وأن عجزت تلك الحلول، فلتكون هناك حدود أي ضوابط للتعامل، لا تصل لحد الإساءة فتصبح محرمة ضمن ضوابط الدين يحرم الإساءة لمؤمن.
التفكير المتزن في بناء تلك العلاقات لها شأن في عوالم الحضارة الإنسانية.
يذكر سماحة السيد نكتة مهمة يتحدث بها عن أعداء النبي صلى الله عليه واله وسلم، وهناك أنماط من العداوة ابتداء من الدعوة حتى الوفاة، والقران الكريم بين أنواع تلك العداوة، هناك الكفرة، وهناك المنافقين، وهناك أهل الغيض، والقرآن الكريم لم يصرح بالطائفة التي تكلمت أو بينت لكنه فضح الذي هو من بيت النبي صلى الله عليه وسلم، القران هو المعلم الأول للإنسان المسلم، هو المنبع الذي نستقي منه القيم المعرفية، لماذا نزلت أية قرانيه بلعن أبي لهب، وهناك الكثير من الأعداء والعداءات نبه عليها لكنه لم يذكر فاعليها والسبب أن أبا لهب شخصية لها واقعها وهو عم النبي فإذا تكلم أبو لهب بكلام له تأثيره أكثر من البقية، والذي نزل هذه الآية القرآنية حماية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليسد المنافذ على أبي لهب بعض المفردات تكون غنية ثرية بالمضمون الدقيق.
ركز سماحة السيد أحمد الصافي على فرز منشأ العداوة بين الدينية والدنيوية، الثواب موجود إذا كانت العلاقة طيبة، مع الأدنى.
من الأمور الجميلة في تأملاتنا لكتاب المصابيح هو وجود العمق الفكري وترتيب النظم البنائية للوصول إلى المعنى، مشاكل تتوالد نتيجة عداوة وهذا اللا تواصل والانقطاع إن كان بسبب عداوة دينية أو دنيوية فأنها تكون مؤثرة وستجعل المسافة تبعد الإنسان عن الإنسان، الدينية لا بد أن ينتفي السبب فيها يعني ينتهي الكفر، أما في الدنيوية تطلب من الله الإبدال التبدل هنا التغيير التكويني في الصفة تغيير نمط في السلوك لخلق نوع من التجانس الإنساني.
(أولا)
ترتبط مثل هذه القضية بمفهومها الزماني الذي يولد بعدا قيميا متجذرا في تربية المجتمع لهذا يرى سماحة السيد الصافي أن مثل هذه القضية تعنينا في الوقت الحاضر والحاجة إليها شديدة فكثير من الناس تبتلى بحاله التوتر ما بين الأقرباء.
(ثانيا)
مفهوم ذوي الأرحام مفهوم واسع لما يمتلك عددا من المعاني وكل معنى له طبيعته ومحتواه، (الرحم) هو من اجتمعت معه في الرحم وبنظر العرف الأقرباء فيدخل ابن العم وابن العمة، بعضهم يضيق المضمون ويحصره بمن يحرم الزواج منهن
(ثالثا)
العقوق والعقوق مشتق من العق وهو القطع والمراد
به ترك الإنسان أي قطع الرحم وعدم الصلة، وهي ظاهرة تدق ناقوس الخطر الاجتماعي ويرى مؤلف المصابيح السيد أحمد الصافي أن العقوق حالة من الحالات التي تجلب مشاكل متعددة تحتاج إلى أكثر من كلام، هناك جانب تحليلي من الممكن النظر إلى الوقوف.
(رابعا)
مسائل الإبدال، إبدال حالة العقوق إلى حالة المبرة، يفترض أن نسعى بأنفسنا إلى تهيئة أسباب الإبدال، وإلا فهي من المسائل التي تنزل البلاء وتقصر في الأعمار وتمنع الأرزاق، الرحم معلقة بالعرش وتقول (اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني) تنظر إلى توسيع التأثير على الجانب الشخصي ويذهب باتجاه آثار في قلة الأعمار وفناء الديار
(خامسا)
الأضداد ذكر الأضداد الصفات تمنح القراءة مرونة إبدال صفة (العقوق - مبرد) العلاقة الطبيعية بين الأسر لها تأثيرات صعبة، فيها الارتياح والسرور والشعور بالأنس، وقد تعمل الأمهات والأخوات مسؤولية كبيرة في إبدال هذه الحالة إلى مبرة، ورفع حالة العقوق ومن التضاد يذهب إلى (خذلان - نصرة) قابل الخذلان بالنصرة هم يخذلونا ونحن ننصرهم، الإنسان يحتاج إلى الأقربين ضمن الضوابط الشرعية المقبولة.
يقول سماحه السيد أحمد الصافي ليس معنى النصرة أن أكون معه على كل حال، هذا منطق غير شرعي إذا كان على باطل قطعا لا أكون معه أحاول نصرته بالنصيحة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat