صفحة الكاتب : مصطفى النعيمي

رئيس مركز القرار السياسي للدراسات الدكتاتورية أو الفوضى أو التقسيم
مصطفى النعيمي

في ظل تصاعد حمى الخلافات السياسية والإحتقان الواضح بين مكونات الشعب العربي على خلفية تطوارت سياسية وعقيدية ،وتحولات في المنظومة الشرق أوسطية وفي ظل التمدد الغربي الواسع في المنطقة والتزاحم الإقليمي الذي يرجح كفة الصدام على الوئام، والتنابذ بدل التسامح فإن التنبؤ بمستقبل الدولة العراقية في ظل هذه التأثيرات لايبدو ميسرا إلا في حدود ضيقة للغاية .

الأستاذ هادي جلو مرعي رئيس مركز القرار السياسي للدراسات في العراق يتحدث وفق معطيات المرحلة وماخلفته التحولات الهائلة التي طبعت العالم والمنطقة بسلوك سياسي وعقائدي مختلف ليصف جملة من  التطورات التي يمكن أن تؤدي بالعراق ليكون ساحة للتجاذب والصدام، ويرسم صورة لما يمكن أن يكون عليه واقع الدولة العراقية في الفترة المقبلة مالم يحتكم العراقيون الى عقد إجتماعي جديد يقرب المكونات العرقية والمذهبية، ويجمعها على نقاط مشتركة لتجنب الفوضى والتقسيم.

إلتقيت الأستاذ هادي جلو مرعي، وكان لي معه هذا الحوار.

*تتحدث في أدبياتك السياسية ،وفي المنابر الإعلامية عن طبيعة سلوك يؤثر في مستقبل الصراع في العراق، وتصور ذلك إنه نوع من الصدام الذي يمنع المشاركين والمنغمسين فيه من أن يتصوروا شكلا آخر للحياة فهل ترى أنك تأتي بالحل حين تدعو للدكتاتورية ؟

-وأنا أقول وبصراحة متسائلا أيضا،هل هي الوصفة التي يمكن أن يتم من خلالها شفاء المريض ؟أم هي الرصاصة التي تطلق عادة على حصان كسرت ساقه في سباق شاق، وتسمى رصاصة الرحمة؟ لاأعرف تحديدا، ولكنها خيارات مطروحة على طاولة البحث والنقاش في بلد لايبدو أن مهندسي السيارات المفخخة، والأحزمة الناسفة، والعبوات اللاصقة، وكواتم الصوت لديهم النية في التخطيط لهندسة أشياء أخرى كهندسة الحدائق، ومدن الألعاب والمستشفيات، ودور رعاية الأطفال والمصارف والملاعب والساحات العامة والطرق ،هي مهنة إذن إختلط فيها الحابل بالنابل، وجرت إليها أبرياء الناس، ووحوشهم، وأوجدت مساحة لمجموعات بشرية، وتكتلات سياسية لتكون حاضرة في الميدان حد التهريج ،والصراخ دون جدوى، ودون فهم من المتلقي الذي لم يعد يميز بين الألعاب النارية والمفرقعات وبين أصوات الإنفجارات، ودوي صفارات الإنذار والسيارات المفخخة.

*الفوضى تنتج الفوضى ماذا لو بقيت تحرك المشهد في بلاد مأزومة بعوامل الإحتقان، والصدام المذهبي والقومي؟

- الفوضى الحالية هي وليدة للفوضى الخلاقة التي إدعتها مستشارة الأمن القومي الأمريكي السيدة كونداليزا رايس في الفترة التي شهدت التمدد الأمريكي الواسع في الشرق الإسلامي ،خاصة تلك التي أحدثها جورج بوش الإبن بسياساته التي تمثل عصارة الفكر الجمهوري المتصهين ، وكان نصيب العراق من تلك الفوضى كبيرا ،ويجب الفصل بين الحاجة الملحة والرغبة العارمة في الداخل العراقي لتغيير النظام الدكتاتوري ،والفعل الأمريكي القبيح في تحويل العراق الى ساحة للصراع مع مختلف الدول ذات الطموح، وصاحبة السجل الحافل بالتدخل من جهة،وتنظيم القاعدة والمجموعات الجهادية المنسلة من غياهب العالم الموبوء بالعتمة والتصلب والوحشية والفكر المتحجر كما الديناصورات الهالكة منذ ملايين من السنين إنقضت من عمر الحياة على هذا الكوكب البائس من جهة أخرى ،ولايبدو من رغبة لدى المجموعات السياسية والدينية في العراق لفعل شئ حقيقي لمغادرة ساحة الفوضى التي تلبي رغبات وأطماع البعض وطموحاته ،فإذا بقيت الفوضى تغذيها المطامع والنوايا السيئة فلن يكون ممكنا التقدم بخطوات إيجابية نحو المستقبل.

 

*هل انت مولع بالدكتاتورية ،أولا يعد شذوذا منك ان تدعو لها في بلد قدم الملايين من أبنائه ضحايا لهمجيتها؟

- الدكتاتورية في المجتمعات الشرقية دواء ناجع لكل الأمراض المستعصية شريطة أن تكون دكتاتورية بمعنى ( الحزم ) لاقهر الآخر من أجل البقاء في السلطة ،دكتاتورية لاتشبه دكتاتورية صدام حسين، ولاحسني مبارك، ولاعلي عبدالله صالح ،ولازين العابدين بن علي .سلطة دكتاتورية هي أقرب الى الحزم من التسلط .ففي الشرق العربي خاصة لارغبة لدى الناس ليعيشوا الديمقراطية بمعناها الحقيقي ،إلا إذا كانت تلبي لهم نفوذ المذهب والقومية والفكر الذي لايقبل ولايتقبل الآخر ،هي إذن ديمقراطية تحقق لي أهدافي، ولاتلبي للآخر شيئا ،وهي مرفوضة، لكنها تنتعش في ظل الجهل والتعصب الأعمى والتخلف والأطماع، وحب السلطة ،ولاتسمح للعدالة الإجتماعية أن تسود، ولاللمشاركة أن تكون حاضرة في صناعة القرار ،وهي بالتالي نوع من الخراب المقنن ،صدقني فأنا لاأحبذ الدكتاتورية ولاأدعو لها لكني أستفز الوجدان المعذب في الشرق العربي لينتفض ويفعل شيئا قبل خراب الدنيا .

 

*هل أنت مع تقسيم العراق ؟

- لا بالطبع ولكن لم يبق سوى التقسيم .. ولماذا ؟ ففي بلد يرفض أبناؤه التعايش إلا في ظل غلبة طرف على آخر ،لايكون متاحا للديمقراطية أن تنتعش،وفي بلد فقد سلطة المركزية والدكتاتورية بمعنى الحزم لاالتسلط ،لايكون من الحكمة المداومة على الإنتظار بينما الناس تقتل ،والمجموعات التي تكفر على هواها ،وتحتل مناطق بكاملها تستعد لتحويل المنطقة الى غابة، وتنشر الفكر المتطرف على هواها ،وإذن فلاحل سوى بإختيار التقسيم وليذهب كل الى شأنه وليتقاتل إن شاء في ميدانه .

 

*كيف تتصور مستقبل العملية السياسية ؟

- بصراحة أنا كبقية العراقيين في قلق كبير من تنامي ظاهرة التشدد السياسي والطائفي والقومي في بلدنا الذي مايزال في البداية على صعد شتى والخوف الأكبر من أن ننساق الى صدام مسلح يؤذينا جميعا ،ربما الحل عند علماء دين بعينهم وشيوخ عشائر بعينهم وسياسيين بعينهم ،ولابأس أن يفكر الآباء ،ويخططوا لصناعة مستقبل جيد لأبنائهم، وعلينا أن نوافقهم على ذلك لنأمن الشتات والضياع ،فالعراق لايستحق الهزيمة على أية حال.

mostafa_sun_khlan@yahoo.com 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى النعيمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/20



كتابة تعليق لموضوع : رئيس مركز القرار السياسي للدراسات الدكتاتورية أو الفوضى أو التقسيم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net