صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

الدجال في الديانات الثلاث. الجزء الثاني. الدجال : اسمه ، وسائله ، اعماله ، اهدافه.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  بيّنا في الجزء الاول بعض آراء اليهود حول (الدجال) المسيّا العسكري ونظرتهم الضيقة لهذه العقيدة بحيث حصروا كل احداثها بهم وكأن البشرية وعقائدها لا وجود لهم على هذه الأرض. وذلك لأن الفهم اليهودي السائد عن المسيا العسكري مؤسس على كتابات الحاخام موسى بن ميمون، حيث ناقش ابن ميمون أفكاره وأراءه عن المسيا في كتابه (ميشنيه توراة)، وفي الجزء الرابع عشر من سلسلة كتبه الشريعة اليهودية في القسم المسمى (شرائع الملوك وحروبهم) الفصل الحادي عشر، كتب ابن ميمون يقول : 

((الملك الممسوح مقدر له إقامة واستعادة مملكة داود وإعادة أمجادها الغابرة، في سيادتها المستقلة وفي سلطتها القائمة بذاتها، وسوف يبني الهيكل أو المعبد في أورشليم (القدس) وسوف يعيد جمع شمل اليهود المشتتين في العالم معا، وسوف يعاد تطبيق كل الشرائع في أيامه كما كانت من قبل، طبقا لجميع سلوكياته وأخلاقياته المدونة في التوراة (1)، وكل من لايؤمن به أو لاينتظر مجيئه، سيتحدى ويقاوم ماقاله الأنبياء، فالتوراة تشهد له في سفر التثنية 30/3-5 : يرد الرب إلهك سبيك ويرحمك ويعود فيجمعك من جميع الشعوب الذين بددك إليهم الرب إلهك، إن يكن قد بددك إلى أقصاء السموات فمن هناك يجمعك الرب إلهك ومن هناك يأخذك ويأتي بك الرب إلهك إلى الأرض التي امتلكها أباؤك فتمتلكها ويحسن إليك ويكثرك أكثر من آباؤك.
وابن ميمون استقى كلامه هذا مما قاله بلعام حول المسيّا كما جاء في سفر العدد 24:17-18 ((أراه ولكن ليس الآن هذا هو دادو، أبصره ولكن ليس قريبا، وهذا هو المسيا الملك، يبرز كوكب من يعقوب، هذا هو داود، ويقوم قضيب من إسرائيل، هذا هو المسيا الملك، فيحطم طرفي موآب ويهلك بني الوغى، هذا هو داود في دولته)).
وعن حدود مملكة (الدجال) يقول صموئيل الثاني 8 : 2 ((سوف يقتلع جميع أبناء شيث، هذا هو المسيا الملك المعلن عنه هنا، ملكه سوف يسود من البحر إلى البحر)). 
ولكن زكريا كان اكثر وضوحا في بيان مصير بقية البشر الذين يقعون خارج دائرة الشعب اليهودي ودجالهم فيقول في 9 : 10 ((وصار الموآبيين عبيدا يقدمون هدايا)) . ونفس المشهد هذا يتكرر في صموئيل الثاني 8 :6. حيث يقول بأن بقية البشر سيكونوا عبيدا لأبناء داود يكدحون ليل نهار ليُقدموا الهدايا للشعب المدلل. وهذا ما يتضح في ابشع صوره في الديانة والإسخاتولوجيا اليهودية (2) حيث ترى أن كل من يقع خارج دائرتهم هم من السائمة والجوييم. 
من هو الدجال في حسب وجهة نظر المسيحية ؟ 
أما بالنسبة للمسيحية فإن عقيدتها بالمسيح الدجال واضحة حيث فصلت بين مجيء يسوع الثاني الذي لم تبين اهدافه، وبين الدجال الذي تصفه بأنه (الوحش) ، ولكن من خلال النصوص نستطيع ان نرى شخصية ثالثة جالسة على (فرس) سوف تكون هذه الشخصية هدف الاشرار الثلاث الذين يترأسهم الدجال . 
لنأت اولا على ما يقوله الانجيل في وصف الدجال : ((وسجدوا للوحش قائلين: من هو مثل الوحش؟ من يستطيع أن يحاربه؟ وأعطي فما يتكلم بعظائم وتجاديف، وأعطي سلطانا أن يفعل اثنين وأربعين شهرا.ففتح فمه بالتجديف على الله، ليجدف على اسمه، وعلى مسكنه، وعلى الساكنين في السماء.وأعطي أن يصنع حربا مع القديسين ويغلبهم، وأعطي سلطانا على كل قبيلة ولسان وأمة.فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض،وأن لا يقدر أحد أن يشتري أو يبيع، إلا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه.هنا الحكمة! من له فهم فليحسب عدد الوحش وعدده: ستمئة وستة وستون من له أذن فليسمع!)).
إذن فإن الدجال سوف يمتلك امكانيات هائلة امكانيات دول كاملة بحيث ان كل البشرية سوف تسجد له لما تراه من جبروته وقوته وامكانياته الهائلة ، واول اهدافه هو نشر الكفر والالحاد (واعطي فما يتكلم بعظائم وتجاديف وأعطي سلطانا أن يفعل اثنين وأربعين شهرا.ففتح فمه بالتجديف على الله، ليجدف على اسمه، وعلى مسكنه، وعلى الساكنين في السماء) والفم هنا هو وسائل الاعلام الهائلة التي سوف يسخرها في نشر الكفر والالحاد.
ثم يُبين لنا يوحنا هدف آخر لهذا الدجال فيقول في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 19: 19 ((ورأيت الوحش وملوك الأرض وأجنادهم مجتمعين ليصنعوا حربا مع الجالس على الفرس ومع جنده)).
ولكن الجالس على الفرس ينتصر عليهم انتصارا ساحقا كما يُخبرنا بذلك سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 19: 20 ((فقبض على الوحش والنبي الكذاب معه، الصانع قدامه الآيات. وطرح الاثنان حيين إلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت)).
ثم يعمد (صاحب الفرس) إلى كبيرهم إبليس فيقبض عليه ويجمعه معهم في النار حيث نرى ذلك في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 20: 10 ((وإبليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت، حيث الوحش والنبي الكذاب. وسيعذبون نهارا وليلا إلى أبد الآبدين)).
ولكن بقى هناك سر يجب علينا معرفته وهو الرقم (666) ماهو رأي المسيحية لنذهب إلى شرح الرقم 666 من قبل القس انطونيوس فكري الذي يقول : (عدد الوحش فإنه عدد إنسان وعدده ست مئة وستة وستون. الله يعطينا هنا دليل لاكتشاف شخص الوحش وذلك بأن نكتب اسمه ونحسب ارقامه. وهذا الرقم (666) هو كمال النقص والشر مجسما. وبهذا سيكون الوحش إنسانا عاديا وليس قوة معنوية ، أي دولة أو قوة اقتصادية، بل هو إنسان وله إسم.وسيكون عكس صفات المسيح تماما في كل شيء فهو ناكر ، وداحض ، دمويا، نجسا ، ملحدا ، شاذا جنسيا كما سوف نرى ذلك في الجزء الثالث من البحث. 
هنا اتفقت الاديان الثلاث على ان (الدجال) شخص وليس حضارة ، ولكن مع ذلك فإن هذا لا يمنع ان يكون لهذا الشخص دول تقف وراءه تمده بكل عناصر الشر اللازمة لقيام دولته، وقد حدد اليهود شخصية الوحش (الدجال) فقالوا بان اليونان هي التي يخرج منها ملك مضطهد خبيث ماكر دموي. وسيخرج منهم هذا المضطهد وهو (أنطيوخس إبيفانيوس) واليهود سيقبلونه على أنه الماشيح او المسيح الذين نتظرونه ولغرض التعجيل بمجيئه يجب الاستيطان في فلسطين وبناء قبره واحياء قصرة ومجده وهيكله مرة أخرى وهذا ما تم فعلا حيث اثبتت الحفريات تحت المسجد الاقصى بأن تحت الاساسات يوجد قصر انطوخيوس وقد تم العثور على قطع نقدية تحمل صورته. 
ولكن المفارقة ان اليهود يحملون في قلوبهم أشد ألوان الكراهية لأنطيوخس هذا والملقب ابيفانيوس لأنه دنس هيكلهم ومارس ضدَهم أشد ألوان الاضطهاد الديني، وقد أسموه من باب السخرية المرة أبيمانوس (ومعناها الرجل المجنون).(3) 
ولكن انطونيوس فكري يخالفهم الرأي فيقول انه مسيحهم المنتظر الذي يُعيد لهم مجدهم وسوف يقبلونه. (4)
من كل ما تقدم يتبين لنا ان شخصية الدجال وحسب الاوصاف التي ذكرتها الكتب المقدس هي شخصية غربية تمتلك امكانات اعلامية وحربية هائلة تقوم بنشر الكفر والالحاد اولا ثم تبدأ بغزو العالم والهيمنة عليه لصالح اليهود ، والمسلمون والعرب لا يمتلكون مثل هذه الامكانيات الاعلامية والعسكرية وكل اعتمادهم في ذلك على الغرب المسيحي.
ثم بعد ان يتم لليهود ما يُريدونه من السيطرة على العالم واخضاعه عبر ادواتهم وعملائهم، يوجهون اسلحتهم إلى العالم المسيحي فيُدمرونه لكي يبقى الشعب اليهودي هو المسيطر والمهيمن القاهر للشعوب والمستعبد لها ونستطيع قراءة ذلك من خلال النص المقدس الذي ورد في التلمود وهومن اهم شعارات اليهود والذي يقول : (يجب شنق آخر ملك بأمعاء أخر قسيس). (5) في اشارة للعالمين المسيحي والاسلامي أي القضاء على هاتين الديانتين لانهما مصدر قلق دائم لليهود. واما الامم الاخرى الصينية والهندية مثلا فهي امم وثنية ملحدة مشغولة بعبادة الاصنام وسوف تكون تحت السيطرة اليهودية ، كما نرى في الهند اليوم حيث تدير اسرائيل مفاعلاتها واسلحتها النووية.
انتهى الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث وهو بعنوان (هدف الدجال هو قتل المسيح وإحياء مملكة ابليس).
المصادر . 
1- يقصد ابن ميمون من قوله : (طبقا لجميع سلوكياته وأخلاقياته المدونة في التوراة( هو الاسلوب الهمجي الوحشي الذي سوف يتبعهُ المسيا الدجال (المخرب) في تعامله مع الشعوب والذي نراه واضحا في عشرات النصوص ومنهاعلى سبيل المثال هذا النص في سفر حزقيال 9: 6 وسفر هوشع 13: 16 : (لا تشفق أعينكم ولا تعفوا. الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء، اقتلوا للهلاك. واملأوا الدور قتلى بالسيف يسقطون. تحطم أطفالهم، والحوامل تشق). هذه هي اخلاقيات التوراة وسلوكياتها من لم يؤمن بها من اليهود سوف يهلك مع الهالكين فكل يهودي يحمل سكينا يطلقون عليها (منجل) معقوفة لشق بطون الحوامل. 
2- انظر قاموس المصطلحات الكنيسة معنى كلمة إسخاتولوجي فيقول : (الإسخاتولوجي Eschatology أو الإسخاتولوجيا هو اصطلاح ظهر في القرن التاسع عشر، وهو مكون من كلمتين يونانيتين: الأولى هي (إسخاتوس) والثانية (لوغوس) فهو العلم أو التعليم المختص بالأخرويات، والذي يبحث في مصير البشر على وجه العموم. ومعظم تعليم العهد القديم عن الإسخاتولوجى (الأخرويات) يتمركز حول الرجاء المنتظر في المسيا الآتي).
3- شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - الأنبا مكاريوس الأسقف العام مدخل إلى سفريّ المكابيين - اليهود تحت حكم أنطيوخس أبيفانيوس الرابع. 
4- شرح الكتاب المقدس القس انطونيوس فكري ،تفسير سفر دانيال 11. 
5- وهو من شعارات الثورة الفرنسية والذي رفعه (فرانسوا ماري أرويه) الملقب بـ فولتير، سخر في كثير من كتبه بالمسيحية وهاجمها بشدة ساخرا منها ومن رجال دينها ، ولكنه لسبب ما تحاشا ذكر اليهودية بأي سوء ، ولكن المؤكد ان فولتير كان ماسونيا وقد اعلن ذلك قبل وفاته بشهر في سنة 1778. المصدر: فولتير والمجتمع المفتوح، جمعية الكتاب المقدس طبعة 1/يوليو/2008. 
وقد كتب فولف جانج أماديوس موزارت عندما سمع بوفاة فولتير قائلا : (أخيرًا رحل عن العالم أكبر الأوغاد).المصدر : كيف . ب . موزارت رفيق كامبريدج طبعة جامعة كامبريدج 1927 و 2003

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/24



كتابة تعليق لموضوع : الدجال في الديانات الثلاث. الجزء الثاني. الدجال : اسمه ، وسائله ، اعماله ، اهدافه.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net