صفحة الكاتب : علي حسين كبايسي

الرسول ( ص ) كما يراه البخاري و مسلم
علي حسين كبايسي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من النص المكتوب إلى المشهد المسرحي ، تنبض الحياة في النص بالعينية الواقعية و ارتفاع مؤشر الذوق الحسي و القدرة على أعطاء أحكام تقديرية تحدث للنفس اشمئزازا ونفورا أو رحابة و قبولا ، و المشهد المسرحي ينقل المشاهد بجوارحه إلى عالم ذي أربعة أبعاد : الطول ، العرض ، العمق ، والزمن ، و تصبح كائنات النص تعيش صيرورة تاريخية تسمح للمشاهد باستقاء ذهنية أبطال المسرحية ومستواهم العقلي و المعرفي و يحدث ترابطا للحوادث من حيث الجوانب النفسية و المصلحية و الأهداف من حيث النبل أو الخبث فتتكشف المسارات المتناقضة و تتضح الحقائق .
إذا أخذنا عينة من النصوص في صحيحي البخاري و مسلم و أسقطناها على خشبة المسرح سنشهد أن كل من البخاري و مسلم وضعا الرسول الكريم ( ص ) في أبشع الصور ألا أخلاقية المتنافية مع الحقيقة المحمدية في القرآن الكريم ، و الهدف منها إسقاط الرسول العظيم ( ص ) إلى مرتبيه معاوية و غيره من الأعراب المنافقين ، لتبرير موبقات معاوية و أشباه الدنيئة و الخسيسة.
سنقدم عينة من مشاهد مسرحية البخاري و مسلم الساقطة التي تبرز حقيقة الإسلام الأموي ، وحاشا أن يكون بطلها الرسول الكريم ( ص ) صاحب الخلق العظيم .
مشهد 1 :
بيئة صحراوية ، خيمة تحيط بها بضعة كلاب ، ومدى عوائهم يحدد دائرة حمى الخيمة . في ليل داهس يخترق غريب هذه الدائرة ليتجسس على امرأة خرجت من الخيمة قاصدة الخلاء ، فينادي الدخيل لقد عرفتك يا فلانة ، صاحب الخيمة يرقب باندهاش الحدث و الدم يغلي في عروقه ، ونترك للقارئ تكملة المشهد .
لنذهب إلى النص المكتوب للمشهد 1  كما يسجله البخاري في صحيحه :
عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ ، فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْجُبْ نِسَاءَكَ ، فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي عِشَاءً ، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً ، فَنَادَاهَا عُمَرُ : أَلَا قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ .
مشهد 2 :
في مجتمع قبلي يتربع شيخ القبيلة مجلسا به كبراء القوم ، فجأة تمر فتاة متبرجة أو محتشمة ،حرة متحجبة أو أمة شبيهة لعارضة أزياء أمام الخيمة !! ، فتحدث زلزلة شهوانية في أمير القوم ، فيترك الحاضرين طالبا إحدى زوجاته ليواقعها ، بانقضاء الحاجة يعود لجماعته و ينبس بحكمة : المرأة تقبل و تدبر في صورة شيطان !! .
 لنذهب إلى النص المكتوب للمشهد 2  كما يسجله مسلم في صحيحه : عَنْ جَابِرٍ أن : رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً ، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فقَالَ  ": إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ " .
مشهد 3 :
أعرابي  يعيش معه خادم ، فيتعذر للأعرابي الابتعاد عن الخيمة حتى لا يختلي الخادم بزوجته ، و البقاء لصيقا بالخيمة أو جعل الخادم لصيقا به استحالة ،فيطلب من زوجته بإرضاعه لكي تتحقق البنوة و يرتفع الحرج و تسد الذرائع ، نترك للقارئ بكل احتشام تخيُل مشهد الرضاعة ....!!!
لنذهب إلى النص المكتوب للمشهد 3  كما يسجله مسلم في صحيحه :
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِى حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ في بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ - تَعْنِى ابْنَةَ سُهَيْلٍ - النبي - صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا وإني أَظُنُّ أَنَّ في نَفْسِ أَبِى حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. فَقَالَ لَهَا النبي - صلى الله عليه وسلم- « أَرْضِعِيهِ تحرمي عَلَيْهِ وَيَذْهَبِ الذي في نَفْسِ أَبِى حُذَيْفَةَ ». فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ إني قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الذي في نَفْسِ أَبِى حُذَيْفَةَ .  
مشهد 4 :
رجل يشهد له بالعلم و الصلاح و التقوى ولكن في المشهد المسرحي يُقبِلُ زوجته في شهر رمضان ، و يأتيها وهي حائض !!!!، فيقال عنه زاهد متعبد ، ماذا فعلت به النسوة عند خروجه من المسجد !!!! .
عودة إلى النص المكتوب للمشهد 4  كما يسجله البخاري في صحيحه :
عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ . ثُمَّ ضَحِكَتْ .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- فَتَأْتَزِرُ بِإِزَارٍ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا . 
مشهد 5 :
نقدم النص كما يرويه البخاري مع تعذر المشهد المسرحي :
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْحَمِيدِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ ، فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِى كُنَّ عِنْدِى فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابِ » . فَقَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . ثُمَّ قَالَ عُمَرُ يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ ، أَتَهَبْنَنِى وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَ نَعَمْ ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه و آله وسلم - . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِيهًا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِى نفسي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ » .
في المشهد الأخير الذي نقدمه كعينة ، ترتفع أصوات النسوة على صوت الرسول و الرسول  ( ص ) يضحك و لا يبالي بالنهي القرآني ، والهدف من وضع هذه الرواية تبرير رفع ابن الخطاب صوته على صوت الرسول ( ص ) حيث حبطت بذلك أعماله كما بينته سورة الحجرات ، و الرسول ( ص )  لا تهابه النسوة فما بالك الرجال ، و هيبة الرسول ( ص ) تمحى بحضور الشيطان الذي يولي هاربا برؤية ابن الصهاك !!!!، فينتقص بذلك من شخص الرسول( ص ) ، و حاشا أن يتحقق لهم ذلك إلا في النفوس الضعيفة ، و شخصية الرسول ( ص ) كما يصورها لنا القرآن الكريم تحير عقول ذوي الألباب في سيرها المتعالي إلى ألا متناهي . 
إن ما فعله القبطي في فيلمه المسيء للرسول ( ص ) ، ما هو سوى تحويل نصوص موروث الإسلام الأموي إلى مشاهد سينمائية ، فبدل الغضب الهائج و الثورة على هذا القطبي كان الأولى أن تبدأ الثورة بالبخاري و مسلم !!!!. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين كبايسي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/07



كتابة تعليق لموضوع : الرسول ( ص ) كما يراه البخاري و مسلم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net