صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

دول الطوائف المتحاربة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فتح المسللمون بلاد الأندلس في الخامس من شهر رجب عام إثنين وتسعين هجرية بقيادة (طارق بن زياد) , وكان عدد جيشه سبعة آلاف ليس بينهم إلا ثلاثمائة من العرب , فعبروا بحر (الزقاق) من (سبتة) المغربية إلى جزيرة (القندال) , وكان نزولهم على (جبل طارق) كما سُميّ بعد ذلك العبور.
 
وقبل ذلك بعث (موسى بن نصير) (طريف بن مالك المعافري) في خمسمائة رجل منهم مئة فارس,  فعبروا البحر على أربعة سفن , وأقاموا بها أياما وعادوا بغنائم وفيرة.
 
وتواصل (طارق بن زياد) في فتوحاته وبسط إرادته على إسبانيا , لكن (موسى بن نصير) أمره بالتوقف فأبى , وقدِم إلى الأندلس ومضى هو الآخر بفتوحاته , ويبدو أن التنافس بينهما قد وصل ذروته , فأمرهما (الوليد بن عبد الملك)  للعودة إلى دمشق , عام 95 هجرية , فولى (موسى بن نصير) إبنه (عبدالعزيز) على الأندلس ورحل عنها , ويُقال أن (عبد العزيز) كان من خيرة ولاة المسلمين على الأندلس , لكن الجند قتلوه بتدبير من (أبو عبيدة الفهري) عام 98 هجرية.
 
وبرغم شدة التنافس على السلطة , إلا أن المسلمين قد وصلوا حدود فرنسا , فتأهبت لقتالهم والدفاع عن نفسها بقيادة (شارل مارتن) , وجرت حرب شرسة بينهما قتِل فيها (عبد الرحمن الغافقي) والي الأندلس سنة 114 هجرية.
 
ومضت مشكلة التنافس على السلطة ما بين العرب والبربر , لأنهم يدّعون بأنهم الذين فتحوا بلاد الأندلس , ولم يكن بينم إلا ثلثمائة من العرب عندما دخلوها مع (طارق بن زياد) , لكن الأمويين تمكنوا من تحقيق معادلة التوازن ما بين جميع الأطراف. 
 
وكما هو معروف فالدولة الأموية قد سقطت سنة 133 هجرية , وتم القضاء على بني أمية قضاءً مبرما , ونجا منهم (عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن مروان) الذي إستطاع الفرار متخفيا حتى إقترب من مدينة (طنجة) وهو شاب في العشرين من عمره , ودخل الأندلس بمساعدة مولاه (بدر) في بداية ربيع الأول سنة 138 هجرية , وسمى نفسه (عبدالرحمن الداخل) , وسماه (أبو جعفر المنصور) فيما بعد (صقر قريش). 
ومضى يحكم الأندلس حتى سنة 172 هجرية , أي أربعا وثلاثين سنة , وصارأحفاده يحكمونها من بعده , وكان آخرهم (هشام الثالث) الذي تم خلعه سنة 422 هجرية فكان آخر خليفة أموي في قرطبة.
 
وبعد ذلك بدأت (دول الطوائف) بملوكها وأمرائها , وصراعاتها الطاحنة المدمرة للوجود العربي الإسلامي , فاستثمر فيها الطامعون , وتمكنوا من القضاء على وجودهم جميعا بإستخدامهم ضد بعضهم البعض , حتى نهايتهم تماما في الثاني من كانون الثاني عام 1492 ميلادية , أي بعد  ثمانية قرون من الفتح الإسلامي للأندلس (92 – 898 ) هجرية.
 
ومَن يتصور أن التأريخ كان صادقا في قوله بأن العرب قد إنهزموا في بلاد الأندلس , إنما هو على وهم وضلال , فالعرب لمْ يُهزموا وإنما إنتحروا في بلاد الأندلس , وهَزموا أنفسهم بأنفسهم , ولم يَهزمهمْ أحد.
 
ويبدو أن قصة الأندلس تتكرر في بلادنا العربية بطبعة جديدة معاصرة , تُستَخدَم فيها المستجدات المتوفرة لإبادة الشعوب وتمزيقها وتدمير وجودها بالكامل , وها نحن نعيش نتائجها الفظيعة  , المنطلقة بإندفاعات هوجاء ماحقة ,  لكل ما يشير إلى الوجود العربي والإسلامي في المنطقة.
 
فالعرب اليوم ما عادوا عربا , بل طوائفَ ومذاهب وفئات وتحزبات ومليشيات , وأبضاع يتم تزويدها بأسلحة فتاكة للإنقضاض على بعضها , وأحيانا تُهدى الأسلحة إليها ,  لتحقيق أقصى درجات التدمير المروع الشديد.
 
ومن الواضح أن الإستثمار في الدين قد أدى إلى نتائج لا تُصدّق , لأن العرب قد أثبتوا بالعمل المتكرر , بأنهم أجهل الناس بدينهم , مما تم تسخيرهم للإنتحار بالدين,  بعد حشو أدمغتهم بالضلالات والتصورات المروّجة للفتك بهم وبدينهم.
 
وما يحصل اليوم في البلاد العربية , إنما بداية مسيرة حروب شرسة لن تهدأ إلا بمحقهم عن بكرة أبيهم كما تحقق ذلك في الأندلس , وما هي إلا مسألة وقت حتى تجد جميع العرب قد نزحوا من ديارهم وحلّ بها غيرهم , وتلك حقيقة ما يجري ويتأكد , وفقا لخطط محكمة وبرامج معقدة ذات مردودات تدميرية فائقة التأثير.
 
فماكنة التحشيد العاطفي والتأجيج الإنفعالي في ذروة إبداعاتها , وإنتاجها لسينورياهات التدمير العربي الإسلامي الماحق , وعلى أيدي العرب والمسلمين أنفسهم , فأسهل طريقة للتخلص من عدوك أن توفر له أسباب نحر ذاته وموضوعه , فعاشت الإرادة العربية الإسلامية , ومبروك سعادة الذي إكتفى بغيره , لتحقيق أهدافه التي كانت عسيرة ومستحيلة في خياله.
 
و"تنبهوا واستفيقوا أيها العرب"!!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/03



كتابة تعليق لموضوع : دول الطوائف المتحاربة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net