المضادات البشرية؟!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كما هو معروف فأن إكتشاف البنسلين من قبل العالم (فلمنك) قد أحدث ثورة علاجية , تنامت وتطورت في محاربة الجراثيم , التي تهاجم البدن وتصيبه بالإلتهابات التي تقضي عليه.
وقد وصفت هذه العلاجات بالمضادات الحيوية , وهي سموم تنتجها أنواع من البكتريا للقضاء على أنواع أخرى , أي أنها إفرازات أو منتجات جرثومية يتم توظيفها لقتل الجراثيم الضارة بالجسم.
وهي نوع من آليات الصراع من أجل البقاء , والحفاظ على التوازن ما بين المخلوقات المجهرية.
واليوم يتم التلاعب بالموروثات الجينية لإنتاج ما يكروبات مؤهلة لإبادة الميكروبات الضارة , أي أن الجسم البشري سيتسلح بالجراثيم القادرة على حراسته من هجمات الجراثيم الضارة والفتاكة بوجوده.
فالجراثيم تقتل الجراثيم.
وفي عالم البشر يمكن وبسهولة متوارثة تحويل البشر إلى عدو البشر , وقوة لقتله وإبادته , ولا يحتاج إنتاج البشر الفتاك بالبشر إلا لبضعة محاولات مكررة تعيد تنظيم وبرمجة دماغه , كما يتم برمجة أي جهاز كومبيوتر وفي وقت قياسي , حيث تجده قد تحول إلى طاقة عدوانية ذات قدرات إنتحارية وتدميرية فائقة.
فما عادت الحاجة قائمة لجيوش نظامية ومواجهات تقليدية للقضاء على أي عدو مهما كان صنفه , ذلك أن من الممكن تحويل مفردات وعناصر الهدف إلى قوة مدمرة له , فتنجز نصرا بخسائر قليلة جدا.
لأن الهدف سيقاتل نفسه , ويحقق تمزقا إتلافيا , وتسري فيه طاقات إنقراضية , وتنمو إستعدادات للتبعية وتنفيذ إرادة الذي يستهدفه , لأن عناصر الهدف قد تحولت إلى شظايا متطايرة تبحث عن موضع تتحصن فيه من ذاتها وموضوعها , فتكون أسهل صيد وأرخص أداة للوصول إلى أروع الإنجازات والإنتصارات.
وما يحصل من تفاعلات , كأنها ترجمة رائعة لهذه الفكرة , وتنفيذ مخلص خلاق لآلياتها ومفرداتها , التي تتوالد وتهيمن على نبض الوجود , وتطعمه مرارة الهزائم والخيبات والتداعيات المفعمة بالتناحرات الخلاقة , التي تختزن طاقات إنشطارية فتاكة.
ذلك بإختصار وتركيز ما يدور في أروقة بعض المجتمعات , التي تجرثمت فيها النفوس والأفكار والعقائد والأرواح , وتبعثر السلوك وتفاقمت الأزمات , وفقا لهذا الإضطراب المصنّع في مختبرات إبادة الشعوب وافتراس الحضارات.
وفي زمن يختلط فيه الحابل بالنابل , تكون الحكمة نوعا من الهذيان , والتعقل فعلا جبانا , وصوت الحق كفرا وبهتانا , فطبول الويلات تقرعها التداعيات , ونداءات الوعيد تطلقها الصراعات , بعد أن تحوّل الشر إلى دين , وفعل الخير مشين , والدين يفترس جوهر الدين , والناس في أنين , والأرض سابغة تلتهم الواعدين!!
فهل ستُدرَك اللعبة , وتُرفَع رايات المحبة , أم أنها كربة تلد كربة؟!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat