صفحة الكاتب : عبد الجبار نوري

الدولة الريعية ----- مستقبل مظلم
عبد الجبار نوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مفهوم الدولة الريعية :هي الدولة التي تحصل على جزء كبير من دخلها من موارد طبيعية او زراعية أو أستخراجية على شكل ريع – والريع يعني النماء والأزدهار – تتحكم الدولة في السيطرة عليه وتوزيعه ، ويقسم الريع إلى قسمين :  **الريع الطبيعي وهو الريع الناتج عن المصادر الطبيعية غير المرتبطة بصنع الأنسان كالذهب والماس والغابات والمحاصيل الأستوائية والنفط الخام والغاز الطبيعي وأستخراج اللؤلؤ،** الريع الأستراتيجي : ما تجنيه الدولة التي تتمتع بموقع أستراتيجي جيوسياسي وتجاري مثل قناة السويس  وقناة بنما ، وأول من أستعمل هذا المصطلح " آدم سميث " في كتابهِ ( ثروة الأمم ) كشكلٍ من أشكال المردود المالي ، وأول من أستعملهُ كنمط أقتصادي" كارل ماركس" في كتابهِ ( رأس المال ) ، وكذلك الأقتصادي " ديفيد ريكاردو " في كتابهِ ( الريع التفاضلي) وفلسفها : بأنّ الريع هو الفائض الذي يستولي عليه الرأسمالي حين يكون مقدار العمل أشتراهُ أكبر من مقدار العمل المتجسد بالأجور المدفوعة للعامل وسمى نظريتهُ بالريع التفاضلي ،ثُمّ ظهرت دراسة للكاتب الأيراني ( حسين مهدوي ) 1970 عرّف أيران بالدولة الريعية التي تعتمد على النفط الخام منذ قرن من الزمن .
العيوب والمخاطرالمستقبلية للدولة الريعية
1-إنّ الدولة الريعية تبقى رهينة الريع الطبيعي تغيبُ فيها الأنشطة الأقتصادية المساهمة في مداخيل الميزانية . 2- ومن أبرز صفات الدولة الريعية عدم حدوث أي توسع في القاعدة الأنتاجية للأقتصاد عن طريق التصنيع والتنويع في مصادر الدخل ، وذلك لأنّ الدولة مسؤولة عن ضخ المبالغ الكبيرة من راس المال وتدويرها في الأقتصاد الوطني وأعطى الأنطباع بالرفاه والأزدهار الأقتصادي .3- إنّ الدولة التي تملك فوائض كبيرة من رأس المال تؤدي في الأقتصادات الريعية إلى المزيد في التدخل البيروقراطي في الأقتصاد مما يجعل أساليب الأنفاق العام تحت هذهِ الظروف تؤدي عادةً إلى نتائج عكسية تعوّقْ عملية تقدم وتطوّر النظام الأقتصادي والأحتماعي 4-الرفاه والأزدهارالأقتصادي يكون كمخدر للناس بأنْ تقتنع بالأكتفاء من المنافع الآتية من الأنفاق الحكومي ، مما يؤدي إلى تشجيع الأستيراد وطرد العملة الصعبة التي حصلوا عليها من ريع النفط . 5- إنّ النفط لم يساهم في خلق بنية صناعية في العراق . 6- السيولة الضخمة أدت إلى أرتفاع الأسعار في كل المجالات: الغذائية مثلاً أذ كان سعر كيلو اللحم في الخمسينات ربع دينارثُمّ إلى دينار واليوم إلى 15 ألف دينار، وفي العقارات وصل اليوم سعر المتر الواحد من الأرض إلى خمسة ملايين دينار.6- بما أنّ أقتصاد العراق هو ريعٌ نفطيٌ ، وهذا الأرتباط يعرّض أقتصادها إلى الهزات التي تصيب الأقتصاد العالمي ، وخير مثال : هبوط سعر البرميل من النفط من 110 إلى 50 دولار أدى إلى ظهور عجز في الموازنة 25 مليار دولار . 7- التصدير العشوائي لكميات النفط بحيث وصل في شهر يناير من العام الجديد إلى أربعة آلاف برميل يومياً وهو رقمٌ غير مسبوق في الأنتاج العراقي والحكومة فرحة-بغياب أستثمار العائدات في التنمية – حيث أنّها لا تعي ظهور الفوارق الطبقية الكبيرة ، طبقة برجوازية موسرة تسكن فلل فارهة وطبقة فقراء في بيوت الصفيح . 8- الريع لا يدمر الأقتصاد الداخلي " فقط " بل يمتد إلى مجالات أجتماعية وأقتصادية  وسياسية ومجالات أخرى متعددة  تتعلق بتدهور أخلاقيات العمل وأنتشار الأتكالية ، وتضخم الجهاز الأداري البيروقراطي ، وهي على الأغلب تُنشِأ حكومات دكتاتورية وراثية كما هو في دول مجلس التعاون الخليجي للسيطرة الأسرية على هذهِ الثروة .
العراق دولة ريعية
يعتبر العراق من الدول الريعية لأعتمادهِ الكلي على النفط الخام منذُ تأسيسهِ في عشرينات القرن الماضي بنسبة 95 %  ،  وقد تبدو كلمة الريعية النماء والأزدهار ، و مسكناً مؤقتاً في تلبية الحكومة لمتطلبات الناس بسهولة ، والقيام ببعض المشاريع الأستراتيجية الضخمة في العهد الملكي كبناء السدود العملاقة ونواظم الري ، ولكن يبقى العراق في قائمة الأقتصاد الأحادي الذي يفرض على الموازنة 70 % أتجاه أنفاقي و30 % أتجاه أستثماري تشغيلي  وهو مؤشر خطير في تباطؤ النمو الأقتصادي وعجز في الموازنة ، وصل إلى 25 مليار دولار ، وعجز الدولة بالقيام بالمشاريع الأستراتيجية  ، وقد أبدو متشائماً حين أقول أفلاس مستقبلي وهي الحقتْ  بظهور أنسان عراقي غير منتج كسول يعتمد على هبات الحكومة وعطاياها  والرواتب والبطاقة التموينية ، وظهور كتل سياسيةغير منضبطة وعشوائية لا تعي حرفاً من علم الأقتصاد حين تروّج توزيع عائدات النفط على المواطنين لكسب الشارع لصالحهِ في الأنتخابات ، ويتجاهل الحقيقة الأقتصادية بأنّ " الثروة للتنمية والأزدهاروتطوير البنى التحتية " في عملية الأنتاج الوطني ، ولننظر إلى " النروج " هي كذلك دولة ريعية لكنها دولة أنتاجية ودولة الرعاية الأجتماعية الناجحة ، وما العمل عندما ينفذ المخزون النفطي بعد نصف قرن أو أكثر ؟ وخاصة نحن لم نستثمر الغاز الذي يعادل قيمة النفط ، ومياه دجلة والفرات تنذرنا بالشحة لكون مفاتيحها بيد دول تضمر للعراق العداوة دوماً .
هل يتمكن العراق الخروج من من دائرة الأقتصاد الريعي ؟ نعم ب 1- تفعيل دور القطاعات الزراعية وبث الروح في الصناعات المتوقفة وتنمية السياحة الدينية . 2- معالجة الوضع الأمني . 3- توحيد المواقف السياسية عند النخب السياسية . 4- محاربة الفساد . 5- توسيع فقرة الأستثمار، وفتح المجال واسعًاً أمام القطاع الخاص بالمشاركة الفعلية في عملية النهوض التنموي مع أزالة البيروقراطية والروتين أمامهُ . 6- دراسة الخطة التنموية السريعة في بعض الدول ذات الأقتصاد الريعي مثل النروج . 7- الأتجاه إلى تنفيذ برامج دعم واسعة للقطاعات الأنتاجية غير النفطية للخروج من أسر الأقتصاد الأحادي . 8- تنمية الصادرات الغير نفطية  وتطوير مشروعات وبرامج لأعادة هيكلة الصادرات . 9 – أصلاح القطاع الضريبي .
وأخيراً قد يتساءل البعض هل إنّ النفط في العراق نعمة أم نقمة ؟
بظهور أول علامات وجود مكامن النفط في عشرينات القرن الماضي أتجهت اليهِ أنظار الدول الأستعمارية وأحتدم الصراع بين بريطانيا وفرنسا والدولة العثمانية وأصبح العراق تحت الأنتداب البريطاني الذي يعتبر ألأول من زرع الطائفية في بلدنا المتعب أساساً من ألأستعمار العثماني الشوفيني ، ثُمّ الأحتلال الأمريكي البغيض  في 2003 الذي لم يكتفي بتمزيق النسيج الأجتماعي بل أدخل منظمة داعش الأرهابية المتخلفة ليفرض علينا التقسيم والقواعد العسكرية للسيطرة على منابع الطاقة .
وأنّ هذهِ الثروة الريعية النفعية هي التي دفعت بالعساكر المغامرين بالقيام بأنقلاباتهم الدموية الديماغوجية الشوفينية للأستيلاء على السلطة والثروة والجاه فحكموا العباد بالحديد والنار ، وبعد 2003 أستلم البلاد قادة محاصصون أعتبروا كل العراق غنائم  يجب تقاسمها فغيبوا ثقافة المواطنة وفقدنا العراق أرضاً وشعباً (أرض محتله وشعب مهجر) .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الجبار نوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/27



كتابة تعليق لموضوع : الدولة الريعية ----- مستقبل مظلم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net