صفحة الكاتب : بوقفة رؤوف

فلسفة الصحة الجوارية
بوقفة رؤوف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

                تقوم فلسفة الصحة الجوارية على أساس تقريب الصحة للمواطن , حيث يستفيد كل مواطن من الخدمات الصحية في أقرب نقطة صحية تجاور مقر سكناه .

وهنا نقطة جوهرية يجب التركيز عليها وهي أن الصحة الجوارية , صحة قاعدية , وليست تخصصية , تتمثل في العلاجات العامة والفحوصات المتخصصة 

وبالتالي ففي كل تجمع سكاني يكون هناك مستوصف متكون من طبيبين عامين وممرض , لأجل متابعة الحالة الصحية للتجمع السكاني الذي عادة يتراوح بين 500 وألف نسمة .

يجب أن نميز أولا بين القطاع الطبي الحكومي والقطاع الطبي الخاص , وأن العلاقة القائمة بينهما هي علاقة تكاملية لأجل تقديم خدمة متكاملة للمريض الواقع في دائرة اختصاصهما الاقليمي

الاشكالية المطروحة هنا هو تحول القطاع الطبي العام الى رافد للقطاع الطبي الخاص , حيث يستفيد القطاع الطبي الخاص من الأدوية والمحاليل وأحيانا العتاد وكذلك الكادر الطبي من القطاع العام بطرقة تحايلية على القانون أو في اطار خارج عن القانون أساسا

 دون الحديث عن تهريب قطاع غيار التجهيزات الطبية او احداث الأعطاب فيها مع تقديم خدمات سيئة عن عمد لأجل تهريب زبائن القطاع العام الى القطاع الخاص مع الاستفادة من نسبة من الأرباح أو وجود علاقات شخصية أو شراكة من الباطن.

وبالتالي يبقى القطاع الصحي العام يعمل بالحد الأدنى رغم استفادته من ميزانيات ضخمة و توفره على الكادر المكون والمتخصص المزود بكافة التجهيزات والوسائل المادية 

وبالتالي الصحة الجوارية بالنسبة للقطاع العام هي مغطية  نظريا جميع التجمعات السكنية عن طريق العيادات المتعددة الخدمات المتوفرة في العادة على مكاتب طب عام وجراحة أسنان ومخبر تحاليل وقاعة أشعة , لكن جميع الطاقم البشري يسير بطاقته الدنيا 

وسبب ذلك في اعتقادي هو غياب التحفيز الفردي , صحيح ان الكوادر الطبية والشبه طبية استفادت من زيادات مقبولة ومن منح متعددة ومختلفة , لكن لنوضح الامر نقدم مثالا طبيبين متجاورين في المكاتب , الطبيب الأول قام بفحص سبعين مريض في ساعات عمله في مناوبته النهارية , بينما الطبيب المجاور مكتبه قام بفحص عشرة مرضى فقط , مع العلم أن الطبيبين يستفيدان من نفس الراتب والمنح 

مع مرور الوقت سوف تنخفض الطاقة الخدماتية للطبيب الأول والتي يدفع ثمنها المريض 

بينما الطبيب الخاص فهو يسعى بكل جهد لجذب أكبر نسبة من المرضى لفحصهم باعتبار أن مدخوله المادي متعلق بنسبة مرضاه فان ارتفع عددهم ارتفع دخله وان نقص عددهم نقص دخله , لذلك تراه يسعى جاهدا بكل الوسائل لجذب المزيد والمحافظة على وعائه والحرص على عدم فقدان أي مريض وذلك بالاستقبال الحسن وتوفير جو مريح وملائم وتحسين ادراكاته المعرفية وجعلها مواكبة للجديد في عالم الطب .

وبالتالي ففكرة الراتب الثابت هي سبب اخلال المنظومة الصحية , فلو عدّلنا الفكرة من راتب ثابت الى راتب نصفه ثابت ونصفه الاخر متغير حسب عدد الفحوصات , فان عامل القطاع الصحي العمومي  لن يقوم أبدا بطرد أو تهجير الزبائن للقطاع الخاص , بل سيسعى جاهدا لأجل جذب والمحافظة على زبائنه باعتبارهم حقا وليس مجازا سبب رواتبهم وزيادتها .

 أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي للتغطية الصحية الجوارية على المناطق السكنية , فلنفترض أن بلدية متكونة من عشرة تجمعات سكنية , عدد سكان البلدية لنقل نصف مليون نسمة (باعتبار ان هذه البلدية هي عاصمة الولاية ) وعدد الأطباء الخواص و العامون ستمئة طبيب لستة الاف نسمة , اذا اردنا حساب التغطية الصحية فسنقول أنه يوجد طبيب لكل عشرة مرضى وهذا أمر يدعو للارتياح والاطمئنان , لكن لو ندقق في التوزيع السكاني في نفس البلدية لنجد اختلاف الكثافة السكانية من حي لآخر بالنسبة لنفس البلدية فهناك أحياء شعبية يكون فيها طبيب لكل ألف نسمة وأحياء راقية يكون فيها مئة طبيب لكل ألف نسمة وهناك أحياء عشوائية ( البيوت القصديرية ) لا يكون فيها أي طبيب , 

هذا دون الحديث عن البلديات البعيدة عن عاصمة الولاية , والمتواجدة في المناطق الجبلية أو المناطق الأقل تنمية حيث تنقص التغطية الصحية ويرفض معظم الأطباء العمل الجواري فيها لاعتبارات مبررة مثلا نقص الأمن , انعدام المواصلات والنقل العام أو قلته , عدم تهيئة الطرقات أو وجود سوى المسالك الترابية , قلة أو انعدام بعض المرافق الضرورية التي تتواجد الا بالمدن الكبرى

وتعتبر الحلول المعروضة من تنازل عن السكنات الوظيفية وتوفير النقل غير كافية , بسبب أن المرتب نفسه في عاصمة الولاية أو في منطقة نائية أو جبلية لذلك الحل العادل هو جعل جزء من الراتب مشترك ثابت وجزء أخر متغير حسب النشاط والمنطقة .

وبالتالي يبقى العمل الصحي الجواري غير مفّعل , يعمل بالإمكانيات الدنيا , ما لم تكن هناك ضرورة تحفيزية , تلغي المساواة في الراتب وتجعل جزء منه على قدر الجهد والنشاط ,لا على قدر العمل الساعي فقد يعمل واحد ثمانية ساعات ولا يقوم خلالها إلا بفحص عشرة مرضى ويعمل اخر ثلاث ساعات يفحص فيها ثلاثون مريض .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بوقفة رؤوف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/23



كتابة تعليق لموضوع : فلسفة الصحة الجوارية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net