صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

حمار هنا وحمار هناك
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يتساءلون عن سر إهتمامي بالحمير، ويودون معرفة الحقيقة في ذلك الإهتمام ؟ ويجهلون إنه نوع من التأمل في مخلوقات الله، ومحاولة لفهم طبيعة الكائنات الحية المختلفة عنا ،والتي تعيش معنا، وتشاركنا عذابات هذا العالم الموبوء بالخوف والمرض والصراعات القذرة والعداوات والثأريات المتوارثة ،وفي الغالب تكون الحيوانات تلك تحت الضغط ،ولعل الحمار في المقدمة منها برغم إنه حاز على درجة ( أذكى الحيوانات ) في أحدث التقارير التي صدرت عن مراكز علمية مختصة، وهو مايدحض النظرية السائدة التي تصفه بالأغبى في العالم حتى صار الناس يتندرون بعذاباته، ويضربونه بقسوة ويدمون جسده حتى يسيل الدم منه دون رحمة أو شفقة أو تذكر لحساب الله، وعقابه خاصة وإن الإسلام دعا الى الرفق بالحيوان، وأصر على ذلك بل وتوعد بعقاب من يتجاوز في سلوكه تعاليم السماء بخصوص الحيوانات .
وقد إشتهرت قصة المرأة التي حبست قطة فلاهي أطعمتها ،ولاهي تركتها تسيح في الأرض، وتعيش في ظل الخالق العظيم، وتوعدها الإسلام بالنار شفقة بالحيوان الضعيف ،ولعلي لاأنسى كيف إني وعند موت قطتي الأثيرة ذهبت بها الى تلة مرتفعة قريبا من دارنا، وفي تشييع مهيب، وقد وضعت جثمانها في عربتي الصغيرة التي ألهو بها وحولتها الى سيارة جنائزية ،ثم حفرت لها في الأرض، ولففتها بقماش ناعم ثم أرقدتها الحفرة، وأهلت عليها التراب ، وهذا هو طبعي مع سائر الحيوانات والبشر. فلم أعد أدرك هل إني تعلمت الرفق بالبشر من رفقي بالحيوانات أم إني تعلمت الرفق بالحيوانات من رفقي بالبشر ؟ لكني أستدرك وأقول ،إن نبي الإسلام العظيم قد أمر بالرفق بالحيوان ،وكان تعود رعي الأغنام في صباه في مضارب بني سعد عندما كان في كنف مرضعته حليمة السعدية، وكان يرعاها بحنو ويخفف عذاباتها ،وكان ينظر الى السماء ويتأمل ،فلاتظنن أنك تستطيع أن تلج عوالم الرحمة بأخيك الإنسان مالم يكن لديك رفق بالضعيف من الحيوان.
مررت بأرض مفتوحة ،وهي سفح لمرتفع ليس بجبل ولاهو بالتل المنخفض، وقد رأيت قطيعا من الماشية لأناس يرعون ويعيشون ،وكانت الأغنام ترتع في الخلاء المغطى بالخضرة الممتدة نتاج مطر غزير هطل في تلك الأنحاء ،وكنت سائحا جهة البحر البعيد، ونظرت من خلال زجاج السيارة المسرعة في ذلك الأفق البعيد فرأيته يقف بثقة لايهتم لشئ ولايعنيه من أمر العالم شئ وكان ينظر بهدوء الى جهات الأرض الأربع والى الماشية الراتعة من حوله ،إقتربت منه ،وقفت الى جواره،مال عني بعنقه كأنه يستهجن ذلك، وكأنه عرف مقصدي ونية السوء في نفسي ،فهذا أنا الموبوء بالشر أريد أن ألتقط صورة للذكرى معه، فصار يحاول منعي من إظهار وجهه ،وقد نجح حين مال برقبته بقوة لكنها كانت صورة جميلة حيث أضحك للكاميرا بينما يدير وجهه عنها ،،بالأمس فقط مررت في ضواحي بغداد، ورأيت حمارا بائسا يجر عربة يقودها شيخ طاعن بائس، رفقة إبنته الصغيرة ،صعدت العربة وإلتقطت الصورة ،كان الفرق كبيرا بين حمار الطريق السياحي في ذلك البلد البعيد ،وبين هذا الحمار العراقي الذي يعيش بين الأزبال، ويتعرض الى ضرب مبرح على أنحاء من جسده ...أترك لكم التأمل في ذلك.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/05/23



كتابة تعليق لموضوع : حمار هنا وحمار هناك
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net