صفحة الكاتب : كاظم فنجان الحمامي

خنجر آخر في خاصرة الموانئ
كاظم فنجان الحمامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وأخيرا تكاملت حلقات السلاسل الفولاذية, التي ستقيد حركة الموانئ العراقية, وتقطع أنفاسها, وربما تمنعها من مزاولة نشاطاتها المينائية المعتادة, فقد استطاعت مكاتب الضريبة أن تتسلل إلى ميناء خور الزبير, وتقتحم ميناء أم قصر, بشقيه الشمالي والجنوبي, لتضيف اللمسات النهائية على الفصل الأخير من مراسيم الوليمة, التي اشتركت فيها المؤسسات المتسللة من خارج تشكيلات وزارة النقل لامتصاص حماس الموانئ العراقية, ومنعها من الارتقاء نحو الأفضل, وحرمانها من فرصتها المستحقة في اختزال الدورات المستندية المملة, ومنعها من مواصلة كفاحها المشروع نحو تفتيت الرسوم المالية المتحجرة, فجاءت مكاتب الضريبة لتزيد الوضع تعقيدا, وتضيف هموما جديدا لهموم التجارة البحرية المكبلة بالرسوم, والمثقلة بالفواتير المفروضة على السلع والبضائع والمواد المستوردة عن طريق البحر, فتكاثرت الفواتير, وتشعبت حقولها بالطول والعرض, ابتداءا من رسوم الموانئ المتمثلة بجداول الأجور والعوائد, ومرورا بالرسوم الجمركية المتزايدة, ورسوم الحجر البيطري, والفحص الطبي والفحص الغذائي, ورسوم التقييس والسيطرة النوعية, ورسوم وزارة التجارة, ووزارة الزراعة, ورسوم النقل البري, ورسوم الجوازات, وانتهاءا برسوم الوكالات البحرية, وربما سيأتي اليوم الذي تتدخل فيه وزارة أخرى, لتفرض رسوما جديدة على استخدامات السفن للمياه المنسابة عند مقتربات الأرصفة, أو تفرضها على الهواء الذي تستنشقه طواقم السفن الوافدة إلينا.

 
لقد أدركت الشركة العامة لموانئ العراق هذه المشكلة, واستشعرت أبعادها الخطيرة منذ زمن بعيد, فبذلت قصارى جهدها لإدخال سلسلة من التعديلات على جداول أجورها وعوائدها, وكانت هي السبّاقة في تخفيض تعريفتها إلى الحد الأدنى, وبالمقدار الذي يسمح لها بدخول حلبة التنافس مع الموانئ الخليجية, ويؤهلها لاستقطاب خطوط الشحن البحري, في حين راحت التشكيلات الأخرى تعتاش على السفن الوافدة, وتمارس هوايتها في مصادرة جهود الموانئ, وبالاتجاه الذي يستفز التاجر, ويضيّق الخناق على المستورد, ومن دون أن تكترث لما ستؤول إليه أحوال الموانئ العراقية, في ظل هذه الممارسات غير المسئولة, وفي ظل المساعي الربحية المحمومة, والسياقات المتقاطعة مع مخططات الموانئ.
مما لا ريب فيه أن إدارة الموانئ العراقية هي الجهة التي تمتلك السيادة المطلقة على النشاطات المينائية كافة, ولها وحدها الحق في إدارة شؤونها وتشغيل أرصفتها, والقيام بعمليات إرشاد السفن القادمة والمغادرة, وتأمين سلامتها, وسلامة الممرات الملاحية, وتعميقها وتهذيبها, وتأثيثها بالفنارات والأنوار الملاحية, وتأمين الاتصال بالسفن, والسيطرة على تحركاتها, الأمر الذي منح إدارة الموانئ المسئولية المهنية والشرعية في تحسين مستواها, ودفعها لتحرير نشاطاتها من القيود والرسوم القهرية, التي ستسهم في تحويلها إلى موانئ طاردة, وبات من المؤكد أن الرسوم الباهظة ستسهم في ارتفاع تكاليف الاستيراد عن طريق البحر, ما يؤدي إلى زيادة أسعار السلع المعروضة في الأسواق المحلية, وبالتالي إرهاق ميزانية المواطن الذي سيتحمل وزر جميع الإجراءات التعجيزية المترتبة على الاستيراد.
ويبدو أن رياح التشكيلات المتطفلة على السفن التجارية ستستمر في الهبوب بالاتجاه المعاكس لمسارات الموانئ العراقية, في حين اتسقت جهود الموانئ الخليجية, ووحدت صفوفها في تخفيض الرسوم المينائية, ثم تدخلت الحكومات الخليجية في المنافذ المينائية بعد أن استشعرت معاناة مواطنيها, فألقت بثقلها كله لتخفيف العبء على المواطن, واتخذت قرارات ايجابية صارمة, تحملت بموجبها نسبة 50% من الرسوم المينائية الإجمالية, وكان لهذه القرارات دلالات كبيرة, وآثار ايجابية ملموسة على التاجر والمواطن, وهكذا نجحت البلدان الخليجية في تخفيض هامش الربح, وبالتالي تخفيف الأعباء على المواطن. والملفت للنظر هنا انه لا يوجد ميناء واحد في كوكب الأرض تُستوفى فيه الضرائب على السلع المستوردة قبل مغادرتها الحرم المينائي, باستثناء الموانئ العراقية التي انفردت فيها وزارة المالية وسمحت لتشكيلين من تشكيلاتها باستيفاء الرسوم على البضائع المستوردة عن طريق البحر, والتشكيلان هما (الجمارك والضريبة), وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الموانئ العراقية تأسست في العام 1919 ومارست نشاطاتها منذ القرن الماضي من دون أن تتدخل مكاتب الضريبة في عملها, فما سر انتقال مكاتبها إلى ساحات ومخازن الموانئ الآن ؟؟, وما سر ظهورها المفاجئ بعد مرور قرن من الزمان على غيابها ؟؟. أنا شخصيا لا اعرف الجواب, واقترح أن يصار إلى عقد مؤتمر عاجل لمناقشة هذه الأوضاع المعقدة, والبحث عن السبل الكفيلة بإنقاذ موانئنا من خناجر العابثين, وتحريرها من مخالب المؤسسات الدخيلة عليها. . .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كاظم فنجان الحمامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/01



كتابة تعليق لموضوع : خنجر آخر في خاصرة الموانئ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net