بموت طالباني العراق يخسر حبة البراسيتول
هادي جلو مرعي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هادي جلو مرعي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تتوارد الأخبار عن صحة الرئيس العراقي جلال طالباني الحرجة وإصابته بوعكة صحية مفاجئة خلال الساعات الماضية ،هنالك بعض التسريبات عن وفاته لكن أحدا لم يؤد شيئا من هذا ،هو الآن في برلين لمزيد من العلاج،وفي كل الأحوال فإن الرئيس قضى أوقاتا طويلة من فترته الرئاسية الثانية، وهو يسافر طلبا للعلاج سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو في ألمانيا التي بقي فيها لأسابيع طويلة وزاره سياسيون عراقيون ومساعدون له حتى عاد الى مقره في مدينة السليمانية ومن هناك كان يدير الحوارات بين الفرقاء في مختلف الكتل السياسية في محاولة للتهدئة وسحب كل الأطراف الى دائرة الحوار ،وكان قد دعا قبل ذلك الى إجتماع وطني شامل يجمع كل القوى السياسية لحلحلة الأمور العالقة في البلاد معتمدا علاقته الطيبة بكل الأطراف التي تنازعت المشاكل ولم تتنازع الحلول.
آخر قرار إتخذه الرئيس قبيل سفره للعلاج في ألمانيا رفضه لمشروع سحب الثقة عن حكومة المالكي ذلك المشروع الذي إتفق على تمريره فرقاء من كتل سياسية عدة توزعت بين التحالف الكوردي والشيعي والسنة ،لكن موقفه المفاجئ ربما كان مفاجئا أكثر للذين إتفقوا ثم لم يجدوا منه موافقة ليتعطل المشروع، ثم ليذوب، ثم ليعود مشروع الإجتماع الوطني الذي أطلقه بنفسه منذ أشهر طويلة ليكون المادة الإعلامية الأولى في مختلف وسائل الإعلام وتتداوله الأوساط السياسية والمعلقين السياسيين والشارع الذي كان يترقب كعادته أيام الأزمات .
غياب الرئيس طالباني نهائيا عن المشهد السياسي قد يسبب حرجا كبيرا للقوى السياسية ويفقد البلاد عنصر التهدئة الذي كان الرئيس الممثل الشرعي والوحيد له فهو يهدئ كلما كان التصعيد سيد الموقف وكان يعيد الأمور الى طبيعتها كما يحصل الآن حين توسط في حل الأزمة بين المركز والإقليم وطلب الشروع بالتهدئة الإعلامية ووقف التصريحات المتشنجة من هذا الطرف أو ذاك والتي ساهمت في تعميق الخلاف في الغالب ،وربما أتهم الرئيس بإنحيازه للطرف الكوردي خاصة في ماتعلق بالصراع حول كروك وإشتباكات توز خرماتو .
غياب الرئيس طالباني سيمثل صعودا لجماعة الصقور في المشهد السياسي الكوردي الذي كان يعتمده لإحداث التوازن بين سياستي التصعيد والتهدئة اللتين يحتاجهما الكورد لكي لايكونوا مكشوفين في المواجهة مع العرب والتركمان وحكومة المركز، ففي إبتعاد طالباني عن المشهد ستسقط كامل كوردستان تحت نفوذ عائلة البرزاني وهي بدورها ستتحكم بالقرار السياسي الذي يمثل صداما خطيرا مع بغداد فمسعود برزاني رجل صدامي، ولن يكون بمقدوره ممارسة دور ( حبة البراسيتول ) التي كان طالباني يجيد وضعها في فم الفرقاء المصابين بصداع مزمن ،وسيضطر للإستمرار في المواجهة وسيكون شكل الكورد انهم مواجهون وليسوا متوافقين أو محاورين جيدين فتضيع الكثير من خيوط اللعبة وسيكونوا عرضة لإتحاد عربي ( سني شيعي ) وتركماني يعاضد الجهود الرامية لوقف التمدد الحاصل تجاه كركوك والمناطق المتنازع عليها .
سيخسر الكورد كثيرا بوفاة طالباني ،وسيخسر المالكي وبقية الفرقاء، وسيخسر العراق حبة البراسيتول..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat