هل تنتظر المنطقة دورا جديدا لقطر ؟
علي جابر الفتلاوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قطر صغيرة في مساحتها ، قليلة في نفوسها ، لكنها كبيرة في تأثيراتها وتدخلاتها ولهذا أسبابه ، والاسباب لا يعلم بها الا الله تعالى ، واللاعبون ممن هم داخل الملعب القطري ، ومن يعطي تعليمات اللعب من خارج قطر، وبعض المراقبين من ذوي الخبرة في مثل هذه الألعاب .
في 25 / 6 / 2013 م ، سلّم الامير ( حمد ) الأمارة لولده المدلل ( تميم ) بعد أن أنهى الوالد المهمة المكلف بها من قبل منظمي اللعبة خارج الحدود القطرية ، وهذه المرة سلم ( حمد ) الكرسي ( بالتراضي )، ولم يسلمه بالقوة كما استلمه هوعن والده في حزيران 1995 ، وقد جرى تسليم الامارة باحتفال رسمي تم نقله في الفضائيات ليثبت ( حمد ) والاسرة الحاكمة في قطر أنهم ديمقراطيون ( جدا ) ، وليظهروا للعالم أنهم مختلفون عن دول الحكم الوراثي الاخرى ، التي لا يستلم ولي العهد الحكم فيها الا بعد وفاة الملك او الامير ، وحصل في احدى الامارات الخليجية أنْ قتل الابن والده كي يستلم الامارة من بعده ، على أي حال هذا امر يخص اولياء امورهؤلاء الحكام الذين يراقبون من خلف الحدود ، ويراقبون ايضا من خلال التقارير المكتوبة من قبل ممثليهم داخل ساحة اللعب ، ويخص الحكام والملوك أنفسهم الذين يؤمنون بالديمقراطية الوراثية المقدسة ، اما شعوب هذه الدول فلا حول لها ولا قوة ، ندعوا لهم ان يعينهم الله تعالى على مصائبهم ، وان يجعل لهم فرجا ومخرجا انشاء الله تعالى لتخفيف آلامهم وليتنفسوا هواء الحرية ، ويتخلصوا ممن ظلمهم ، وصادر حقوقهم واموالهم التي يعبث بها حكامهم لهوا ولعبا ، وخدمة لاسيادهم ممن هم خارج الحدود ، وبالمناسبة أن امير قطر المقال ( حمد ) يمتلك من الثروة أكثر من ملياري دولارحسب مصادر غربية .
نعود الى الديمقراطية القطرية خرج ( حمد ) من الحكم ( طواعية ) بعد ان تلطخت يداه بدماء الابرياء من ابناء الشعوب العربية ، وابناء البلدان الاسلامية ، مستخدما مئات المليارت من اموال الشعب القطري ، تمرهذه العملية بكل سهولة من غير حساب او عقاب او محاسبة ضمير ، بل ضميره مطمئن جدا ، سيما بعد تعهد القرضاوي له بدخول الجنة ، لأنه من ( المجاهدين ) على الطريقة الوهابية ، ولدوره الكبير في دعم ( المجاهدين ) المسلحين ، والحركات السلفية التكفيرية على مستوى العالم العربي والاسلامي .
في رأيي أن امير قطر أُبعد عن الامارة رغم أنفه ، بناء على أوامر داخلية وخارجية وهذه ديمقراطية فريدة من نوعها ، لا نجدها في أي بلد في العالم ، الديمقراطية (الوراثية) موجودة في اغلب البلدان العربية ، الخليجية منها وغير الخليجية مثل الاردن والمغرب ، الملك في هاتين الدولتين يمتلك صفة القداسة ، كون ملك الاردن من عائلة بني هاشم ، والملك المغربي ايضا يمتلك صفة القداسة ، وربما قداسة الملك المغربي نادرة الوجود ، لأننا نرى بعض الناس ، واظنهم من مرتزقة البلاط الملكي او بعض الناس المغلوبين على امرهم ، لا يقبّلون يد الملك المغربي ، بل يخرّون الى الارض لتقبيل أحدى رجليه - واظن انهم يقبلون رجله اليمنى - على أي حال هؤلاء مقدسون لا احد يستطيع مناقشة حالتهم .
قطر هذه الامارة الصغيرة جدا في المساحة والنفوس ، لكنها كبيرة الشأن عند امريكا واسرائيل والدول التي تدور في فلكهما ، بفضل مليارات الدولارات التي تصرفها في خدمة امريكا واسرائيل ، وبناء على هذه الاهمية ، وما مخطط لقطر من دور جديد في المنطقة ، استلم الامير( تميم ) الحكم من والده ليقوم بهذا الدورالجديد ، ولا نريد ان نستبق الاحداث ونزرع بذور التشاؤم مسبقا ، بل سنجبر أنفسنا على التفاؤل بالحالة الجديدة لقطر ، عسى ان تكون فاتحة خير لقطر والمنطقة ، رغم اني لا اظن ذلك ، لكنني سأجبر نفسي على التفاؤل ، عسى ان يكون الامير الجديد اكثر ادراكا لمصلحة قطر ، فينتهج مسارا أكثر عقلانية وواقعية ، فيتخلص من بعض تأثيرات الاجندة الامريكية الاسرائيلية التي كان والده واقعا تحت تأثيرها ، فينتهج نهجا لا يتدخل فيه بشؤون الدول الاخرى ، ولا يلبي رغبات امريكا واسرائيل في تدمير وتمزيق بلدان المنطقة خدمة للصهيونية ، ولا يبّذر اموال قطر في قضايا لا علاقة لمصلحة قطر فيها ، ونأمل ان يكون عهد الامير ( تميم ) اكثر انضباطا ، واقل تأثرا بالنصائح بل الأوامر الامريكية والاسرائيلية ، التي دفعت بالامير ( حمد ) الى محطات ومزالق لا يحسد عليها ، وظهرت قطر امام العالم وكأنها خادمة لامريكا واسرائيل ، كما ان دعم قطر ومعها السعودية وتركيا الى الحركات السلفية التكفيرية في العالم لم يترك مجالا للشك ان جميع هذه الحركات المتأسلمة والمحسوبة للاسف على المذهب السني والسنة منهم براء ، هي واقعة بالفعل ضمن دائرة النفوذ الامريكي الصهيوني ، اما شيوخ السلفية التكفيرية ، فيتلقون تعليماتهم من دوائر المخابرات الامريكية الاسرائيلية مباشرة او بطريقة غير مباشرة من دوائر المخابرات السعودية القطرية التركية التي تسير بهدي المخابرات الامريكية الاسرائيلية ، وعلى رأس هؤلاء الشيخ القرضاوي .
أن المصائب التي جلبها ( حمد ) الى قطر والمنطقة كبيرة ومؤلمة ، والمليارات التي صرفها لخدمة الاهداف الامريكية الاسرائيلية لا حصر لها ، لهذا السبب فرحت شعوب المنطقة بخبر أقالة ( حمد ) ، نعم اقول اقالة ، لأن أوامر الاقالة هي اقوى من رغبة (حمد ) للبقاء في الحكم ، فأما ان يدفع حياته ثمنا ، او يسلّم الامارة الى الأمير الجديد ( تميم ) الذي نتوقع له القيام بدور يختلف عن دور ابيه ، ونتمنى ان يكون دوره أقل ضررا من دور ابيه الذي جلب الدمار الى المنطقة ، امنياتنا للامير الجديد ان تنأى قطر بنفسها عن التدخل في شؤون الدول الاخرى ، وفي دعم الحركات الارهابية التكفيرية ، وان يحافظ على ثروة قطر لمصلحة شعبها ، وان ينأى بنفسه في الوقوع تحت تأثير دوائر المخابرات الاجنبية أن كان محبا لشعبه ووطنه ، وعليه السعي للتخلص من القواعد الامريكية في قطرالتي اصبحت بؤرة للتآمر على دول المنطقة ، وما وجدت الا لخدمة الاهداف الامريكية والاسرائيلية ، وعليه التخلص من النفوذ الاسرائيلي في قطر الذي يعبث في المنطقة بشكل علني ومفضوح .