صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

جَهلا فورة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أعتذر مقدما من دولة سنغافورة لمقارنتي أحوالنا بحالها , فهي الدولة التي إستقلت عام 1965 بعد إنفصالها عن ماليزيا , وتسمى سنغابورة في اللغة المحلية.
 سنغا: أسد , بورا: مدينة , وفورة حسب ترجمتنا العربية تعني المدينة.
 
ومن الصعب أن نقارن ما بين مدن الجهل والخراب والدمار ودولة الأسد , التي عبّرت عنه بقوة الفكر والروح والتفاعل الإنساني المتسامح المتآلف المبدع الرحيم , فتألقت وتمخضت قدراتها عن إبداع إقتصادي وإبتكاري متميز , وضعها في مصاف الدول المتقدمة جدا في عصرنا المتوهج بالمخترعات والمستجدات , وقد حققت سنغافورا هذه الثورة المعاصرة في ظرف بضعة عقود.
 
ونحن أولاد "جهلا فورة" فماذا يُرتجى منا , وماذا يليق بنا غير الشرور , والتفاعلات السيئة الفتاكة المخزية المضحكة.
 
المجتمعات تتطور وتكون في بضعة عقود , ونحن لا نزال ننوح على غابر الأزمان , ونتساءل لماذا فلان صار خليفة دون فلان , وعلينا أن نعيد الزمان إلى الوراء قرونا وقرونا.
 
نحن أولاد "جهلا فورة" المصابون بأوبئة الهلاك والإنقراض , نجتهد في الصراع الدامي فيما بيننا , نكره الحياة الدنيا لأنها لا تساوي شيئا بالقياس إلى الحياة الأخرى , التي نرى فيها ما لذ وطاب , أما إذا سألتنا عما نفعله في دنيانا , فأننا نعبد ربنا الذي نصنعه على  هوانا , ووفقا لرغباتنا المدفونة في أعماق لا وعينا المضطرب.
 
نحن أولاد "جهلا فورة" , لا نعرف التسامح والتآلف والتراحم , ونجيد التناطح والتنابز بأشنع الألقاب والمسميات والتوصيفات , اللازمة لسفك دمائنا وتحويلنا إلى قرابين لأصنام ما فينا , ولآلهتنا التي نأكلها وتأكلنا , وكأننا ثريدها , وهي ثريدنا , ومطية النفس الأمّارة بالسوء التي فينا.
 
عذرا سنغافورا , فأنتِ لستِ دولة إسلامية  , وفيك ديانات متنوعة متعددة ومعابد مختلفة , لكنك تدينين بالبقاء والتعاون والتكامل والرحمة , والإبداع والقوة الفكرية والثقافية والتربوية والتعليمية , ونحن ندّعي الدين وأفعالنا ضد أي دين!!
 
عذرا سنغافورا , فنحن أولاد "جهلا فورة" , نتباهى بعمائمنا وأصولنا وبقال فلان وصرح فلان , وبطولاتنا في قتال بعضنا , وإنجازاتنا العلمية أننا إكتشفنا أن التأريخ يمكن تغييره ومحقه بالإنقضاض على وجودنا ورفع رايات إنقراضنا السوداء.
 
فانظري يا سنغافورا إلى العمائم السوداء والخضراء والبيضاء والحمراء , المتناطحة في حلبة الأكباش الطائفية  , والمتقاتلة كالديكة على قطيع الدجاج!!
 
عذرا سنغافورا , أنتِ سبب تأخرنا وتخلفنا , وتصارعنا على الأجداث , فالمهم عندنا أن نثأر لأجدادنا الميامين , فكلنا سادة وأئمة ومن دوحة وارفة جذورها في الأرض , وأغصانها في سابع سماء وسماء.
 
تلك مأساتنا يا سنغافورة , فما أروع أفكاركِ وحكمة رؤاكِ , وما أجهلنا أمام بهاءك وسطوع علائك الباهر الفياض!!
 
مبروك لسنغافورة مجدها , وأملنا أن نتعلم درسا واحدا من دروس صيرورتها , علّنا نستيقظ من غفلة جهلنا ونحاول أن نكون!!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/07



كتابة تعليق لموضوع : جَهلا فورة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net