للمعنى اللغوي دور مهم في فهم النص الشرعي
في قوله تعالى: )أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ(([1])، هذا نص شرعي، ولا يعني هذا النص أن البيع قد استجد معناه وحمل معنى معيناً بل معناه هو المعنى اللغوي، أي نحمله على ما يفهمه عرف العقلاء، وأن الشارع لم يردع عن هذا المعنى اللغوي، وهذا دأب حتى أولئك الذين يحكمون بالبدعة على كل ما استجد من الشعائر الدينية والطقوس والمراسم الدينية في إحياء وتشييد معانٍ دينية سامية، حتى أولئك يعتمدون في فهم النص في أبواب الفقه على المعنى اللغوي الوارد فيه إلا إذا تناقض هذا الفهم اللغوي للنص مع معنى من المعاني التعبدية الشرعية.
الشعيرة علامة
العلامات والإعلانات تدل على أمورٍ معينة، كما لو رأينا إعلانا مكتبوباً عليه (عياده) فإن هذا الإعلان دليل على وجود طبيب وأجهزة طبية تمثل العيادة, كذلك الدين له علامات وشعائر فقد تكون هذه الشعائر محددة من قبل الله تعالى كما قال سبحانه وتعالي )إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا(([2])، وتحديد الشارع لبعض مصاديق الشعائر لا يعني رفضه للمصاديق الأخرى التي لم يحددها.
الفرح لفرح أهل البيت والحزن لحزنهم من مصاديق مودتهم.
كلامنا هذا لا يعني أنه لم يرد من الشرع شيءٌ في الحث على إحياء الشعائر الحسينية، فالآية الكريمة التي تقول: )قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى(([3])، المودة تفيد أن الفرح لفرح المودود الذين هم آل محمد7 والحزن لحزنهم أمر لا بد منه لتحقيق هذه المودة، وذلك لأن المودة أرقى وأعلى وأشد من المحبة، ويشترط في المودة صدق الحب من المحب للمحبوب, وكذلك المودة تتضمن موضوع إبراز المحبة وإظهارها ومن هذا المنطلق نحن نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم لكي نحقق مفهوم المودة.
تعظيم من عظمه الله أمرٌ راجح في الدين
ونفس هذه الآية تدل على أن إحياء ذكرى عاشوراء هي من الشعائر الدينية؛ لأن هذا الأمرأمرًٌ راجحٌ في الدين، وقد ورد في كتب العامة متواترا: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)(، ما حصل عليه أهل البيت(ع) من مقامات عالية في القرآن كما هو شأن آية المباهلة وآية المودة وآية التطهير وسورة الدهر وغيرها، فيجب تعظيمهم وتبجيلهم؛ لأن لهم ذلك المكان العالي الذي لا بد للإنسان المؤمن أن يتعاطى معه بما يليق به.
وقد ورد في كتب العامة أن مخلوقات الله كالسماء والأرض، والملائكة قد بكت على الحسين(ع)، وهذا ما لا يترك للمشككين منفذاً للتشكيك في شرعية إحياء ذكرى الحسين(ع). وقد ذكر الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء أن مشاهدهم وقبورهم قد شُعِرتْ من قبل الرسول(ص) حيث قد ورد عن طرق العامة فضلاً عن طرق الخاصة الحث على زيارتهم وإعمار قبورهم وما شابه ذلك مما يدل على رغبة الشارع في إشادة هذا البنيان كمعلم للدين، إذن كون هذه الشعيرة من الشعائر العظيمة للدين أمر مسلَّمٌ به.
[1]) البقرة: 275.
[2]) البقرة: 158.
[3]) الشورى: 23.