صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الحكمة الصينية وحيرتنا!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الصين فيها ما يقرب من المليار والنصف نسمة , وبلداننا منفردة قد تساوي نفوس مدينة في مكان ما منها.
وتقف متسائلا , كيف لحكومة الصين إدارة الحياة في هذا العدد؟  
وكيف لحكوماتنا أن تعجز في إدارة مدينة صينية واحدة لا غير؟
وتتسائل أيضا ما هي الآليات التي تستخدمها حكومة الصين؟
وما هي الآليات التي تفتقدها حكوماتنا؟
أليست هذه تساؤلات فيها وجهة نظر؟!
 
أولويات الصين هي الوطن , العمل , الإنتاج , البناء , الإقتصاد , الصناعة , الزراعة , وتوفير حاجات المواطنين.
وفي بعض بلداننا , لا وطن ولا عمل ولا إقتصاد ولا بناء ولا ولا..!!
وإن وجدت فبنسب ضئيلة ومتفاوتة.
وبمرور الزمن , لا تجد تقدما مؤثرا في الحياة العامة على هذه المستويات الأربعة على الأقل.
 
وفي الصين الحكومة تصغي لأجيالها , وتدرك أنها من جيل آخر ولا بد لها , من تحقيق آلية تفاعل الأجيال وتواصلها وتحاورها وتلاقح أفكارها. 
فحتى الحزب الشيوعي الصيني , ليس كأي حزب آخر , إنه حزب الحكمة والمعرفة والموروث الصيني العميق والدقيق , والمجسد للمقايسات الموضوعية والإنسانية الصالحة للحياة الأفضل.
 
وعندما تحصل إعتصامات أو إحتجاجات أو مطالبات أو مستجدات , تصغي الحكومة الصينية , وتدرس وتبحث وتحلل , وتستحضر العقول والحكماء والمفكرين والعقلاء , وتدعوهم للنظر في الحالة , وتأشير الأسباب والحلول والمقترحات , وقد يحصل أثناء ذلك بعض التفاعلات السلبية , لكن الحنكة والصبر والإصرار على البحث العلمي الرصين والجواب الستراتيجي الأمين عقيدة صينية واضحة , أكدتها أحداث كثيرة في العقود السابقة.
 
وحينما نتأمل المجتمع الصيني , نجد هذا التناسق الفعال والتواصل الحضاري المعطاء ما بين الأجيال. فالخبرات متوارث ومتنامية , والإرادة فعالة ومتوقدة , والعمل عقيدة , والإنتاج هدف والإبداع رسالة , والمواظبة وإعمال العقول  بما هو إقتصادي ومجدي على أشده.
 
فالعقل يعمل والأيادي تعمل.
 
وفي هذا تختلف آليات ومناهج الحكومة الصينية الراسخة في سلوك الشعب الصيني , عن حكوماتنا العاجزة عن إدراك الآليات الحضارية الوطنية الكفيلة بصناعة السبيكة الإجتماعية الوطنية المعاصرة , ذات الإمتداد في أعماق الحاضر والمستقبل.
 
إن ما يواجه الحكومات وعلى مَر الفترات , هو فقدان الآليات والمناهج الوطنية الخالصة البعيدة عن نوع النظام الحاكم , أو الشخص الحاكم . 
 
وكل ما يحصل , ومنذ عقود وعقود , عبارة عن دوران في دائرة مفرغة من البناء والدمار والتصارع , لأن كل ما تحقق , لا يمتلك الهوية الوطنية , وإنما يتخذ هويات حزبية وفردية وفئوية .
وما دامت الحالة على هذا المنوال , فأن الصيرورة الوطنية المعاصرة المتوافقة مع إرادة الشعب , ستنأى عن التحقق في أي جيل ومكان .
 
فهل سنرتقي إلى مستوى وعي خصائصنا الوطنية , ونؤمن حقا بالوطن , حكومة وشعبا , لكي نكون؟!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/20



كتابة تعليق لموضوع : الحكمة الصينية وحيرتنا!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net