نتيجة الخطاب الطائفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن الساسة الذين يتكلمون في الإعلام بلسان طائفي بحجة: (أنا أدافع عن جمهوري الذي انتخبني) أو (أدافع عن طائفتي التي أنتمي إليها) مشتبهون بل إنهم يضرون هذا الجمهور وهذه الطائفة من حيث يشعرون أو لا يشعرون..
إذ أن مراعاة مصلحة الجمهور والطائفة لا تكون إلا بالخطاب الوطني في بلد تعيش فيه طوائف متعددة تربطهم مصالح مشتركة مع الطائفة والجمهور الذي انتخب هذا السياسي، فلابد من ملاحظة جميع الحيثيات المؤثرة في مصلحة هذا المكون وما يؤثر على علاقاته الوطنية التي إذا ما تزعزعت فإنها ستهدد مصلحته.. لأن المنظومة الاجتماعية ذات الأعراق والإثنيات المختلفة قوامها هو التعايش السلمي والاحترام المتبادل..
ولو سألنا هذا الجمهور: لماذا انتخبتم هذه الشخصية ؟
لقالوا: لأنها تدافع عن حقوقنا وتُبرز مظلوميتنا لكي لا تتكرر مآسينا.
ولو سألناهم ثانية: وهل رأيتم آثاراً عملية وانتفاعات واقعية من هذه الشخصية تمثل دوراً نيابياً مهنياً صحيحاً؟
لقالوا: لا لم نرَ كل ذلك .. وربما يقول البعض: أنا لا أعرف ما هو الدور النيابي الصحيح الذي يجب أن تلعبه هذه الشخصية!
ولو سألناهم ثالثة: وهل الهدف الذي دفعكم لانتخابها ـ وهو عدم تكرر المآسي ـ يتحقق؟
لقالوا: لا لم يتحقق، فالواقع من سيء إلى أسوأ.
فنقول: إن هذا الجمهور المسكين لا يعي أن إبراز المظلومية والدفاع عن الحقوق لا يتم بأسلوب المهاترات الإعلامية الذي ربما يرضي بعض نوازعهم النفسية لا أكثر ، إذ أن هذه الشخصية بأسلوبها الفوضوي المحتقن لا تزيد المنظومة الاجتماعية ـ التي ينبغي الحفاظ عليها لمصلحة هذه الطائفة وكل الطوائف المشتركة معها في الوطن ـ إلا تمزيقاً وتفريقاً.
فتنطبق على هذا الجمهور وهذا المجتمع مقولة: (يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه).
ونكتشف من هذا السياسي ـ بسبب عدم تقديمه لخدمات حقيقية ـ أنه إنما يستعمل هذا الخطاب لاستحصال أصوات الناخبين اتكائاً على جهلهم وذائقتهم المعوجّة، ولن يخرجنا مما نحن فيه من أزمات بل إذا استمر هؤلاء على هذا النهج، واسمر المجتمع بالترويج لهم فسنجد أننا ما نفتأ نخرج من لُجّة حتى نصطدم بواقع أمضى وأشد وأمرّ مما كنا فيه.
ولعل المرجعية الدينية العُليا عندما دعت جميع السياسيين إلى ترك الخطاب الطائفي (*) ـ وتأسفت لمزاولة بعضهم هذا الخطاب على الرغم من تنبيهاتها المتكررة وتأسفت أيضاً على انسحاب هذا النمط من الخطاب إلى أحاديث الناس ـ قد لاحظت هذه النكتة العقلائية الدقيقة، التي بمراعاتها فقط يتم الحفاظ على حقوق ومصالح كل مكون من مكونات هذا المجتمع ، وبالتالي الحفاظ على العراق ككُل، وعدم صيرورته إلى التفكك والتقسيم ونتيجة لا يُحمد عُقباها.
______________________
(*) بعض ما ورد بشأن الأوضاع الراهنة في العراق في خطبة الجمعة لممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في (12/ رمضان /1435هـ) الموافق(11/ تموز/2014م):
(( بسم الله الرحمن الرحيم
فيما يتعلق بالاوضاع الراهنة هناك عدة امور نتعرض لها :
الامر الاول : في الظروف الصعبة والحساسة التي يعيشها العراقيون جميعاً وهم يواجهون الارهابيين الغرباء فان اهم ما تمس الحاجة اليه هو وحدة الصف ونبذ الفرقة والاختلاف، ومن هنا طالما طلبنا من السياسيين والذين يظهرون في وسائل الاعلام أن يكفوا عن المواقف الخطابية المتشددة و المهاترات الاعلامية التي لا تزيد الوضع الا تعقيداً وارباكاً ، ولكن مع الأسف الشديد نجد ان البعض لا يزال يمارس ذلك ، وحتى وصل الأمر الى بعض المواطنين فنسمع منهم أحياناً نماذج مؤسفة من الكلام الطائفي او العنصري او نجد ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي وهذا لا يليق بالعراقيين بكل تأكيد. إننا جميعاً أبناء شعب واحد وقدرنا ان يعيش بعضنا مع بعض فلا بد من العمل على شد أواصر المحبة والألفة بيننا وترك كل ما يؤدي الى مزيد من التشنج والاختلاف بين مكونات هذا الشعب العريق )).
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
![](images/40x35xwarning.png.pagespeed.ic.s9TRQSmzfj.png)
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat