هل حقاً نُحسن قراءة التاريخ ؟
عدي عدنان البلداوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كأن الناس في العراق الى وقت قريب ، اشبه بمن سمعوا عن كتاب قيّم يتحدث عن حقوق الشعوب وحرياتهم دون ان يتمكنوا من الحصول على نسخة منه ، ثم جاء من اقصى الأرض عراقييون مغتربون يحملون غلاف الكتاب فقط ، ليحدّثوا الناس عن محتواه ، تاركين المجال لخيالات الناس ، لينسجوا تصوراتهم عن الديمقراطية والحرية وحق المواطن على الدولة وقيمة المواطن كإنسان في بلاده ، بينما اخذت تتشكل الأحزاب والتيارات وهي ترفع عنوان ذلك الكتاب شعارا يكسبوا به اصوات الناخبين ، ولما وصلوا الى الحكم ،اكتشف الناس بعد نزيف الصبر والدم انهم كانوا يبحثون عن ( خيط دخان ) ، فلا ديمقراطية ولا حرية اكثر من السماح للمواطن بأن يحرك شفتيه ان سباً أو شكوى ، ويخرج الى الشارع متظاهرا متذمرا مطالبا بالتغيير ، بينما واقعنا في مؤسسات الدولة لا يعطينا ادنى مجال لتصوره واقعا قد ينمو ذات يوم ليصبح العراق دولة مؤسسات لا دولة حكومات واشخاص , مثلما ضيّع المسلمون الاوائل فرصة حصولهم على الكتاب الذي اراده لهم نبي الأمة كي لا يضلوا بعده ابدا .. واختاروا طريقاً ، تصوّر الداعون اليه أنه لا يختلف أو هو لا يبتعد عن ذلك الطريق الذي وضعهم على بدايته نبي الأمة وسار بهم شوطاً ، وسارت بنا السقيفة حتى وجدنا انفسنا نحمل القرآن للتبرك به لا للتدبّر فيه ، وشيئاً فشيئاً حتى ظهرت داعش لتعلن دولة اسلامية تأمر بالذبح ونكاح الجهاد وتنهى عن الحياة الا لمن اذن له الأمير .. ولمّا افتت المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف بالجهاد الكفائي ، خرج الملايين من ابناء الشعب ، وهم يحملون صبر علي عليه السلام وروح الخاتمية ، ليتطوعوا باذلين ارواحهم تلبية لنداء المرجعية الرشيدة ولتراب الوطن وصون الأعراض والمقدسات ، ولما كان النصر حليفهم ، أخذ بعض مسلمي العصر الحديث من قادة وسياسيين ورجال دين، يطعنون بجهود الحشد الشعبي والجيش ، وكأن الف عام على غضب النبي قد مرّت مرّ السحاب ، ولم يثر انتباههم خروج سبعة عشر مسلماً فقط لتوديع النبي الى مثواه الأخير بينما اكثر من مائة الف مسلم كانوا غائبين أو نائمين .. عدد قليل جداً فقط حملوا نعش النبوة والخاتمية ، وكأن القدر كان قد اعدّهم لذلك اليوم ، لتنتقل بركات النور المحمدي عبر جسده الطاهر المحمول على الأكتاف الى ارواح ونفوس وعقول اولئك الرجال الأوائل ليكونوا ورثة حقيقيين لمعنى النبوّة والخاتمية والقيادة ، ويأتي صبر الإمام علي ، ذلك الصبر الذي اقترن (بطول المدة وشدة المحنة) ليهذب تلك النفوس.. ليكون السنة اخوة للشيعة في بيان المرجع الاعلى السيد السيستاني عندما فجّر الارهابيون مرقد العسكريين عليهما السلام ..
وفي الوقت الذي يتحدث فيه بعض السياسيين والمعممين السنّة عن شيعة العراق ، بأنهم فرس وصفويون ، كانت عشائر سنية عربية تقتاد اكثر من الف عراقي أسير أعزل الى الذبح في سبايكر ..
وفي الوقت الذي استشهدت فيه أمية جباره وهي امرأة سنية اختارت ان تقاتل داعش ، كانت امرأة سنية اخرى تطلب من الداوعش ان تذبح بيدها اثنين من الأسرى العراقيين العزل تقرباً الى الله !!! .. وفي الوقت الذي تدعو فيه امريكا دول العالم الى محاربة الإرهاب ، كانت بعض طائرات التحالف تلقي بالمساعدات الى الدواعش في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم .. وفي الوقت الذي يدعو فيه كثير من شركاء العملية السياسية الى وحدة الصف ، كان ابن وهب يمارس اجندات زبيرية في معسكر المختار ظناً منه انه سيتمكن هذه المرّة من احداث شرخ في صفوف الحشد الشعبي والجيش والشرطة الاتحادية.. لقد أدت فتوى المرجعية دوراً ريادياً مهماً ، وعلينا أن لا نفرّط بهذه الفرصة فالناس بحاجة الى من يضع لهم النقاط على الحروف كي يفهموا لماذا تمزق المجتمع الإسلامي كل هذه السنوات الطوال واخذ ابناؤه ينزحون الى دول الغرب طلباً للهجرة واللجوء ..
ليس عيباً ان نكتشف اننا لم نكن نحسن قراءة تاريخنا قراءة صحيحة ولو بعد اكثر من الف عام على دخولنا مدرسة الاسلام المحمدي ، لكن العيب ان نبقى كذلك وقد واتتنا الفرصة .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عدي عدنان البلداوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat