صفحة الكاتب : امل الياسري

الفجر والإنترنت وزومير!
امل الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من المؤسف أن الإنسان يقوم في الصباح من أجل رزقه, ولكنه لا يقوم في الفجر من أجل الرزاق, عبارة استوقفتني كثيراً ,عند سماعي لأحد المحاضرات الدينية, التي أعشقها عشقاً لا يوصف, فالناس ينهضون مبكرين ,للقيام بأعمالهم ومعظمهم لم يؤدي حق صلاة الصبح, ولا يدركون أن هذا الوقت, هو وقت تقسيم الأرزاق للعباد, ويتكاسلون عن أداء عمود الدين, ظناً منهم بأن الرزق ينتظرهم على أبواب الأرصفة .
لو رأيت الكل يمشي عكسك, لا تترد أمشِ حتى لو أصبحت وحيداً, فالوحدة خير من أن تعيش عكس نفسك لإرضاء غيرك ,وما دام فعلك متماش مع الدين والحق, فلا تخف, لذا لا تعتبر إقامةالصلاة فجراً تخلفاً ,لأن البعض يبقى مستيقظاً, أمام شاشة الأنترنت حتى طلوع الشمس, وينام الظهيرة بأكملها ,ثم يعاود نشاطه الإلكتروني بدقة وجدية في المواعيد, دون أن يلتفت لحظة واحدة, لأوقات الصلاة الخمس, فتأخذه عوالم التويتات والتعليقات والمشاهدات, التي ما أنزل الخالق بها من سلطان, وهذا هو التخلف بعينه.
 ورغم أن لكل قاعدة شواذ, ففي مجال الإلتزام بالقيم والمبادئ, والأصول والأخلاق, أصبح المتمسك بها شاذاً عندهم, والحداثة لديهم, هي الخروج عن جادة الصواب, أياً كان سلوكه في العادات والتقاليد والأعراف, خاصة وأن الزمن جعل الفقراء من زجاج, والأغنياء من حديد, فبات التغاضي عن الحماقات والأخطاء شيئاً عادياً, وكأني بالعاصين الغافلين, كالأعرابي الذي يعتاش على تجنيد الغلمان, لنوادي ومراقص الجاهلية الماضية والجديدة, فيقول للمسلم الذي جرى بينهما هذا الحوار, حيث قال المسلم للأعرابي: إن الرب سيحاسبك, قال:سررتني بذلك, فإن المحسن عندما يحاسب, يتفضل على عباده بالثواب الجزيل.
منذ زمن بعيد, ونحن في صراع مع الغرب, لكن السؤال الذي يطرح نفسه, لماذا يتخلف المسلمون ويتقدم غيرهم؟, والجواب إن العرب كالعطشان, الذي يشكو النسيان ولا يجيد العوم, حتى على الأقل في بركة متعادلة من الخير والشر, ولا تستيقظ عنده أية قوانين عادلة, فكلها جافة لأنه بئر للباطل والظلم لنفسه, وهذا ما فعله التارك لصلاته.
إنحدار خطير يفوق سرعة الضوء, أطاح بالإنسان وقيمه مرة واحدة, فما الذي نحن بصدده؟, وأجيالنا الحاضرة تعيش أسوء عهود الوثنية الجديدة, ألا وهي عبادة الأجهزة الإلكترونية, بدلاً من عبادة الواحد الأحد, فالحرية المزيفة قد أوقعت المجتمعات في هاوية سحيقة, وتذكرت حينها قول المبشر اليهودي زومير: (لقد عملنا طوال ربع قرن, على إعداد مناهج للعرب, وأعددنا جيلاً لا يعرف الصلة بالله, ولا يريد أن يعرفها, وأخرجنا المسلم من إسلامه).
هناك قطيعة مؤلمة بين الشباب, وصلاة الصبح فجراً, وسط غياب معرفي وديني وأسري, بقيمة اللقاء بين الخالق والمخلوق, فبات الجيل يتخبط في خواء مظلم, أشاع قيم التخلف والفساد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امل الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/16



كتابة تعليق لموضوع : الفجر والإنترنت وزومير!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net