صفحة الكاتب : ماجد الكعبي

نوابغ بالمجان
ماجد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يروى أن النابغة الذبياني لم يقل شيئا من الشعر قبل بلوغه أربعين عاما , ولما تجاوز الأربعين طفق يقول شعرا جميلا حتى قال معلقته الشهيرة :- 
يا دارَ مَيّة َ بالعَليْاءِ، فالسَّنَدِ، أقْوَتْ، وطالَ عليها سالفُ الأبَدِ 
وقفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها، عَيّتْ جواباً، وما بالرَّبعِ من أحدِ 
إلاّ الأواريَّ لأياً ما أُبَيّنُهَا، والنُّؤي كالحَوْضِ بالمظلومة ِ الجَلَدِ 
رَدّت عليَهِ أقاصيهِ، ولبّدَهُ ضَرْبُ الوليدة ِ بالمِسحاة ِ في الثَّأَدِ 
 
فصار النابغة الذبياني والنابغة الجعدي والخنساء أعلاما يجلسون في سوق عكاظ يحكمون ويستمعون لأرق الشعر وأحسنه وصاروا مضرب المثل في العبقرية التي كان يعتقد العرب أن عبقرَ وادٍ للجن الذين يلهمون الشعراء الكلم الطيب وأحسن الشعر وهكذا جرت العادة  على وصف كل من ينبغ ويتفنن ويبدع في الشعر أو الأدب أو الخطابة أو الصحافة أو الإعلام أو الثقافة  بعد أربعين سنة من عمره بالنابغة .
وإذا كنا لم نسمع عند العرب قديما إلا بالنابغتين الجعدي والذبياني فقد كثر عندنا في العراق الجديد النوابغ أو النابغون ومن كلا الجنسين . 
نحن نعلم أن الصحافة بجميع أبوابها  والأدب بكل حقوله  تبدآن مع الإنسان منذ بواكير حياته إلهاما وإبداعا حتى يتمرس الأديب أو الكاتب الصحفي بفنٍ من فنونهما ويتمكن من ضروبهما وتكون عنده ملكة الكتابة والقراءة التحليلية ويصبح متمكنا من توظيف المفردة .
حضرت حفلا أدبيا أقيم قبل شهور في العاصمة بغداد وكنت وسط مثقفين اثنين كبيرين من مثقفي العراق المعروفين فارتقت المنصة امرأة تجاوزت الأربعين سنة تقرأ قصيدة كانت جميلة للغاية لكنها كانت ترفع وتنصب وتجر الكلمات على هواها وكيف ما اتفق , لم تقرا الفاعل مرفوعا ولا المفعول به منصوبا ولا المجرور مكسورا ولم تكن شاعرة قبل ذلك اليوم , فتبين بعد المهرجان أو الاحتفال أن شاعرا  نعرفه كان قد كتب لها القصيدة ونحلتها المرأة لنفسها بعلمه تحقيقا لمآرب شخصية سيئة للشاعر. منذ سنوات والصحافة الورقية والالكترونية تنشر قصصا وقصائد ومقالات وتحقيقات صحفية لأسماء تجاوز عمرها الأربعين سنة لم تكن قد كتبت في عمرها جملة مفيدة واحدة , ولا نشرت سطرا من الإبداع الأدبي أو الصحفي ولم يكن يهمها همٌ أدبي أو صحفي أو ثقافي , وأنا اسأل هل نبغت هذه النكرات من كلا الجنسين على كبر وبعد أن بلغت من العمر عتيا وتجاوزت الأربعين سنة فكثر عندنا النابغون أو النوابغ على غرار النابغة الذبياني ..؟  أم بعد ما شاب ودوه للكتاب ..؟ مع احترامي للنابغة الحقيقي إن وجد وكذلك احترامي للنابغة إن وجدت ) . 
هؤلاء النكرات والعورات يجب أن نفضحهم كما نفضح السماسرة , ونعريهم كما نعري الموتى عند الغسيل لأنهم اخذوا عناوين وصفات  اكبر من رؤوسهم , وهؤلاء هملٌ لا يقرأون ولا يكتبون , ولا مناجل لهم ولكنهم يحصدون ولهم البيادر والمواقع والمواضع ويحضون باحترام المسؤول الغبي الذي هو اجهل منهم , والنتيجة أنهم صاروا أعلاما وهمية . قال تعالى : ( إن هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ  –سورة النجم  الآية 23 ) . 
 قال الشاعر أبو الطيب المتنبي في داليته الشهيرة :- 
 صار الخصيّ إمام الآبقين بها  
                   فالحرّ مستعبدٌ والعبدُ معبودُ
أما خطورة هؤلاء الأدعياء النكرات الذين لبسوا ثياب فضفاضة ليست لهم والذين يطلقون على أنفسهم صفة الكاتب والكاتبة أو الشاعر والشاعرة كذبا وزورا , تكمن بما يلي :- 
 إشاعة تجهيل المجتمع ونشر الفوضى في الصحافة والإعلام والأدب والثقافة , واخذ أمكنة وعناوين وحقوق وامتيازات ومساحات لا يستحقونها بل يستحقها غيرهم , وخطورتهم كخطورة الفيروسات والمكروبات المعدية والسارية والأوبئة شديدة الانتشار. 
 وبالنتيجة فهم يبقون أصفارا على الشمال في عيون الكبار. 
وصدق الشاعر حينما قال :- 
كناطِحٍ صَخْرَةً يَوْماً ليُوهِنَها   
               فلَمْ يَضِرْهَا وأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ
 
مدير مركز الإعلام الحر
majidalkabi@yahoo.co.uk
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/01/26



كتابة تعليق لموضوع : نوابغ بالمجان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net