قال الرسول : (( إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ )). رواه الشيخان
الأفكار حية خالدة لا تفنى ولا تموت , ربما تغيب حينا لتنزوي في عالمها الخاص ( عالم المثل) لكن لا بد لها من التنزّل إلى عالمنا ,والأفكار متساوية, لكنها في تفاعلها مع المجتمع تكتسب الزخم والديمومة والقوة والاستمرارية , والذي يهمنا في هذه الصفحات هي الفكرة الدينية ( الفهم البشري للدين) والفكرة الدينية قد تكون فكرة قاتلة ونقصد بالأفكار الدينية القاتلة هنا هي كل فكرة تؤدي إلى القتل باسم الدين , وبالتالي فالفكر الديني القاتل هو كل فكر إقصائي ,استعلائي , متقوقع ,تفسيقي , تبديعي , تكفيري يحاربك باسم الإله الذي احتكره وجعله ربه فقط وجعل من نفسه المتحدث باسمه المفسر لأمره , القاضي الذي يحاسبك على ما تقول ويفتش حتى في نواياك فهو الخصم والحكم ...
والفكرة الدينية القاتلة هي التي قسمت المسلمين لجماعات وزرافات وفرق وأحزاب ﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ المؤمنون (53) - ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ الروم (32) - فكل فرقة ترى نفسها هي الفرقة الوحيدة الناجية والباقي إلى الجحيم وهي الطائفة المنصورة والمجموعة المجتباة والحزب المختار وان كان الإسلام دين هداية ودعوة رحمة للعالمين , فهي فئة محاسبتية وليتها تحاسب نفسها , بل انشغلت بالعلماء فتحاسبهم وتفتش عن زلاتهم وعثراتهم ,وليتها التفتت للناس فكانت داعية بأخلاقها وسلوكها ,بل تركتهم واهتمت بالدعاة فمارست في حقهم علم الجرح والتعديل والأصل الأول من أصولهم :" خوارج مع الدعاة مرجئة مع الحكام ، رافضة مع الجماعات ، قدرية مع اليهود والنصارى والكفار ...هذه المجموعة التي اتخذت التجريح دينا ، وجمع مثالب الصالحين منهجا ... جمعوا شر ما عند الفرق .
فهم مع الدعاة إلى الله خوارج يكفرونهم بالخطأ ويخرجونهم من الإسلام بالمعصية ، ويستحلون دمهم ويوجبون قتلهم وقتالهم .
وأما مع الحكام فهم مرجئة يكتفون منهم بإسلام اللسان ولا يلزمونهم بالعمل ، فالعمل عندهم بالنسبة للحاكم خارج عن مسمى الإيمان .
وأما مع الجماعات فقد انتهجوا معهم نهج الرافضة مع الصحابة وأهل السنة ، فإن الرافضة جمعوا ما ظنوه أخطاء وقع فيها الصحابة الكرام ورموهم جميعا بها ، وجمعوا زلات علماء أهل السنة وسقطاتهم واتهموا الجميع بها .
وهم مع الكفار من اليهود والنصارى قدرية جبرية يرون أنه لا مفر من تسلطهم ولا حيلة للمسلمين في دفعهم
، وأن كل حركة وجهاد لدفع الكفار عن صدر أمة الإسلام فمصيره الإخفاق ، ولذلك فلا جهاد حتى يخرج الإمام !!
فوا عجبا كيف جمع هؤلاء بدع هذه الفرق ؟!! كيف استطاعوا أن يكيلوا في كل قضية بكيلين ، فالكيل الذي يكيلون به للحكام غير الكيل الذي يكيلون به لعلماء الإسلام !! ." ( الخطوط العريضة لأصول أدعياء السلفية ص 03/ ع الرزاق الشايجي)
فالفكرة الدينية القاتلة هي التي استباحت أن يخرج المسلم على الحاكم وليته يقاتل الحاكم أو يرفع السلاح ضده,لكنه يدعي العمل على إسقاط النظام ولا يقتل منه الا الجنود البسطاء ورجال الأمن البؤساء وذويهم بدعوى أنهم حراس النظام ,ثم يقوم بعمليات انتحارية وتفجير الأماكن العامة بدعوى تدمير اقتصاد النظام واستنزاف موارده فيقع ضحية هذه التفجيرات المواطنين الأبرياء سواء قتلى أو أرامل أو يتامى أو معطوبين ومن نجا فان الضرائب ستثقل كاهله لأجل اعمار ما تخرب , وتصبح دار الإسلام دار حرب , خراب ودمار واذا تتبعنا مقتطافات من نص بيان الجماعة الاسلامية المسلحة المسمى هداية رب العالمين في تبيين أصول السلفيين وما يجب من العهد على المجاهدين لأمير الجماعة الاسلامية المسلحة أبو عبد الرحمان أمين "حكام الجزائر وغيرها من بلاد المسلمين ,ملوكا وأمراء وحكاما ورؤساء مرتدون وكذا رؤساء حكوماتها ووزراءها وأعضاء المجالس التشريعية والبرلمانية وهم كفار كفرا عينيا
