حيّيتُ مجدكَ ربَّ الشعر والأدبِ
عطراً لذكراكَ بعدَ الأين َوالعطبِ
يا جوهرَ الشّعر درّاً حين تحبكهُ
خيط َاللجين ِبخيطِ العسجدِ الذّهبِ
لقد هتكتَ حجابَ الشّمسِ منطلقاً
حتـّى تفجّرتَ بركاناً من اللهبِ
"على الحصيروكوزُالماءِ ترفدُهُ" (ا)
نسغُ الحياةِ بهِ تحدو ولم تخبِ
تأتي القوافي كسيل ٍمن شواردها
وتنتقي طيبها من زخرةِ الغُبُبِ
****************
(يابن الفراتينَ) أنتَ النهرُ ثالثهُ (2)
يبقى أميناً إلى مجراه والصّبَبِ
لقدْ أبيتَ بما أغـــريتَ من أنفٍ
تغدو وزيراً وجلُّ الشّعبِ في سغبِ
وما استكنتَ على ضيم ٍ ومنْ شمم ٍ
لا ينحني الرأسُ إذلالاً إلى الذنبِ
إنْ طاولوكَ بغيــر ٍقمــتَ منفــرداً
"فإنّ في الخمر ِمعنى ليس في العنبِ"(3)
منْ بعدكَ الشّعرُ لا يقوى مناهضة ً
إبداعكَ الفذ ّ ُمــــن آبائكَ النّـُجبِ
هذا سليلٌ لنبع ِالعلم ِأردفـــــهُ
يــــا خيرَ أمٍّ لهُ من طيبهِ وأبِ
في كلِّ ألفٍ من الأعوام ِيُتحفنا
هذا الزّمانُ بشعر ٍآية العجبِ
************
(يا دجلة َالخير) إرثٌ في ضمائرنا (4)
تلكَ الهضابُ فجرفُ المنحنى التّربِ!
(قفْ بالمعرّةِ) قد ناجيتَ ملهمهــا (5)
إذ حــــاطَ دنياه بالإشـــفاق والحَدبِ
يا (أمَّ عوفٍ) وما أدراكَ لوعتها(6)
تكفكفُ الدَّمعَ عن أطفالها الزّغبِ
و(ثورة ُالفكر) ِإذ أجّجتَ ثورتهــا
فكمْ مســـيح ٍلها قدْ عُدَّ للصلبِ
(جُرحُ الشّهيدِ) كأفواهِ الإبا صخبتْ
بـ (كيفَ) يركبُ موجَ الثائرينَ غبي
وأيـــنَ حكمة ُممـــن يجتني رطباً
بجهدِ آلافِ تشــــكو علكة َالكربِ؟
أمّا الضـــــفادعُ إذ ناغيتَها جذلاً
بينَ المهيل ِ وبينَ المرتع ِالخصبِ
من ضيق ِ ملجئها طالَ السباتُ بها
طرَّ الجفافُ وحــالَ الأيكَ للحطبِ !
هلْ تبتغي العـدلَ ميزاناً ومرتقباً
سربَ الحمائم ِجنبَ النّسر ِفي طربِ؟!
دعْ عنكَ فعلاً وهاتَ القولَ هدهدة ً
لعلـّنا ننتشي من سكرةِ الكـُربِ
**************
إذا احتوتكَ دمشــق ٌفي مرابعها
منْ قبلُ حلَّ (أخو البيداءِ) في حلبِ (6)
دمشـــــــــقُ أختٌ لبغدادٍ وتوءمها
قدْ يهـــدمُ اللهُ ما يُبنى من الكـُثبِ
كم مرّةٍ نرتجي الآمــــالَ تغمرنا
بالخير ِ بالحبِّ بالإشراق ِ بالأربِ
مذ يوم غسّانَ حطـَّ الرّحلَ(نابغة ٌ)(7)
اكرمْ بدنياكِ أسخاهاعلى الرّحبِ
يا شيخنا باصرتكَ العينُ سامعة ً
والنّفسُ دامعة ًمنْ لوعةِ الشـّجبِ
إنـّـا عهدناكَ حــــــرّاً ثائراً حنقاً
كيفَ ارتضيتَ بضنكِ القبرِوالقـُبب
فإنْ مررتَ بذي الدّنيا فلا عجباً
إلهامكَ الثـّرّ ُلـــم يهرمْ ولمْ يغبِ
قلْ لي بربّكَ كيفَ الموتُ نـــألفهُ
منْ بعـــدِ أيّامنا والجدِّ واللــعبِ ؟!
للخُلدِ من خلـّفَ الإعجازِمستبقاً
شأو القريض ِمن الحضّاروالغيبِ
***************
وا خيبتاه غربتً الأمسَ عن وطن ٍ
خالي الوفاض ِصريع ِالهمِّ مُكتئبِ
إنَّ العراق َقريبُ الشـــأو ِموقعهُ
والبعدُ في القربِ مما عزَّ في الطلبِ
يـــــــا للعراق ِكأنَّ الليلَ سرمدهُ
هلْ يستفيقُ بصبح ٍآخــــر الحُقبِ!!
ما أنْ فطمنا فحــــــلَّ الظلمُ كلكلهُ
بالنائباتِ وراحَ العمرُ للســــلبِ
إنْ ضاقتِ الناسُ ذرعاً في مسالكها
للهِ لطـــــــفٌ بصرفِ الدّهر ِوالكـُربِ
فمـــــا الحياة ُسوى جسر ٍنواصلهُ
سعياً إلى الحقَّ بيــــنَ الكدِّ والتّعبِ
والمرءُ ومضة ُ عيش ٍ حينَ ترقبهُ
ذراتــهُ للثرى والــــــروحُ للنهبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صدر لأحد أبيات الجواهري.
(2) (يابن الفراتين) : تضمين لشطر الجواهري (يا بن الفراتين قد أصغى لك البلد).
(3) عجز لأحد أبيات المتنبي.
(4) , (5) : (يا دجلة الخير) , (قف بالمعرة ) إشارات إلى عناوين قصائد مشهورة للجواهري , وكذلك (يا أمّ عوفٍ)إشارة إلى قصيدة للجواهري عن راعية للغنم في علي الغربي استضافته, وهنالك إشارات وتضمينات أخرى .
(6) (أخو البيداء) : كناية عن المتنبي , وهو من الكوفة .
(7) (نابغة) : المقصود النابغة الذبياني , وهو من الحيرة , هرب من النعمان الرابع (ت 607م) ولجأ إلى ملوك الغساسنة في الشام
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat