صفحة الكاتب : د . علي رمضان الاوسي

المسير الى كربلاء، والمكوّن الاجتماعي للثورة الحسينية
د . علي رمضان الاوسي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

محاضرة الدكتور علي  رمضان الاوسي
مجلس مؤسسة الابرار في لندن  لشهر محرم الحرام اليوم الرابع 1436 هجري

الدولة الاموية أسست ثقافة اموية معادية  وانطلقت بها بعد استشهاد  الامام علي عليه السلام

 وبعد سنة  هجرية 41 بدأت تعيينات للولاة على المدن الاربعة  للامساك بها ، ابتداء بتعيين المغيرة بن شعبة. كانت المدن الاربع الاساسية هي :المدينة ومكة والكوفة والبصرة، التي يتحرك  من خلالها الامام الحسين  عليه السلام . الحديث الاكبر هنا يدور حول الكوفة.

هل ثار الامام الحسين بناء على رسائل اهل الكوفة؟

.البعض يقول نعم، ولكن هناك سببا آخر دفع الامام للثورة وليس رسائل اهل الكوفة.

معاوية استخدم مع الامام الحسن عليه السلام سياسة خداع ومراوغة  بعد ان فرضت الحروب الثلاث على الامام علي عليه السلام  وهي: صفين والجمل والنهروان، فارهق الناس، واصبحوا لا يحبذون المشاركة في الحروب. الطغاة يذيقون الشعوب كل الآلام لكي لا ينهضوا في اللحظة المناسبة. فهناك الحرب الاستهلاكية التي تقضي على طاقة الامة وتورث مشاكل كبيرة كالفقر والآلام والحرمان، للتمهيد للمعركة الرئيسة.

اليوم هناك حرب في سوريا والعراق وعدوان على الشعب البحراني والسعودي، وهي ليست حروبا استراتيجية، بل هناك حرب كونية يمهدون لها فيرهقون بهذه الخلافات شعوب المنطقة. هذا ما حدث في معارك الجمل وصفين والنهروان، ودفع مجتمع الكوفة الثمن الاكبر. وليس من الانصاف القول بان اهل الكوفة خدعوا الامام بارسال الرسائل.

:المكون الاجتماعي في الكوفة كان يتوزع على اربعة اطياف

الاول: الخوارج وهم قوة لا يستهان بها، ولديهم رموز لا يستهان بهم، شبث بن ربعي، عبد الله بن الكواء، وهؤلاء كانوا يطالبون بقتال معاوية وعلي  عليه السلام معا.

الثاني: الرعاع هؤلاء لم تحكمهم قيم او مباديء، بل المصلحة.

  الثالث :الشكاكون هؤلاء ظهروا نتيجية اعلام الخوارج واحداث الكوفة .

الرابع: الحزب الاموي  الذي تشكل منذ اليوم الاول، اي منذ عهد ابي سفيان، وكان يعمل خلال خلافة الخلفاء الاربعة.

فالمشككون كثروا لان القبليين كانوا يسيطرون على مناطق في البصرة والكوفة، ويمارسون تمييزا ضد العلويين، ومنهم قيس بن الاشعث، عمرو بن الحجاج

الخامس: المهجنون وهؤلاء يرمي الواحد منهم بسلاح غيره، من خلال الاموال التي تغدق

عليهم  فينطلقون لاحداث  الفوضى، وهؤلاء بارزون في المجتمع الكوفي

السادسة: اتباع اهل البيت والوجود الشيعي من اصحاب الامام علي والامام الحسن عليهما السلام

اذن من السنة الحادية والاربعين هجرية بدأت هذه المشاكل. بدأ المغيرة بن شعبة في الكوفة يطبق ثقافة اموية واضحة.

صعصعة بن صوحان  رضوان الله عليه هددوه بان لا يذكر عليا عليه السلام   بفضل وان لا يلامس عثمان بن عفان.  لكنهم ابعدوه الى خارج الكوفة

 

مات معاوية  وقد اوجد مجموعة من واضعي الحديث في مقابل اموال تغدق على واضعي الاحاديث . نعم الكذب اذا كان مرتبا يكون اكثر تأثيرا من الصدق غير المرتب.

فقد وضع  هؤلاء :ان  رسول الله قال: ان الله  ائتمن على وحيه ثلاثة: انا وجبريل ومعاوية

في البداية  كان المجتمع لا يقبلها  ولكن بتقدم السنين تصبح ضمن التراث لاسيما ان السلطة في قبضتهم

احد الاخوة يحدثني ويقول اننا جلسنا مع علماء السنة الكبار، فكانوا يقولون: ان داعش له الحق ان يقاتل في العراق.  لان السنة هناك مهمشون وليس لديهم مناصب وهم مقصيون. فقمت بترتيب تذكرة له واخذته الى المناطق العراقية ليرى الحقيقة كما هي. وبعد ذلك تبدلت الصورة.

المشكلة حين يكون هناك عقل جمعي، يصبح هناك رأي عام مزيف، واكثر الانقلابات غير المنطقية تبنى على راي عام مزيف.

الكوفة كان ولاؤها واضحا لعلي، ولكن الحروب آلمتها، ولذلك انحسرت المعارضة الشيعية ضمن المكون الاجتماعي الكوفي و كانت لديها مشروع وشعارات واهداف ولكنها كانت محاصرة، ومن جملة ما رفعته المعارضة الشيعية  هو التعامل السلبي مع السلطة الاموية، والتأكيد على فضائل  الامام علي، والاعتراض على سب امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام على المنابر ،  كما بقيت اتصالات سرية بين الشيعة في الكوفة وبين الامامين الحسن والحسين

معاوية كان يهتم بالكوفة اكثر من البصرة، لانه المرتكز الكبير للولاء العلوي.

معاوية يكتب للمغيرة، حاكم الكوفة، بان ياخذ معه الى الصلاة في المسجد  ستة اشخاص هم: حجر بن عدي، الشخصية العملاقة التي قتلت في الكوفة، سليمان بن صرد الخزاعي، عمرو بن الحمق، ابن الكواء، وشبث بن ربعي وزياد بن ابيه الذي تولى البصرة لاحقا.

كانت هناك حركات من الخوارج كحركة الاشجعي ولكن بدون تأثير.

كانت الكوفة تغلي، وهي قريبة من البصرة. البصرة لم تشهد تحركات قوية باسثناء بعض الحركات المعارضة، فقد سلط معاوية عليها بسر بن أرطأة، وما ان جمع هذا الاخير  الناس حتى شتم عليا،  وللأسف اول ما يفعله الطغاة شتم الرموز. ثم تولى عبد الله بن عامر حكم البصرة. معاوية وجد ضالته  أخيرا في شخص هو زياد بن ابيه، نسبه الى ابي سفيان، وهو خرق للشريعة. فهو معروف بانه ليس له اب، وقد عرف بالبطش، وحكم الكوفة والبصرة معا، واول ما خطب القى ما يسمى "الخطبة البتراء" بدون البسملة و الحمد لله.

اذن  كان هناك ارهاب واضح على البصرة وتضييق على الكوفة. ويقال ان الاصحاب الذين ارادوا المشاركة  في معسكر الامام الحسين في كربلاء بدأوا يتركون الكوفة ومنهم من اختفى كما امتلأت السجون بشباب الشيعة واشياخهم ، كما وضعت السدود والكمائن، ومنعوا من اللحاق بمعسكر الحسين.

 مات معاوية في سنة 60 بعد ان حكم عشرين عاما وحرّف التاريخ وفرض البطش، و قد منع التدوين من زمن الخلافة  بعد رسول الله صلى الله عليه واله .  حيث هدد ابو هريرة  من قبل عمر بن الخطاب، لماذا يدوّن بعض الاحاديث. مات معاوية سنة 60 وكان الوالي على الكوفة النعمان بن بشير. وكان لينا نسبيا. كان على البصرة عبيد الله بن زياد، وعلى مكة عمرو بن سعيد الاشدق.

هل تحرك الامام الحسين بفعل رسائل اهل الكوفة؟

لقد رفض  الامام الحسين بيعة يزيد منذ اربع سنوات قبل موت معاويةالذي كان يمهد لها. لم يخرج الامام الحسين  على معاوية ، حيث   كان ملتزما بعهد وهو وثيقة الصلح . فحين جاء معاوية الى النخيلة  قال انه يضع الصلح تحت قدميه.  بينما كان قد كتبت  رسائل للامام الحسين بالتحرك،  ولم يتحرك وقال: انا ملتزم بالعهد.

في وفاة معاوية حصل فراغ امني، ولذلك في ايام موت معاوية، كانت المعارضة الشيعية تتحرك بشكل قوي. ولكن القضية ان الامام الحسين كان ملتزما بعهد حسب الاتفاق مع معاوية.  ولكن لما رأى معاوية يمهد لبيعة يزيد اخذ  الامام الحسين يرفض، وما ان حكم يزيد حتى طلب من والي المدينة باخذ البيعة من الحسين عليه السلام . كان الامويون يخافون من موقف الحسين لاسباب عديدة: فالحسين سبط رسول الله، وان هناك حقا  له في ضوء الصلح، كما ان الحسين كان لديه الكثير من احابه واصحاب ابيه واخيه عليهم السلام .

حصل الموقف  المعروف بين الامام الحسين والوليد في المدينة ورفض بيعة يزيد ، بعدها قرر الامام الحسين الخروج.  بينما عبد الله بن الزبير فرّ  من المدينة متخفيا وذهب الى مكة. ابن الزبير لم يسلك الطريق الرئيس وكان متخفيا   متخفيا و جلس في مكة وكان الناس مقبلين على عبد الله بن الزبير، ولكن تركوه  بعد وصول الامام الحسين الى مكة واقبلوا عليه وتركوا ابن الزبير 

الرواية تقول ان الامام الحسين لم يتحرك الا بعد ان وصلته رسالة من مسلم بن عقيل:  ان اقدم علينا.

خلاصة الحديث ان الامام الحسين انتفض ونهض بناء على عدم ايمانه بلياقة يزيد في الخلافة، ودفاعا عن حقه في الخلافة.

هذا الوضع الاجتماعي والوضع الامني لم يكن كله لصالح الامام الحسين، هذا هو خط المبدئيين الثابتين المعصومين الصابرين فهم الذين يثبتون ويحققون الرضا الالهي .

بعد مقتل مسلم وهاني، اصبح الوضع خطيرا، فهل يستمر  الامام الحسين او يترك؟

لقد مضى ثابتا مؤمنا قويا في طريق اصلاح مافسد وفي مقارعة الظلم الاموي الفاحش

واما موقف اخيه محمد بن الحنفية

فما كان محمد بن الحنفية يسعى لتثبيط الامام. سارع الى الامام الحسين  وذكره بموقف الكوفة من ابيه واخيه وقد وعده الامام الحسن بالجواب وحين عزم على الحركة من مكة الى الكوفة جاءه ابن الحنفية اخو الاامام وقال له: انت

 وعدتني لتجيبني  فقال الامام  الحسين عليه السلام : شاء الله  لنا ذلك واما العوائل شاء الله ان يراهن سبايا.

هذه الملحمة العظيمة التي جسدها الامام الحسين نحتاجها اليوم لنستلهم  قيم المواجهة والصبر والثبات والتضحية من سيرته البطولية ومواقفه الشجاعة. اليوم  اصبنا بغشاوة، ولكن علينا ان نؤمن بان منهجنا حسيني في مواجهة الطغاة والدكتاتورية . فسلام عليه وعلى اهل بيته وعلى صحبه الذين ضرجوا بدمائهم في كربلاءء.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علي رمضان الاوسي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/01



كتابة تعليق لموضوع : المسير الى كربلاء، والمكوّن الاجتماعي للثورة الحسينية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net