وأعوان الحكام وأولياؤهم من جيش وشرطة ودرك وحرس وكذا سندتهم وعلماؤهم المضلون وغيرهم ومن يقاتل دونهم كفار مثلهم
والجماعة الاسلامية المسلحة تتبرأ وتكفر بكل الحركات والجمعيات الضالة والأحزاب التي تدعو الى تحكيم القوانين الوضعية المخالفة للشرع وتعتبرها أحزابا كفرية
الجماعة الاسلامية الجزائرية تهجر أهل البدع وتنابذهم وتباينهم ولا تجتمع معهم ,فتترك النظر في كتبهم والاصغاء الى كلامهم ان في اصول الدين أو فروعه سواء فهي تتبرأ من ضلالات وبدع الطوائف المنحرفة عن نهج النبوة جميعا كالخوارج والمعتزلة والرافضة والجهمية والقدرية والمرجئة والأشاعرة والماتردية والكرامية والصوفية وغيرها من فرق الضلالة وطرق البدعة
الجماعة الاسلامية المسلحة لا تجتمع ولا تتحالف مع كل المناهج العقدية او العصبيات المذهبية أو الحزبية أو الجماعات الدعوية و السياسية والجهادية أو طوائف الصوفية مادامت مخالفة للكتاب والسنة وهدي سلف الأمة لأنه لايمكن أن يجتمع منهجان متضادان ومن ذلك الاخوان المسلمون,حزب التحرير,الجزأرة ,القطبية,الدعوة والتبليغ ,الطرقية ,الحزبية وأذناب الخوارج وأذناب المرجئة وغيرها "( كتاب تشريح الفكر السلفي المتطرف ص 555 حسن محسن رمضان)
والفكرة الدينية القاتلة اذا سيطرت على جماعة أو فرقة فستحولهم إلى أداة قتل وتخريب بامتياز , تغيب عنهم العقل والفؤاد والقلب وتفعّل فيهم غريزتهم الأولية التي خشت منها الملائكة حين قالت :﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾البقرة (30) والفكرة الدينية ليست قاتلة في ذاتها , بل القتل لصيق بعض الفكر مهما كان نوع وتوجه واتجاه هذا الفكر وما الدين إلا وسيلة من الوسائل التي يحاول هذا الفكر التباسها كمحاولة لإضفاء نوع من المشروعية على أفعاله وللتخلص من تأنيب الضمير فيما يقوم بأفعال يعلم بينه وبين نفسه أنها تتنافى مع الفطرة السليمة والحكمة من الخلافة
فان كانت الفكرة الدينية هي الفهم البشري للدين , فان الفكرة الدينية القاتلة هي الفهم البشري المنحرف الخاطئ للدين المترتب عنه سفك الدماء
وهذا النوع من الفكر لا يختفي ولا يزول بل يبقى أحيانا خامدا أو رابضا ينتظر الفرصة للتفاعل مع بعض المجتمع ليتجسد على أرض الواقع في شكل جماعات تكفيرية مسلحة وربما وصل به الأمر إلى التحول لنظام يسيطر على الدولة كما حدث في أفغانستان
والفكر القاتل يعمل كالمغنطيس يجذب إليه مرضى النفوس وأصحاب التشوهات الفكرية والعقد النفسية من المنبوذين والانطوائيين و الفصاميين و العصابيين و الذهانيين و الهذائيين وأصحاب التناذرات الهيبفرينية وأصحاب الرهاب الاجتماعي والمكتئبين والمتخلفين عقليا و المهلوسيين والمتوهمين والموسوسين قهريا ...
فان حدث اهتزاز في الدولة واختلى النظام كشف الفكر الديني القاتل عن نفسه متجسدا في مجموعة تقاتل لأجل إعلاء راية التوحيد فوق الجماجم والأشلاء وبرك الدماء لتقيم دولة إسلامية راشدة بعد أن حولت البلاد إلى مقبرة مفتوحة وتجد في قوافل مجاهديها كل صاحب سوابق عدلية وكل من له حسابات عالقة يريد تصفيتها وفي حركات استعراضية يقوم المجاهدون بتطبيق حد السرقة أو الرجم على الضعفاء من القوم في ساحة الحرب وهم بهذا يقطعون جناحا الإيمان ويرجمون الإسلام كما نشاهد على القنوات ما يحدث في سوريا
وفي معاهد الدراسات الاستشرافية والإستراتيجية تم دراسة هذا الفكر وأصبح صناعة أصحابه كالدمية المبرمجة يتنبأ بتصرفاتهم وتعرف خطواتهم أول بأول قبل القيام بها , فأصبح يتم الإشراف عليهم عن بعد وإعدادهم كأدوات تخريبية وتوجيههم لأجل مصالح الغرب كما أنهم قد يخترقون من الداخل في دولهم ويصبحون يطبقون أجندة النظام وهم يصفون من يقف عثرة في طريق النظام .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat