صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

حطب لنيران العراق
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


 لاتعمل أية منظومة جهادية تؤمن بالعنف في مكان ما مالم يكن من تقبل

ولوكان محدودا لوجودها في ذلك المكان. ومنذ مايقرب من العشر سنوات تعمل

التنظيمات المسلحة (سنية وشيعية) في بيائتها الحاضنة، المتقبلة في أحيان،

والمتذمرة في الغالب، ولكنها في النهاية لن تقطع كل السبل مع تلك

التنظيمات، وتظل في حال من الشد والجذب معها، وربما ناكفتها في بعض

الأوقات وقاتلتها كما يفعل أهل المدن السنية في العراق الذين ذاقوا

العذابات من تنظيمات متشددة، وسال بيهنم دم كثير حتى عاد في الأثناء

ليكون مسالا ربما بدرجة أقل لكنه يفرض شروط فهم مختلفة لدى المناوئين.

فليس من حق الشيعة أن يتصوروا السنة كلهم داعش ،أو كلهم جبهة النصرة

والقاعدة، وسواها من جماعات التطرف الديني .كذلك ليس من العدل أن ينظر

السنة الى الشيعة على أنهم جزء من المنظومات الدينية التي تستخدم العنف

في بعض الأحيان، وإنهم يقبلون بكل مايجري، لكن فهم السنة لتلك التنظيمات

المتشددة عندهم يختلف منه عند الشيعة، فالمحارب الداعشي عندما يسير في

شوارع حلب أو الرقة وحتى الموصل والأنبار لايشكل إزعاجا كاملا لأهل تلك

المدن، بينما هو على العكس في وجوده لو فكر به في مدينة شيعية فهو عدو

بالمطلق وهذا مايثير المخاوف من إندماج الجماعات المتطرفة في المناطق

الحاضنة فيما لو بقي الصدام مع السلطات الرسمية وبقيت حالة الإحتقان وعدم

الثقة .

ماجرى في الفلوجة خلال الأسابيع الماضية ودخول بعض المتشددين المدربين

وسيطرتهم على مرافق الدولة أدى الى حالة قلق عميق في الأوساط السنية

الأكثر إعتدالا ولدى الشيعة، وحتى الطوائف والقوميات في أنحاء العراق،

لكنه كان محفزا لإنضمام العديد من الشباب الى التنظيم والتباهي به

وإيواء عناصره ، وغالب من يقاتل في داعش في الحقيقة ليسوا غرباء بالفعل

مع وجود عرب وأجانب كثر لكن  كان هناك من لم يمانع في وجودهم ، بمعنى أدق فإن

الصراع أعمق وهو ليس بين الداعشيين والحكومة فحسب، بل هو يتطور أكثر

ليكون جزءا من صراع طائفي عميق تنسحب له مجموعات بشرية مؤمنة بالمذهب

المخالف، وبالخلاف الفقهي والعقيدي وبالتالي يكون الحطب وفيرا لنار الشرق

الأوسط.

أين ذهب الآلاف من المواطنين الذين كانوا يشتمون الحكومة في ساحات

الإعتصام والملثمين وحاملي السلاح والذين هتفوا، إحنا تنظيم إسمنا

القاعدة؟ وأين ذهب الألاف من المواطنين الذين يملكون كلهم السلاح الجاهز

للإستخدام في أي لحظة؟ هناك مشكلة عميقة في بنية النظام السياسي في

العراق، والسنة يعترضون على هذه البنية منذ 2003 ولم يتراجعوا، ولديهم

الرغبة في القتال، بينما الشيعة لم يحسموا أمرهم لجهة التنازل، أو إستخدام

القوة المتناهية ولايبدو من سلوك المالكي إنه قرر الذهاب بإتجاه ما

فالأمور ثابتة ومتجمدة الى درجة قصوى، ولم ينفع أي حراك لأن الواقع على

الأرض مزعج للغاية، فالخدمات معطلة والظروف السياسية معقدة والبرلمان

عاجز عن أداء دوره والحكومة مكبلة بملايين الشروط من الخصوم، وليس من

الحكمة التركيز على فكرة داعش فهناك عشرات آلاف المقاتلين الذين يحملون

فكر داعش ولاينتمون له بالضرورة، ولديهم القدرة والرغبة في المواجهة

طالما إنهم يشعرون إن النظام السياسي ليس نظامهم، وإن الأمور تدار في

العراق بطريقة لاتتلائم وماإعتادوه من مئات من السنين، هم غير راغبين في

تغيير المسار ومصرون على بقاء الحال على ماهو حتى لو تغير بنظر غيرهم،

وحتى لو تغير واقعا فإنهم سيبقون عليه في خيالهم ولديهم الإستعداد

ليقاتلوا في الخيال على أن يقبلوا بواقع مر بالنسبة لهم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/02/02



كتابة تعليق لموضوع : حطب لنيران العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net