صفحة الكاتب : علي كريم الطائي

أمنيتي أن أكون مع كاظم
علي كريم الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كان يوم الثلاثاء 12/ 5 / 2015 في وسط بغداد بشارع السعدون حيث الحشود الكبيرة وهو
  يتقدم الجموع و يهتف ما بين الزائرين( المشايه) بصوته الجهوري لا أدري من أي محافظة لأن الجميع متساويين ألا بالأعمال وكنت أسارع المشي مع الجموع للحاق به فقلت له:
"بارك الله فيك " 
"وبيك أنشاء الله "
وهو لم  يلتفت ويبالي وكأنه مشغول بالهتافات فقلت :
له ما أسمك أيها الزائر؟
 وبنفس الطريقة " كاظم "فسكت وتبعها " وما أدراك ما كاظم " وصمت قليلا ثم قال:
 "عليه السلام"
 وما زال يهتف بالجموع و بتلك الهتافات الدينية التي تحث العراقيين على الأخوة والتكاتف فكان مسرعا حيث تقدمني كثيرا وتاه بين الحشود ألا ان دوى ذلك الانفجار الهائل واختفى صوت هتاف كاظم وخرجت أصوات أخرى تواصل المسيرة التي لم تتبعثر فالتحقت مسرعا لمكان  الانفجار والفعل المشين  لأرى بعض الإخوة والأصدقاء فغرورقت عينيً بالدموع مشهد يبكي ملائكة السماء مجموعه من الشيوخ والشباب والأطفال الغارقة بدمائهم الزكية وإذا بيً أشاهد كاظم مضرجا بدمائه والغريب في ذلك كان ضاحكا مبتسما وكأنه يقول : "للمجرمين منحتموني  حين أريد" أدركت حينها بأن كاظم كان يعي مايقول ولديًه ملفات للإمام الكاظم )ع) وقررت أن أدون ما بجعبت كاظم من سيرة للإمام الكاظم (ع)
أن موسى بن جعفر الصادق المنصوص بالإمامة من بعد أبيه بأمر من النبي ﴿ص ﴾كما روي الشيخ المفيد في الإرشاد  عن عبد الأعلى بن  فيض بن المختار  قال  : قلت لأبي عبد الله ع ويقصد الإمام جعفر الصادق  خذ بيدي من النار من لنا بعدك  ؟
قال فدخل أبو إبراهيم وهو يوم إذ غلام  
فقال "هذا صاحبكم فتمسك به  "وروى (رض) عن الفضل بن عمر الجعفي رحمه الله تعالى قال : كنت عند أبي عبد الله (ع) فدخل أبو إبراهيم موسى (ع) وهو غلام ، فقال لي أبو عبد الله : "استوصِ به وضع أمره عند من تثق به من أصحابك"
 أي هو السابع لأمة أهل البيت  كانت ولادته ضحوة يوم الأحد والذي يصادف السابع من شهر صفر من سنة 128 ﮬ وقد قيل  129ﮬ وذلك في أيام حكم عبد الملك بن مروان  في قرية اسمها الابواء وكان نسبه الشريف يرجع إلى الإمام  جعفر بن محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهم أجمعين أما أمه فهي حميدة وقد كانت رض عنها كأسمها حميدة الصفات وقد قال الإمام  جعفر الصادق ﴿ع ﴾
" أن حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب فهي حميدة في الدنيا  ومحمودة في الآخرة "  واختلف المؤرخون  في نسبها فقيل : إنها أندلسية، وتكنّى لؤلؤة ، وقيل : إنّها رومية ، وقيل إنها من أجلّ بيوت الأعاجم وقيل كانت في الأصل جاريه أشتراها الصادق ﴿ع ﴾فأولدت له الإمام الكاظم ﴿ع﴾ وهي  بنت صاعد البربري  هم قوم في المغرب العربي من أشراف البرابرة"حتى سأله أحد محبيه  " جعلناك فداك يا سيدي مافعلت حميدة ؟ "
فبشرهم بمولودة المبارك وعرفًهم عظيم أمره قائلا 
" فدونكم فوالله هو صاحبكم "
 ومنذو كان فتى أو حتى حدثا يحدثنا التاريخ أخبار مليئة عن سعة علم الإمام الكاظم ﴿ع ﴾ودقة أحكامه بأجوبته العجيبة والمذهلة  ومحاجاته ألمفحمه مع كبار العلماء والعارفين بالإحكام والسنن ومن ذلك ما نقل ، من أن أبا حنيفة دخل المدينة المنورة في أيام الإمام الصادق (ع) ومعه عبد الله بن مسلم ، فأراد الذهاب للإمام الصادق (ع) ليرِدا على الإمام الصادق (ع) ويسأله من مسألة يخجلاه أمام أصحابه - على حد زعمهم- ، فأتيا باب الإمام الصادق (ع) والناس ينتظرون خروجه (ع) ، وقبل خروج الإمام الصادق خرج عليهم من الدار غلام حدث السن ، فقام الناس أجلالا وهيبة له ، فسأله أبو حنيفة صاحبه عبد الله عن الغلام ،
 فقال :هذا ابنه موسى 
 فأراد أبو حنيفة أن يمتحنه فتقدم إلى الإمام موسى بن جعفر وسأله
" يا غلام أين يضع الرجل حاجته ؟"
 فرد الإمام بما معناه يضعها في مكان بحيث يتوارى فيهِ عن الأنظار ، ولا يستقبل القبلة ولا ستدبرها ، ثم شرح له الإمام واجبات ومستحبات ومكروهات التخلي ، فبهت أبو حنيفة ، لأن أبا حنيفة يعتقد أن الإمام موسى (ع) سيجيبه عن معنى وضع الرجل حاجياته أي أغراضه وثيابه ، وكان قصد أبي حنيفة الخلاء ، فكيف عرف الإمام بقصد أبي حنيفة ؟ وزاد هذا من إكبار أبي حنيفة للإمام . ثم سأله عن المسألة التي يريد من الإمام الصادق (ع) جوابها : فقال للإمام موسى (ع) "يا غلام ، ممن المعصية ؟ 
قال الإمام (ع) "يا شيخ إن المعصية لا تخلوان تكون واحدة من ثلاثة  إما أن تكون من الله تعالى ، ولا يأتي العبد شيئاً منها ، فليس للحكيم عندئذٍ إن يأخذ عبده بما لم يفعله ، وإما أن تكون من العبد ومن الله معاً ، والله أقوى الشريكين ، فليس للشريك الأكبر أن يأخذ الشريك الأصغر بذنبه ، وإما أن تكون من العبد ، وليس لله شيء منها ، فالأمر عندئذٍ لله ، إن شاء عفا وأن شاء عاقب ،
 فأصابت أبا حنيفة سكته ولم يرد على الإمام (ع) بكلمه.
عاش الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) خمساً وخمسين سنة ، أقام فيها مع أبيه الإمام الصادق (ع) عشرين سنه وأما منزل أبيه الصادق فكان منزل العلم والحكمة بل هي كالجامعة تزداد على الدوام بالعلماء الكبار في الحديث والتفسير والحكمة والكلام ، وكانت السنوات الخمس والثلاثون الباقية مدة إمامته وخلافته بعد أبيه (ع) وهي الفترة التي عاشها في أواخر حياة والده الصادق ﴿ع ﴾ .وبعد وفاته كانت فترة علمية حساسة جداً في تاريخ المسلمين حيث سيطرت فيها الفلسفة اليونانية على الفكر العام، وكثرت فيها الاتجاهات الفكرية وتنوّعت، وامتد ذلك إلى صلب العقيدة والدين، فمنها حركات تدعو إلى الإلحاد وأخرى حركات فلسفية تشكك في بعض العقائد الدينية، فالأمام الكاظم كان يتصدى و يتحمل مسؤوليته الحقيقية من الناحية العلمية والدينية فواصل منهج أبيه الصادق في رئاسة المدرسة التي أسسها هو وأبوه الباقر.  
                 أن الامام موسى بن جعفر الكاظم كان حسن الوجه شديد السمره نحيف الجسم وهيبته كهيبة الانبياء وملامحه بسيماء الأمة الطاهرين كأبائه فما راه أحدا ألا أصابته الهيبه والسكينة  لما له من اثر وردة فعل ايجابيه بثقة وامانة يمنحهما صفاء ذاته التي لم تتلوثه يوما  الحياة برذائلها . وله كرامات كثيرة يعرفها الداني انذاك والقاصي لذلك يشع نورا وبهاءا وايضا كان الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع ) له 23  من الساده الاولاد و37 من السيدات البنات وقد كان لكل واحد من ولده (ع) فضل ومنقبه ، ولكن الإمام الرضى (ع) هو المقدم عليهم من جميع جهات الفضل والعلم والتقى ، وكان رجلاً كريماً شجاعاً ، وقد تقلد الأمرة على اليمن في أيام المأمون على العباسيين
                قضى الأمام (ع) فترة من حياته في ظلمات السجون يُنقل من سجن إلى سجن ، فقد سجنه محمد المهدي العباسي ، ثم أطلقه وسجنه هارون الرشيد في البصرة  ، ثم نقله إلى سجن الفضل بن الربيع في بغداد ، ثم نقله إلى سجن آخر عند الفضل بن يحيى ، وآخر سجن نقل إليه في بغداد وهو سجن السندي بن شاهل ( لعنة الله عليهم أجمعين) وكان أشد السجون عذاباً وظلمة ، وكان لا يُعرف الليل من النهار فيه .
لقد تحمل هذا الإمام الغريب المظلوم المعصوم (ع) من ملوك زمانه ومن الساعين إليهم في حقه (ع) ومن الحساد والفسقه وقد أذى كثيراً بمصائب عظيمة، وبخاصة منهم اللعين محمد المهدي الذي عزم على قتل الإمام (ع) ولكن الله خذله حتى قتله ، وبعده ابنه هارون الرشيد الذي أشخص الإمام (ع) من المدينة وسجنه مرتين .
وكان ألسندي بن شاهك شديد النصب والعداوة لآل الرسول (ص) إلى أن أمره الرشيد بسم الإمام (ع) ، فقدم إليه عشر حباتٍ من التمر المسموم ، أجبره على أكلها ، فتناولها الإمام (ع) وتمرض من ذلك ثلاثة أيام ، استشهد بعدها مظلوماً في السجن المظلم تحت القيود والأغلال أواخر يوم الجمعة في الخامس والعشرين من شهر رجب من سنة ثلاث وثمانين بعد المائة من الهجرة الشريفة .
وقد أخرجوا جنازته المقدسة  بالذل والهوان ، ووضعوها على جسر الرصافة ببغداد ، حيث بقيت ثلاثة أيام ، والمنادي ينادي هذا إمام الرافضة ، إلى ان علم بذلك سليمان عم الرشيد ، فأمر بحملها مكرمة معظمة ، وغير النداء بقوله : 
ألا فمن أراد يحضر جنازة الطيب ابن الطيب والطاهر بن الطاهر فليحضر جنازة موسى بن جعفر (ع) ثم غسل وكفن بكفن ثمين ، وأمر بتشييع الجنازة ، ودفن )ع) في الجانب الغربي من بغداد ، في المقبرة المعروفة بمقابر قريش جانب الكرخ ببغداد ومرقده المقدس يسمى الآن باسمه منطقة الكاظمية. 
كنت أتمنى من كاظم أيقرأ ما كتبت عن سيدي وسيده الإمام موسى الكاظم وان يقرأ ما قالت الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة
في دجى الليل العميق                                                     
رأسه النشوان ألقوه هشيما                                                     
وأراقوا دمه الصافي الكريما                                                    
فوق أحجار الطريق                                                      
 
ومن القبر المعطّر                                                          
لم يزل منبعثا صوت الشهيد                                                 
طيفه أثبت من جيش عنيد                                                  
جاثم لا يتقهقر                                                        
وفي مقطع آخر تقول:
فليجنّوا إن أرادوا  
دونهم..وليقتلوه ألف قتله  
فغدا تبعثه أمواج دجله   
وقرانا والحصاد     
 
يا لحمقى أغبياء   
منحوه حين أردوه شهيدا  
ألف عمر , وشبابا , وخلودا ,
وجمالا , ونقاء

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي كريم الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/14



كتابة تعليق لموضوع : أمنيتي أن أكون مع كاظم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net